نشر في أصوات

تحويل الإمكانات الرقمية إلى تقدمٍ يعود بالنفع على الناس

الصفحة متوفرة باللغة:
تحويل الإمكانات الرقمية إلى تقدمٍ يعود بالنفع على الناس تناقش مذكرة سياسات جديدة صادرة عن البنك الدولي كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعود بالنفع على الناس. حقوق الطبع والنشر: إد راي/البنك الدولي

في ظل التطور السريع الذي يشهده الاقتصاد العالمي اليوم، لا يزال رأس المال البشري - أي الصحة والمهارات والمعارف الجماعية - هو أساس النمو الاقتصادي. وفي العصر الرقمي، هناك ركيزة جديدة للرخاء تتمثل في قدرتنا على الوصول إلى التقنيات الرقمية والاستفادة منها بصورة فعالة. ويُعد بناء رأس المال البشري والاستفادة منه وتبني الابتكار الرقمي عاملين أساسيين لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير الوظائف.

وتناقش مذكرة السياسات الجديدة للبنك الدولي التي صدرت بعنوان "من الطموح إلى الإنتاجية: تسخير التكنولوجيا الرقمية لمنفعة الناس وتوفير الوظائف" كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعود بالنفع على الناس، وتقدم إستراتيجيات لإعطاء الأولوية للأفراد والتشغيل، وتحدد الخطوات الملموسة التي يمكن للحكومات اتخاذها لتعظيم هذا الأثر.

بإمكان التكنولوجيا الرقمية أن تُحدث تحولاً في رأس المال البشري

عندما نضع الناس في صدر أولوياتنا، يمكن أن تصبح التكنولوجيا أداةً قوية لحل التحديات الإنمائية الكبرى وتحسين إمكانية حصول الجميع على الخدمات الحيوية. ولكي تُحدث هذه الأدوات الرقمية أثراً حقيقياً، يحتاج الناس إلى المهارات اللازمة لتصميمها واستخدامها، بل وحتى تكييفها. وهذا يعني أن تعزيز رأس المال البشري اليوم يتطلب تبني القدرة على التعامل مع العالم الرقمي في العمل وفي جوانب الحياة اليومية.

ونشهد في جميع أنحاء العالم أمثلةً ملهمةً على أثر التكنولوجيا في الارتقاء بحياة الناس في المجالات التالية:

  • الرعاية الصحية: ساعدت الحلول الرقمية في فرز المرضى ودعم تشخيص حالاتهم. على سبيل المثال، في كينيا، استخدمت مؤسسة بيندا للرعاية الصحية (Penda Health) خدمة الاستشارات الطبية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتحسين الرعاية التي يقدمها الأطباء للمرضى.
  • التعليم: في ليما، بيرو، يسهم برنامج "Copilot" في مساعدة المعلمين على وضع خطط دروس مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الطلاب. وفي نيجيريا، ساعدت روبوتات الدردشة طلابَ المدارس الثانوية على التحسن في اللغة الإنجليزية خلال ستة أسابيع فقط - وهو مستوى من التحسن كان يستغرق عادةً عاماً دراسياً كاملاً لتحقيقه.
  • الشمول المالي:  في باكستان، قام البنك الدولي، بمساعدة من برامج الذكاء الاصطناعي، بتطوير خوارزميات لتحسين إدارة قروض تمويل الإسكان للأسر في القطاع غير الرسمي.

لكن الفجوة الرقمية لا تزال حقيقةً واقعة. ففي العديد من المجتمعات، لا سيما بين الفئات السكانية الأكثر احتياجاً، لا تزال الأدوات الرقمية بعيدة المنال، والأجهزة باهظة الثمن، والاتصالات بشبكة الإنترنت غير ميسورة التكلفة وغير منتظمة بشكل دائم. وحتى في الحالات التي تتوفر فيها إمكانية الوصول الرقمي، غالباً ما تقتصر المبادرات الرقمية على قطاعات فردية مثل وزارة الصحة أو التعليم، مما يحجب المعلومات التي يمكن استخدامها لتحقيق الصالح العام للأفراد أو المجتمع.

