نشر في أصوات عربية

التعامل مع العادات الاجتماعية لتمكين القوى العاملة النسائية في العراق

الصفحة متوفرة باللغة:
An opthalmalogist in Basra, Iraq, looks at lab results. An opthalmalogist in Basra, Iraq, looks at lab results.

في يوم المرأة العالمي للمرأة، نسلط الضوء على أهم المعوقات أمام مشاركة المرأة في القوى العاملة في العراق من أجل تشكيل السياسات والبرامج المستقبلية لتعزيز المساواة في سوق العمل لجميع الأفراد. 

يشهد العراق واحداً من أدنى معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة (11%) بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا يمثل هذا الرقم تفاوتًا بين المرأة والرجل فحسب؛ بل إنه يمثل أيضًا فرصة ضائعة لتحفيز التنمية الاقتصادية. وفي الواقع، فإن الزيادة المتوقعة بمقدار 5 نقاط مئوية في مشاركة الإناث في القوى العاملة بالعراق بحلول عام 2025، بما يتماشى مع أهداف السياسات الحكومية، من شأنها أن تعزز من إجمالي الناتج المحلي بما يقدر بنحو 1.6 نقطة مئوية، مما يؤدي إلى دفع عجلة الانتعاش الاقتصادي، وكذلك خفض معدلات الفقر.   

 

 إعادة تشكيل الأعراف الاجتماعية يمكن أن تساعد في تشجيع النساء في العراق على المشاركة في البحث عن عمل والعمل. الصورة: البنك الدولي.
 إعادة تشكيل الأعراف الاجتماعية يمكن أن تساعد في تشجيع النساء في العراق على المشاركة في البحث عن عمل والعمل. الصورة: البنك الدولي.

 

ومن أجل فهم الدوافع الاجتماعية الكامنة وراء انخفاض معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة في العراق، واستكشاف سبل تمكين المرأة في القوى العاملة العراقية، قمنا بعمل استطلاع بين مارس/ آذار، وأبريل/ نيسان 2021 لما يقارب من 2000 فرد، ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و55 عامًا، يعيشون في مناطق حضرية في بغداد والبصرة ونينوى، باستخدام إطار بيتشيري لتشخيص العادات الاجتماعية. ومن بين الذين شملهم الاستطلاع، هناك 34% من النساء و59% من الرجال لديهم عمل. ومن بين المشاركين الذكور، كان لدى 27% منهم أقارب إناث (زوجة أو أخت أو ابنة) من العاملات، في حين أن 73% لم يكن لديهن عمل. تتوفر تحليلات المسوح الاستقصائية التفصيلية والتوصيات الخاصة بإطلاق العنان للتنمية الاقتصادية من خلال مشاركة الإناث في القوى العاملة في العراق في هذا التقرير.

 

تكشف البياناتُ عن سبع رؤى مقنعة، هي كما يلي:  

  1. يؤيد 88% من المشاركين عمل المرأة. كما أن 81% من المشاركين لم يعترضوا على عمل المرأة خارج المنزل، ولم يعترض 82% من المشاركين على عمل المرأة المتزوجة.  

  1. تبدأ هذه الموافقة في التضاؤل حينما تصبح ظروف العمل أقل ملاءمة للنساء من وجهة نظر ما يتوقعه المجتمع. وينخفض تأييد عمل المرأة إلى 57% لأماكن العمل المختلطة بين المرأة والرجل، وإلى 37% إذا عادت المرأة إلى المنزل بعد الساعة 5 مساء.  

  1. بالغ المشاركون في تقدير النسبة المئوية الفعلية للنساء العاملات في مجتمعاتهن (حيث اعتقدوا أنها 40%، في حين أنها في الواقع منخفضة وتصل إلى 12%).  

  1. على النقيض من ذلك، قلل المشاركون من تقدير تأييد المجتمع لعمل المرأة، معتقدين أن 38% فقط في المنطقة التي يعيشون بها يؤيدون عمل المرأة، بينما تبلغ النسبة الفعلية 88%.  

  1. بالإضافة إلى ذلك، في حين أعربت 52% من النساء غير العاملات عن رغبتهن في العمل، خاصة إذا كان الأمر يلقى تأييداً من الزوج أو الوالد (75%)، فإن 10% منهن فقط يبحثن بصورة جدية عن عمل.  

  1. تشمل الحواجز الرئيسية التي تحول دون التحاق المرأة بالقوى العاملة مسؤولياتِ رعاية الأطفال (32% من النساء غير العاملات يفضلن رعاية أطفالهن على العمل)، وفرص العمل غير المناسبة (15%)، ونقص التأييد الأسري، فضلاً عن تثبيطهن عن العمل من جانب الأزواج (13%). وكما يظهر التقرير الرئيسي، فإن قلة توفر دور رعاية الاطفال ذات الجودة العالية وبأسعار مناسبة، وكذلك تفضيل التنشئة الشخصية للأطفال مقابل الترتيبات الرسمية لرعاية الأطفال، تلعب دورًا في الحد من الفرص الاقتصادية المتاحة للمرأة.  وفي العراق نجد أن ما يقارب من 1%  فقط من الاطفال هم من يستفيدون من خدمات رعاية الاطفال الرسمية، فإن الاعراف الاجتماعية تواجه تحديا يتمثل في أن 49 بالمائة من الامهات العاملات يطالبن بخدمات رعاية الاطفال. 

