ستة طرق يمكن لدول مجلس التعاون من خلالها استخدام الطاقة المتجددة لإدارة مواردها المائية

|

الصفحة متوفرة باللغة

الصورة
Aerial View of Zour Thermal Power Plant in Kuwait.
لا تنفك تكلفة تأمين المياه والطاقة لنحو 60 مليون شخص ترتفع يوماً بعد يوم. (Photo credit: SCraitza/Shutterstock)

لطالما كانت المياه مصدراً للمخاطر والفرص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولعل ذلك يصحّ بدرجة أكبر بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. فمنذ آلاف السنين، ساهمت الاستثمارات والابتكارات في إدارة المياه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وفي تحقيق إنجازات ضخمة في مجموعة من القطاعات، بما في ذلك التجارة والزراعة. وقد بات دعم المياه والطاقة حالياً يزيد من اعتماد كل قطاع منهما على عائدات النفط. وفي منطقة تزداد فيها وطأة الحرّ والجفاف، لا تنفك تكلفة تأمين المياه والطاقة لنحو 60 مليون شخص ترتفع يوماً بعد يوم. 

غالباً ما تأتي الآثار السلبية على البيئة نتيجة لسوء إدارة قطاعَي المياه والطاقة. ويُعدّ الخليج والبحر الأحمر أكثر ملوحة بشكل طبيعي من محيطات العالم في المتوسط، بسبب معدلات التبخر المرتفعة وانخفاض تدفقات المياه العذبة فيهما. فنرى مئات محطات تحلية المياه تسكب نفايات شديدة الملوحة في المناطق الساحلية الضحلة، فيما تدعو خطط دول مجلس التعاون الخليجي إلى توسيع كبير لطاقة التحلية. 

وتؤدي النفايات السائلة التي تتخلص منها محطات التحلية الجديدة إلى حلقة مفرغة من عدم الاستدامة: فكلما زاد تركيز الملح في النفايات التي يتم تفريغها بالقرب من مآخذ المياه، كلما زادت الطاقة المطلوبة لإزالة الملح عند أخذ كميات جديدة من مياه البحر لتحليتها. أما نقص عمليات عدم التخلص من المحاليل الملحية الناتجة عن تحلية المياه أو عدم توفرها كلياً فيسهم في تدهور الحياة البحرية والساحلية كما أنه يؤثر في نهاية الأمر على مستقبل السياحة الساحلية. 

وإذا تُركت الأمور على حالها، من المتوقع أن تهدد هذه النفايات السائلة سلامة الأنواع البحرية وتنوعها بحلول العام 2050، بحيث تلحق الضرر بمصايد الأسماك والسياحة والمجتمعات الساحلية. علاوةً على ذلك، فإن السياسات الحالية لا تتصدى بشكل كافٍ لهذه التحديات. ومن غير المتوقع أن يشكل الاعتماد الشديد على الطاقة الرخيصة لضمان الأمن المائي على المدى الطويل مساراً مستداماً، كما ينبغي أن تركز جهود الإصلاح 

على إيجاد نهج استباقي ومنسق وكفيل بأن يؤدي إلى اقتصاد أخضر وشامل وأكثر قدرة على الصمود ومنخفض الانبعاثات الكربونية. 

يناقش تقرير البنك الدولي الجديد بعنوان "تقوية المعرفة بالروابط بين المياه والطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي" التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي في ضمان الاستدامة طويلة الأجل لاستخدام موارد المياه والطاقة الثمينة لديها. تم إعداد التقرير بالشراكة مع خبراء المياه والطاقة، كما يسلط التقرير الضوء على الفرص المتاحة لتحسين الوضع في المستقبل، وذلك بالاعتماد على بعض الابتكارات الرئيسية في إدارة أنظمة إمدادات الطاقة والمياه في المنطقة. 

ويتطلب التقدم على صعيد هذه الأجندة الحاسمة اتخاذ إجراءات على عدة مستويات، وهي كما يلي: 

  1. التحول نحو الاعتماد الأكبر على مصادر الطاقة المتجددة لتحلية مياه البحر. 
  2. توسيع نطاق استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. 
  3. اعتماد تدابير لتجديد الموائل البحرية. 
  4. الاستثمار في البحوث لدفع الابتكار في إدارة المياه. 
  5. اعتماد السياسات وأسعار الاستهلاك لتشجيع استخدام أكثر كفاءة للمياه. 
  6. الاستفادة من المياه العادمة كمورد له قيمته المعتبرة في تحسين مستوى الأمن المائي. 

إن المخاطر جد كبيرة؛ وهناك العديد من المسارات المحتملة على صعيد السياسات والتي يجب على دول مجلس التعاون الخليجي مراعاتها عند انتقالها إلى إدارة للطاقة والمياه تكون أكثر كفاءة و"صديقة للبيئة". 

