بينما يحتفل العالم باليوم العالمي للاجئ في 20 يونيو/حزيران، يجب أن نتذكر أن أزمة اللاجئين ليست هي فقط التي تعوق جهود التنمية في العديد من الأقطار. هناك أيضا أزمة في طور الظهور تتعلق بمن طُردوا من ديارهم وانتقلوا إلى جزء آخر من البلاد، وهم من يطلق عليهم النازحون داخليا. إنها مشكلة متزايدة تواجهها العديد من البلدان، وتلقي بضغوط اجتماعية وسياسية هائلة تحتاج إلى المواجهة.
وفي أفغانستان، هناك ما يقرب من 1.2 مليون نازح داخليا نتيجة انعدام الأمن أو الاضطرار إلى مغادرة منازلهم بسبب الكوارث الطبيعية. هذا بالإضافة إلى ما يقرب من ستة ملايين شخص عادوا إلى أفغانستان منذ عام 2002، ما يعني أن واحدا من بين كل خمسة أفغان من العائدين إلى بلادهم. وفي عام 2016، عاد أكثر من 620 ألف أفغاني من باكستان وحدها.
تلقي الأعداد الكبيرة للعائدين والنازحين ضغوطا هائلة على البنية الأساسية الاجتماعية والاقتصادية الهشة بالفعل، مما يشكل تهديدا للاستقرار الإقليمي.
في البداية، عندما توليت منصبي كمدير لمكتب أفغانستان بالبنك الدولي، صُدمت بمحنة العائدين والنازحين داخليا وبالضغوط الشديدة التي تتعرض لها الحكومة الأفغانية في التصدي لها. في الأيام الأولى من وظيفتي والتي تعود إلى نوفمبر تشرين الثاني 2016، زرت مكتب مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين على مشارف كابول. المركز بمثابة أول نقطة دخول للعائدين حيث يمكنهم الحصول على المساعدات- التي تشمل أموالا نقدية- وحضور جلسات التوعية والأمان لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع بشكل أفضل.
كما أتيحت لي الفرصة لكي أرى وجها لوجه التحديات التي يواجهها النازحون أثناء لجوئهم المؤقت في أحد أحياء مدينة كابول. حياة النازحين صعبة حيث يعيش الكثير منهم بدون الغذاء الملائم أو المأوى الآمن. وازداد الوضع سوءا مع مغادرة الكثير من النازحين لبيوتهم وهم لا يحملون شيئا سوى ملابسهم على ظهورهم. قال أفضل خان، البالغ من العمر 50 عاما والذي يقطن حي أتشين في إقليم نانغرهار "هربنا إلى كابول لا نحمل شيئا من بيوتنا بسبب الحرب وانعدام الأمن." هرب أفضل عام 2015 وانتهى به المطاف مع 14 من أفراد العائلة في منطقة عشوائية في الحي 21 من مدينة كابول.
حتى مع بحث العائدين والنازحين عن عمل، فإن انعدام فرص العمل يحول دون استقلالهم ماليا. وكما أشار أفضل، فإن "فرص العمل محدودة وليس لدينا مصدر للدخل." يمكن لأعمال الإغاثة، ومعها الاستثمارات الإنمائية، أن تقدم حلولا مستدامة للنازحين والعائدين والمجتمعات التي تستضيفهم. ومن ثم، فإن البنك الدولي يدعم إطار السياسات الذي وضعته حكومة أفغانستان والذي يرمي إلى الدمج الناجح والآمن للعائدين والنازحين في النسيج الاجتماعي والاقتصادي لأفغانستان.
هذا الدعم يبني على البحوث المشتركة بين البنك الدولي ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين لدمج العائدين والنازحين في أفغانستان.
الأسلوب المنهجي للتصدي لأزمة العائدين والنازحين يعني أن العمل سيحتاج إلى توجه أكثر شمولا نحو المشكلة. على سبيل المثال، سيتم تنفيذ وثيقة المواطن لمشروع أفغانستان أولا في الأقاليم التي تستضيف النازحين والعائدين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن البنك يقدم 127.7 مليون دولار إضافية للمشروع لزيادة حزمة تقديم الخدمات، وفرص العمل الطارئة على المدى القصير من خلال الأشغال العامة كثيفة العمالة. هذا التمويل سيدعم أيضا الإجراءات المنسقة التي تتجاوز الأشغال العامة في المجتمعات المحلية حيث يتخذ النازحون ملاذا مؤقتا وتقوم الحكومة بإعادة توطين العائدين.
المنحة المقدرة بنحو 127.7 مليون دولار، والتي تمت الموافقة عليها في 13 يونيو/حزيران، ستقدم من قبل صندوق الطوارئ الإقليمي للاستجابة للنزوح والتابع للمؤسسة الدولية للتنمية. وترمي هذه المنحة إلى زيادة تعزيز الدمج الاجتماعي وحماية الفقراء فقرا مدقعا والمحرومين في المجتمعات المحلية بالمدن والريف.
وفيما يستفيد أغلب العائدين والنازحين من البرامج والمشاريع الحكومية الأكبر والأوسع نطاقا، سيضمن البنك الدولي، الذي يعد واحدا من المساهمين الرئيسيين في ميزانية التنمية الحكومية، أن تكون المساعدات أكثر شمولا لتصل إلى كافة فئات المجتمع الأفغاني.
وكما كان البنك الدولي يفعل على مدار 15 عاما مضت، فإنه سيواصل دعم التنمية في أفغانستان وسيعمل جاهدا على مساعدة جميع الأفغان لتأمين مستقبل أكثر رخاء وسلاما.
انضم إلى النقاش