نشر في أصوات عربية

لمحة عن الكهرباء في اليمن: المساعدة في تعزيز الطاقة الشمسية من خلال ريادة الأعمال والابتكار بقلم: سارة بديع

الصفحة متوفرة باللغة:
كان للصراع المستعر في اليمن منذ أوائل 2015 تأثير مدمر على البنية التحتية. فصنعاء أكبر مدن اليمن التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة تعيش بالكامل بدون شبكة كهرباء. وفي واقع الأمر، كانت ست مدن من كل 10 مدن تم مسحها في منتصف 2017 من قبل البنك الدولي، في إطار المرحلة الثانية من تقرير تقييم الأضرار والاحتياجات في اليمن، لا يمكنها الحصول على الكهرباء العامة، بينما في المدن الأربع الباقية لا يتوفر التيار الكهربي إلا بضع ساعات يوميا. 
  
أن نقص الوقود وارتفاع الأسعار تسببا في انخفاض توليد الكهرباء باستخدام الوقود بنسبة 77% بين عامي 2014 و 2015. وفي نفس الفترة، انخفضت انبعاثات الأضواء الليلية من اليمن بمقدار الثلثين.
 
وتأثرت بشدة مرافق البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات وآبار المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي والأنظمة المصرفية وشبكات الهاتف. وفقد الناس موارد رزقهم، بما في ذلك في الزراعة والري، التي تشكل نحو 80% من الاقتصاد اليمني.
 
  Image Image
الشكل 1: تشير صور الأقمار الصناعية في الفترة من 2012 حتى 2016 إلى انخفاض استهلاك الكهرباء.  ملاحظة: تنبع انبعاثات الأضواء في مأرب وسيئون جزئيا من حرق الغاز.
  Image
الشكل 2: صور أرضية لمدينة تعز ليلا في أبريل/نيسان 2012 ويونيو/حزيران 2016

ونتيجة لذلك، تشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن ما يقرب من 20 مليون شخص، أي نحو ثلثي السكان، في حاجة ماسة إلى الغذاء والمياه والرعاية الصحية الأساسية - وهي قطاعات تعتمد جميعا بشكل كبير على الكهرباء. 
 
ووسط الظلام، برز قطاع الطاقة الشمسية في اليمن كقصة نجاح نادرة. فقد ازدهرت صناعة وثورة الطاقة الشمسية في هذه الظروف البائسة، وتكتمل من خلال شبكات سلاسل التوريد المعقدة التي تربط كبار الموردين الدوليين بالتجار المحليين الذين يمتدون من المتاجر الصغيرة في كل شارع، وصولا إلى الموانئ الرئيسية ونقاط العبور البرية في اليمن.
 
Image
الشكل 3: ألواح شمسية معروضة للبيع في متجر بصنعاء
 
ووفقا لتقييم السوق الذي أجراه المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بتكليف من قطاع الممارسات العالمية للطاقة والصناعات الاستخراجية في البنك الدولي، فقد وصلت أنظمة الطاقة الكهروضوئية الشمسية إلى 50% من المنازل في المناطق الريفية باليمن وما يصل إلى 75% في المدن حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016.  وتوصل مسح أجرته مؤسسة بيرسنت لاستطلاعات الرأي وتعزيز الشفافية في يناير/كانون الثاني 2017 إلى استنتاج مماثل، حيث وجد أن نصف اليمنيين يتمتعون بشكل من أشكال الوصول إلى الطاقة الشمسية خارج الشبكة الموحدة، حيث تصل المعدلات في بعض المحافظات إلى أكثر من 80%. وعلاوة على ذلك، أظهر مسح أجراه برنامج الأغذية العالمي عبر الهاتف في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أنه بالمقارنة مع المولدات والشموع والبطاريات والشبكة الموحدة، تعد الطاقة الشمسية المصدر الرئيسي للطاقة المنزلية في 14 من 22 محافظة. وأظهرت الدراسة أيضا أنه بالمقارنة مع المولدات- ثاني أكبر مصدر للطاقة- يبدو أن الطاقة الشمسية توفر الطاقة بشكل أكثر انتظاما للمنازل، فنحو 10% من 55% من المنازل التي تستخدم الطاقة الشمسية تعاني من نقص الطاقة مقارنة مع 10% من 23.7% من الأسر التي تعتمد على المولدات.
 
