نشر في أصوات عربية

#مكّنها: استخدام التكنولوجيا لمساعدة النساء والشباب في تونس

الصفحة متوفرة باللغة:

 إنني فخورة باستمراري في دعم مهمة مجموعة البنك الدولي للقضاء على الفقر في العالم وتمكين المحرومين من الاعتماد على إمكانياتهم غير المحدودة من أجل التقدم.
 
بالنسبة لي، كان من بين نقاط الفخر في هذه المهمة أن رأيت شبابا طموحا من جهات فقيرة في تونس يأخذون منصّة المسرح الشهر الماضي لترويج حلولهم وتدشينها للمساعدة في الحد من التهميش الاقتصادي للنساء والشباب في تونس.
 
إن ما يؤلم في التهميش الاقتصادي هو أن يكون المرء شابا متعلما قادرا وعاطلا عن العمل في الوقت ذاته. وهذا التهميش يعني للمرأة أن تكون في منطقة ريفية تعاني نقصاً في الخدمات وعجزاً عن التحصّل على الخدمات الصحية والأسواق لبيع منتجاتها.
 
لكن من كان يتصور أن هاتين الفئتين تشتركان في مواجهة لتحدياتهما الاقتصادية!
 
هذا بالضبط ما فعلته مبادرة "مكّنوها" التي أطلقها البنك الدولي! فقد جمّعت خريجي التكنولوجيا العاطلين عن العمل مع الريفيات لإنشاء تطبيقات تقدم الخدمات للنساء في المناطق الداخلية بتونس. هذه التطبيقات التي ستُدشن في المستقبل القريب تهدف إلى مساعدة النساء على بيع منتجاتهن اليدوية من خلال تيسير وصولهن إلى الأسواق والمواد الخام وتحسين ربطهن بخدمات صحية واجتماعية. هذه التطبيقات ستوفر أيضا فرص عمل في حقل التكنولوجيا، وفرصاً أخرى للمبتدئين من رواد الأعمال الشباب.
 
قال السيد فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال تدشين هذه المبادرة "هذه المبادرة مثيرة للإعجاب وهي مجّرد بداية. نود أن نقتبس هذا النموذج من تونس ونطبقه في سائر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إننا نحاول تقدير أعمال الشباب في هذا المجال."
Image

Image
 
كيف بدأت مبادرة "مكّنوها؟
 
في عام 2016، بعد جولة مكثفة في المناطق الداخلية في تونس لسماع آراء النساء الحرفيات عن التحديات التي يواجهنها، ولدت مبادرة "مكّنوها" التي كان اسمها الأصلي "التكنولوجيا من أجل التمكين الاقتصادي للمرأة."
 
انعقدت حلقة عمل بين الحرفيات وخبراء التكنولوجيا وممثلين من مؤسسات حكومية ومنظمات نسائية ومنظمات شريكة لتحديد واختيار المشاكل الرئيسية التي يتمكن الشباب المولعون بالتكنولوجيا من التصدي لها.  ثم أرسل مشروع "مكّنوها" دعوة على الإنترنت إلى الشباب العاطل بالمناطق الداخلية في تونس من أجل التنافس لإخراج أفضل تطبيق. من بين أكثر من 300 تطبيق، تم اختيار 87 شابا لحضور سلسلة من ملتقيات خبراء البرمجة للمساعدة في تصميم وتطوير التطبيقات. حصلت الفرق المتنافسة على التدريب والرعاية على مدار العملية كلها. وعقدت جميع الملتقيات في أفقر المناطق الداخلية بتونس، متجاوزة كافة العقبات التي تشكلها المسافات والقدرة على الاتصال.         
 
أحد التحديات التي واجهت الفرق تصميم تطبيقات تستطيع النساء الأميات استخدامها ومن ثم، فإن خصائص، مثل التفعيل الصوتي واستخدام الوسطاء كالجمعيات النسائية كان يجب دمجها استراتيجيا.  
 
تم اختيار خمسة تطبيقات فائزة، وشهد الملتقى الذي عقد في مدينة الحمامات بتونس في يونيو حزيران 2018 الاحتفال بتدشين هذه التطبيقات الخمسة الجديدة. بالإضافة إلى السيد بلحاج، حضر الحفل السيد حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة أفريقيا، ووزير الاستثمار والتعاون الدولي و التنمية، ومحافظ البنك المركزي، ووزيرة شئون المرأة والأسرة والطفولة، ووزير الشؤون الاجتماعية، إلى جانب وكاتب الدولة للاقتصاد الرقمي، فضلا عن عدد من الضيوف المرموقين من الحكومة والمؤسسات الشريكة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. وقد شكل هذا بداية "مرحلة التدشين" التي ستدخل خلالها التطبيقات التي صُممت أثناء ملتقيات مبادرة "مكّنوها" مرحلة "التفعيل" وسيتم تسويقها في منطقة المغرب العربي وفي العالم. وكان الفائزون هم:   
 
AHMINI: أكثر من 90% من نساء الريف العاملات في تونس محرومات من الخدمات الصحية. "احميني" هي خدمة إلكترونية تمكن نساء الريف من الانخراط في الخدمات الاجتماعية بسهولة باستخدام الهاتف المحمول دون الاضطرار إلى ترك المنزل. ستكون تلك هي المرة الأولى التي يتسنى للعديد من هؤلاء النساء الحصول على الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية التي يستحققنها هن وأسرهن. 
 