ويجب استغلال تغير المناخ كفرصة لبناء القدرة على الصمود من خلال العلاقة بين المياه والطاقة. إن مخاطر المناخ حقيقية وتتفاقم، فارتفاع درجات الحرارة، وهطول الأمطار، وزيادة مستويات التبخر، وزيادة الطلب، والجفاف الممتد، كلها عوامل تهدد بمزيد من الضغط على موارد المياه. وتحتاج البلدان إلى زيادة الجهود للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه. 

تتطلب عملية تحلية المياه كميات هائلة من الطاقة (معظمها من الوقود الأحفوري في الوقت الحاضر). سيؤدي تعزيز الإنتاج الأكثر كفاءة إلى توفير المياه في نفس الوقت لتلبية الاحتياجات المستقبلية وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. 

لكن الطريقة الأسرع والأبسط والأنظف والأكثر تكلفة لمضاعفة سعة المياه أو الطاقة هي تقليل الاستهلاك، حيث يمكن للبلدان زيادة إمدادات الموارد عن طريق خفض الطلب. وعلى المدى الطويل، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي رفع مستوى إتاحة خدمات المياه والطاقة فضلاً عن تحقيق وفورات كبيرة فيهما من خلال التوسع في استخدام عدادات المياه وتسعير الاستهلاك وإعادة توزيع المياه الجوفية على المزارع. 

ومن بين السياسات الأخرى التي يمكن تطبيقها هي إعادة هيكلة أسعار الاستهلاك لتتناسب مع الإنصاف والحوافز المقدمة. وعلى الرغم من شح المياه، تعتبر أسعار الاستهلاك في دول مجلس التعاون الخليجي من بين الأدنى لإمدادات المياه وخدمات الطاقة، مما يؤدي إلى تسجيلها أعلى معدلات استخدام المياه والطاقة للفرد في العالم. حتى إن الدعم الذي يستهدف ضمان حصول الأسر المحتاجة بالفعل على مصدر للمياه يعد بمثابة "شريان حياة" يتم الاستحواذ عليه من جانب الأسر الميسورة. وقد اعتمدت عُمان نموذجاً يبيّن كيفية ضمان الاستهلاك العادل والفعال في آنٍ معاً، إذ يجمع بين الدعم الموجه للأسر ذات الدخل المنخفض وأسعار متدرجة ترتفع تبعاً لشريحة الاستهلاك. 

تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي لتغيير النظرة إلى مياه الصرف من مشكلة إلى مورد ثمين، حيث يؤدي الإخفاق في معالجة مياه الصرف الصحي إلى تلويث النظم البيئية البرية والبحرية. غير أن إعادة تدوير تلك المياه توفر وسيلة خضراء لا غنى عنها وبأسعار معقولة لزيادة إمدادات المياه والطاقة وتنويعها. وتشير التجارب الإقليمية الأخرى إلى أن منطقة مجلس التعاون الخليجي يمكنها أن تخصص ما يصل إلى 90% من مياه الصرف الصحي للاستخدامات الزراعية والصناعية والمنزلية. 

للانتقال نحو اقتصادٍ منخفض الانبعاثات الكربونية، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تسريع وتيرة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة. وهنا يأتي فصل إنتاج الماء عن استهلاك الوقود الأحفوري كأحد أهم الأهداف، حيث تعمل المملكة العربية السعودية على تحقيق هذا الهدف من خلال شروعها في إنشاء أكبر محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية في العالم، مما يسمح بالاحتفاظ بالوقود الهيدروكربوني للتصدير، والتخفيف من المخاطر المرتبطة بالأسعار، وتحقيق المستهدفات، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

بقلم

عصام أبو سليمان

المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي

أندرس جاجيرسكوج

أخصائي أول إدارة الموارد المائية بالبنك الدولي

انضم إلى النقاش

عبدالقادر
11/14/2022

إذا يمكن استغلال هذه المياه المستعملة في انتاج الهيدروجين بكثافة، ويمكن استغلالها في تخضير الصحراء، أونشر الغطاء الأخضر على الأقل في الفضاءات السكنية والسياحية كحزام واقي وكمنظر جمالي وكمسار بيئي.

Ali Alamari
01/24/2023

استخدام الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون موضوع مهم جدا لانه يواجهالعديد من التحديات

Ali Alamari
01/24/2023

مشكلة ندرة المياه في دول مجلس التعاون تحظى باهتما كبير من هذه الدول وهناك الكثير من السياسات ا لتي تم او يخطط لتبيقها لتوفي المياة ا لصالحة للاستخدام الادمي او للزراعة وغيرها و ان ال 6 نقلط المقترحة من قبلكم تحظي باهتمام كبير، لكها ايضا مكلفة جدا وان استخدام عائدات الطاقة قد لا يفئ بكل متكلباتها، اذ ان هذه العائدات تستخدم في امو تنموية اخرى ضرورية.