ورغم الأزمة، تزايدت الاستثمارات في القطاع. ويشير تقييم المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة إلى استثمار أكثر من مليار دولار في قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بالمنازل في اليمن على مدى السنوات الخمس الماضية.  وفي حين أن الازدهار السريع لصناعة الطاقة الشمسية  لم يسبق له مثيل في بلد يعاني من الصراع، فإنه دليل على صمود الشعب اليمني وتصميمه على أن يجعل مسألة الوصول إلى الطاقة تحت سيطرته.
 
ولسوء الحظ، فإن الطفرة السريعة في صناعة الطاقة الشمسية، إلى جانب الطلب الملح على الكهرباء، جعلت من مسألة ضمان الجودة أمرا ثانويا. فنقص المعرفة التقنية والوعي بشكل عام يعني أن الأنظمة يتم تجميعها على عجل باستخدام تصميمات متواضعة تعطي الأولوية للمكونات الأقل تكلفة وجودة، وللبدائل المتاحة بسهولة أكبر وليس البدائل الأعلى جودة. ونظرا لعدم وجود معايير للجودة على المستوى الوطني، فإن خدمات الدعم بعد البيع والصيانة الدورية ليست شائعة، مما أدى إلى انهيار معظم الأنظمة بعد بضع سنوات فقط من التشغيل.
 
ويتمثل التحدي الرئيسي الآخر في القدرة على تحمل التكاليف والحصول على التمويل. فيمكن للأسر الأكثر ثراء أن تتحمل تكاليف شراء أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية مباشرة كما يمكنها أن توفر الضمانات اللازمة للحصول على قروض مصرفية. وبالنسبة للغالبية العظمى من المستهلكين من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة- وكذلك بالنسبة للمرافق الحيوية بما في ذلك المستشفيات والمدارس- فإن نقص الأموال والضمانات يجعل من الصعب الحصول على أنظمة الخلايا الشمسية الكهروضوئية. ونتيجة لذلك، من الأرجح أن يختار اليمنيون تصميمات أرخص وأقل جودة يمكن أن تحبسهم في حلقة مفرغة من الفقر وعدم كفاية الطاقة. وبالفعل، ووفقا لمسح أجرته مجموعة البنك الدولي عبر الهاتف في عام 2017، فعلى الرغم من أن 55% من الأسر اليمنية تعتمد على الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للطاقة، فإن ما يقرب من 10% من تلك الأسر تظل تعاني من ضعف أمن الطاقة.
 
وبناء على النجاح الملحوظ الذي حققه قطاع الطاقة الشمسية في اليمن، والذي يهدف إلى علاج الثغرات وأوجه النقص المذكورة أعلاه، يقوم البنك الدولي بإعداد منحة بقيمة 50 مليون دولار بتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية (المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن). يهدف هذا المشروع إلى توسيع الوصول إلى الكهرباء والخدمات العامة المعتمدة على الكهرباء لسكان المناطق الريفية وأطراف المدن من خلال توزيع أنظمة الطاقة الشمسية.
 
 سيعمل المشروع من خلال مؤسسات التمويل الأصغر اليمنية لتوفير القروض الميسرة ومنح التمويل لكل من الأسر والقطاعات الحيوية التي تشمل الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي والزراعة. وتعتبر مؤسسات التمويل الأصغر في اليمن شريكا طبيعيا لهذا المشروع بسبب ما أظهرته من صمود في مواجهة الصراع المستمر وشبكاتها واسعة الانتشار، وكذلك برامج الطاقة الشمسية القائمة، والعاملين المدربين. كما سيعمل المشروع مع القطاع الخاص المحلي لتوسيع نطاق سلاسل التوريد الخاصة به، وتعزيز معايير الجودة، وتحسين دعم ما بعد البيع من خلال تطوير الأعمال وبناء القدرات. وستجري العملية بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، الذي سيتعاقد مع شركاء محليين أثبتوا جدارتهم من خلال نجاحات سابقة.
 
أدى الصراع في اليمن إلى إعادة تصميم المخطط الأساسي لقطاع الطاقة المحلي من أجل الاعتماد على أنظمة الطاقة الشمسية المستدامة. ومن خلال الرعاية المناسبة، يمكن لقطاع الطاقة في اليمن فيما بعد الصراع أن يعوض سنوات ضائعة من إصلاح قطاع الطاقة، مما يمهد الطريق أمام أسلوب جديد تماماً لتوصيل الكهرباء للمستهلكين بطريقة قادرة على الصمود أمام الصدمات السياسية والاقتصادية والصراعات. في الواقع، يمكن لليمن أن يكون بمثابة بصيص من الأمل للمواطنين الذين يأملون في استعادة مقدراتهم من خلال ريادة الأعمال والابتكار في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها من المناطق.

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000