HAND AND CRAFT: هو برنامج لبيع المنتجات اليدوية بالمغرب العربي إلى الأسواق الخارجية. يتيح البرنامج سوقا للحرفيات حتى يمكن الحفاظ على أعمالهن اليدوية الفريدة وبيعها لباقي مناطق العالم.  
 
 
CARPETPLUS: برنامج إلكتروني لتصميم وبيع السجاد اليدوي المصمم خصيصاً للزبون. يمكن للزبائن تصميم وتصنيع سجادهم الخاص بهم بفضل برنامج صممه فريق كاربت بلاس التكنولوجي. ويمكن للفنادق والمطاعم والشركات والأفراد إضافة رسائل معينة أو أسماء أو شعارات عليها.
 
AUCTION IT 4 HER BY MAZED: برنامج للمزادات على الإنترنت متخصص في عرض المنتجات اليدوية التونسية الأصلية التي تصنعها حرفيات ماهرات. النساء من الجهات الريفية النائية يمكنهن عرض منتجاتهن في مزادات للزبائن مباشرة، بدون أن يضطررن لدفع رسوم مرتفعة للوسطاء.
 
SHE SHARES: برنامج تجميع يساعد الحرفيات في الجهات الريفية على شراء ونقل المواد الخام التي يحتجن إليها لصناعة منتجاتهن اليدوية، مثل الصوف والجلود وخشب الزيتون والغزل. هذا البرنامج الإلكتروني يخفض التكلفة بإلغاء الوسيط. كما يوفر على النساء الوقت ويكفيهن مؤونة الانتقال إلى الأسواق النائية بحثا عن هذه المواد.         

Afef Empowerher 2
 
قالت ماري فرانسوا ماري نيلي، المديرة الإقليمية لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي "هذه تنمية للشباب من أجل الشباب وتنمية للمرأة من أجل المرأة."
 Image
ماذا بعد؟
 
المرحلة التالية من المشروع هي ضمان تحول الأفكار الفائزة إلى مشاريع عمل حر. قدم أحد كبار المستثمرين نواة التمويل للفائزين الخمسة. وقد اهتم المستثمرون بنماذج العمل المبتكرة التي صممها رواد الأعمال الشباب. والغاية هي جذب المزيد من المستثمرين للانتقال بهذه الشركات الناشئة إلى المستوى التالي.   
هذه التطبيقات الجديدة هي منتجات مربحة وصالحة للاستمرار اقتصاديا وتتجاوز حدود العلاقة بين الموّرد والعميل. فهي تؤثر على الاستقلالية الاقتصادية والمالية للمرأة، وتزيد الاحتواء الاجتماعي وتساعد الثقافات المحلية على الازدهار.
بل إن حتى الشباب العاطل عن العمل الذين تنافسوا ولم يحظوا بفرصة الفوز شهدوا تغييرا بمجرد المشاركة. فبدلا من الانتظار في المنزل من أجل الحصول على وظيفة حكومية، تحمسوا بفضل ما تلقوه من تدريب وتوجيه، وبفضل التحديات التي انطوت عليها مساعدة الآخرين. وقد حصل بعضهم على عروض للمشاركة في دورات تدريبية مدفوعة الأجر قد تفضي في النهاية إلى الحصول على وظائف دائمة. فهم يعلمون أن مهاراتهم يمكن أن تلعب دورا يفيد المجتمع، وهم أيضا تمكنوا وأصبح لديهم رؤية جديدة لمستقبلهم.      
ستركز المرحلة التالية من مشروع "مكّنوها" أيضا على ضمان توعية الحرفيات بهذه التطبيقات الجديدة والحصول على التدريب المطلوب لتحسين جودة هذه المنتجات وتسويقها. وخلال الأسابيع القادمة، سنستعرض ملامح هذه التطبيقات الخمسة الفائزة وكيف ستساعد في إحداث أثر للشباب والمرأة الريفية.   
 
ابقوا معنا لمتابعة سلسلة أصوات عربية التي يبثها قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي...
 
مشروع "مكّنوها" هو ثمرة التعاون الوثيق مع الحكومة التونسية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء وإدارة الممارسات العالمية في البنك الدولي (التمويل، المنافسة، الابتكار، النقل، التنمية الرقمية ، والمساواة بين الجنسين) ومؤسسة التمويل الدولية.


بقلم

عفاف حداد

منسقة البرامج القُطْريّة للمغرب العربي ومالطا ورئيسة مشروع "مكنوها."

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000