بالإضافة إلى ما سبق، هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الشواهد والأدلة على التقنيات التي تعمل على أفضل وجه في سياقاتٍ محددة، وكيفية إدارة المخاطر المرتبطة بها بفاعلية. ويؤدي هذا الغموض وعدم اليقين، في ظل التنافس بين العديد من الحلول الإنمائية الأخرى التي أثبتت جدواها للحصول على التمويل، إلى صعوبة إعطاء الأولوية للتكنولوجيا، على الرغم من إمكاناتها الكبيرة لتسريع وتيرة التنمية.

ما الإجراءات التي يمكن للحكومات اتخاذها؟ أربع أولويات للعمل الإنمائي المراعي لمصالح الناس

على الرغم من الفجوات المشار إليها آنفاً، هناك إجراءات يمكن للحكومات اتخاذها لوضع الأساس الذي يضمن استخدام البيانات والتكنولوجيا لصالح الناس. وتتناول مذكرة السياسات أربعة مجالات استثمار رئيسية لبناء مستقبل قائم حقاً على التكنولوجيا الرقمية ويراعي مصالح الناس، وهذه المجالات هي:

  1. توسيع إمكانية الوصول الرقمي والمهارات الرقمية. الاستثمار في تقوية شبكات الاتصال الإلكتروني، وتيسير تكلفة الحصول على الأجهزة، وانتظام إمدادات الكهرباء، فضلاً عن التوسع في برامج التدريب والمعرفة الرقمية. وهذه هي العناصر الأساسية التي تؤدي إلى إتاحة الفرص وتحفيز النمو الاقتصادي.
  2. إقامة بنية تحتية رقمية متكاملة. نظراً لأن التصدي للتحديات التكنولوجية يتطلب تعاونًا سلسًا بين جميع الوزارات، يجب كسر الحواجز بين وحداتها عن طريق ربط الخدمات في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، يقوم البنك الدولي بمساندة نيجيريا من خلال برنامج "HOPE"، الذي يساعد على بناء منصات رقمية لتبادل البيانات الصحية، وتحسين المساءلة، وتطوير المهارات الرقمية الأساسية.
  3. بناء شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص. تعزيز التعاون لتعزيز الاستثمار وتحفيز الابتكار وتوفير الوظائف. ويتطلب هذا أدواراً واضحة، ولوائح تنظيمية رشيدة، وقيماً مشتركة لضمان المنفعة المتبادلة. ففي إندونيسيا، يقوم البنك الدولي بمساندة نظام الهوية الرقمية "InaPas"، الذي سيسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في المشهد الرقمي، فضلاً عن التوسع في الخدمات المالية الرقمية.
  4. حماية الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية. تطبيق أنظمة حوكمة رقمية قوية، وتقديم دعم منسق، وبناء أنظمة شاملة تدير المخاطر بفاعلية دون خنق الابتكار، مما يضمن وصول منافع التكنولوجيا إلى الجميع، لا سيما من هم في أمسّ الحاجة إليها.

 

الخلاصة: منفعة الناس قبل كل شيء

التكنولوجيا وحدها لن تحقق التنمية، ولكى يتسنى تحقيق إمكاناتها بشكل كامل، علينا أن نعطي الأولوية للناس قبل كل شيء. وهذا يعني تنفيذ استثمارات إستراتيجية في مجالات الصحة والتعليم والحماية والمهارات الرقمية، حتى يتمكن الناس من المشاركة في الابتكار والاستفادة منه وحمايتهم من الضرر. وبالنسبة لواضعي السياسات، تُعد المواءمة بين رأس المال البشري والإستراتيجيات الرقمية أمراً ضرورياً لتحقيق النمو الشامل للجميع والأثر الإنمائي طويل الأجل. 

ما هي برأيك أهم الخطوات التي يجب على الحكومات اتخاذها لضمان تسخير التكنولوجيا الرقمية لتكون حقاً في خدمة الجميع؟


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000