  1. تُحد القيود المفروضة على التنقل والعادات الاجتماعية من خيارات عمل المرأة، حيث يوافق 4% فقط من الرجال على عمل زوجاتهم خارج المنزل بعد الساعة الخامسة مساء، أو العمل في القطاع الخاص، أو الاختلاط بالرجال في أماكن العمل. وتفضل نحو نصف النساء (47%) وظائف القطاع العام بسبب قلة ساعات العمل، والمزايا، والاتساق مع الأعراف والعادات الاجتماعية، مما يسلط الضوء على التأثير الكبير لهذه القيود المجتمعية على خيارات عمل المرأة.     

وتواجه المرأة العراقية قيودًا قانونية وقيودًا أخرى في الأسواق. وكشفت دراستنا التحليلية أن الأعراف الاجتماعية التي تتشكل من المعتقدات الشخصية، وتوقعات الأسرة، والقوالب النمطية المتعلقة بنوع الجنس، تؤثر بشكل كبير على قرارات عمل المرأة. ومن أجل تعزيز مشاركة الإناث في القوى العاملة، والمساعدة في المساهمة في التنمية الاقتصادية في العراق، تُعد إعادة تشكيل هذه الأنماط الفكرية أمرًا بالغ الأهمية.  

وبالاستناد إلى نتائج المسح، يمكن تقديم العديد من الاقتراحات الخاصة بالسياسات والبرامج، ويتم بالفعل  الكثير منها من خلال برنامج تمكين المرأة في المشرق التابع للبنك الدولي. تشمل التوصيات إدخال ترتيبات عمل أكثر مرونة، ومعالجة تفضيلات المرأة في التنقل لمسافات قصيرة، وتقليل ساعات العمل، وترتيبات العمل المرنة، مثل العمل عن بعد، لجعل الفرص الحالية أكثر جاذبية: 

  • وبالاستناد إلى نتائج المسح، يمكن تقديم العديد من الاقتراحات الخاصة بالسياسات والبرامج، ويتم بالفعل  الكثير منها من خلال برنامج تمكين المرأة في المشرق التابع للبنك الدولي. تشمل التوصيات تطبيق ترتيبات عمل أكثر مرونةالنظر بعين الاعتبار لما تفضله المرأة العاملة من التنقل لمسافات قصيرة، وخفض ساعات العمل، والمرونة في ترتيبات العمل مثل العمل عن بعد، وذلك من أجل أن تكون فرص العمل المتاحة حاليًا أكثر جاذبية. 

  • دعم خدمات رعاية الأطفال: التغلب على العائق المتمثل في مسؤوليات رعاية الأطفال، عن طريق تسهيل سبل الحصول عليها، وزيادة خدمات رعاية الأطفال ذات الجودة العالية وبأسعار معقولة، وتشجيع الأسر على الاستفادة من هذه الخدمات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين جانب العرض وتغيير المفاهيم بشكل إيجابي حول دور رعاية الأطفال إلى جانب دور الآباء والأمهات. 

  • تشجيع أنشطة البحث عن عمل: ينبغي أن تواصل الأبحاث دراسة أسباب عدم سعي النساء غير العاملات للحصول على وظيفة، وذلك بغرض تصميم إجراءات تدخلية تشجع مشاركتهن في أنشطة البحث عن عمل. 

  • معالجة المفاهيم الخاطئة بشأن القبول الاجتماعي للمرأة العاملة: وضع إستراتيجيات اتصال لمعالجة المفاهيم الخاطئة بشأن القبول المجتمعي لعمل المرأة وإظهار النساء العاملات الناجحات كنماذج يُحتذى بها في المجتمع. 

  • مساندة الأعمال التجارية من المنزل: الاستفادة من وجهات النظر الإيجابية بشأن النساء اللائي يقمن بأعمال منزلية من خلال ربط النساء المهتمات بالبرامج التي تتيح الحصول على التمويل والدعم الفني والتدريب. 

ولا تقتصر المساواة بين الجنسين، في سوق العمل، على تعزيز إحصاءات العمل أو تحقيق النمو في إجمالي الناتج المحلي فقط، بل تتعلق أيضًا بتمكين النساء والفتيات. كما أنها خطوة حاسمة صوب خلو العراق من الفقر، وتمتع المجتمع العراقي بالإنصاف والازدهار. اقرأ تقريرنا وقم بزيارة موقعنا الإلكتروني لمعرفة المزيد عن كيفية استخدام البنك الدولي للرؤى السلوكية في مكافحة الفقر في العالم.  

 


بقلم

ثريا الخليل

ممارسة التنمية في مجال التنمية- المشرق، البنك الدولي

تالا اسماعيل

خبيرة اقتصاد، لبنان، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000