من المشجع للغاية أن تلج إلى غرفة مفعمة بالطاقة والحماس. تأخرت قليلا عن الجلسة الافتتاحية لحلقة عمل عقدت في الرباط حول دعم مشاركة الدولة والمواطن في العالم العربي. وبررت لنفسي هذا التأخير بأن الأمور قد تحتاج بعض الوقت قبل أن تبدأ بالتحرك.
لكن تبين لي أني كنت على خطأ: فهناك نحو 90 شخصا في القاعة، فرق عمل جاءت من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجموعات مصرية وأردنية ولبنانية ومغربية وفلسطينية وتونسية ويمنية. وكانت دائرة الحوار تدور سريعا والجميع يدلون بدلوهم بشأن ما إذا كان ينبغي أن تتسم هذه الحلقة بالانفتاح والشفافية – وما إذا كان يمكن إذاعتها على تويتر، إلخ. أم أنه ينبغي أن يكون هناك بعض الحذر إزاء السرية؟
بادر أحد المشاركين متحدثا بالعربية (طالما أحببت سماع العربية إذ أنها لغة تتسم بنبرة التأكيد) قائلا "لا مجال للسؤال هنا. فإذا كنا نتحدث عن المساءلة الاجتماعية فإن الفكرة في مبدأها ضد السرية." ورد آخر بنفس النبرة التأكيدية قائلا:"من يتكلم بصراحة ينبغي ألا يخاف، ومن يخاف يجب ألا يتكلم." كان هناك بعض القلق بشأن موعد وصول "وسائل الإعلام"، وكأن الصحف قادرة على نشر الأخبار بصورة أوسع وأسرع من تويتر. ورد آخر قائلا "نحن وسائل الإعلام. ما نفعله أمر مهم لبلادنا، لذا دعونا نتحدث علانية."
النتيجة: تم صياغة هاشتاغ #أنسا #ANSA خلال فترة الاستراحة، في حين قابلت سيدتين من منظمتين يمنيتين لحقوق الإنسان يشع وجههما حماسا بهذا الصخب والأحداث التي تشهدها بلادهما.
فكيف تدير ندوة لأربعة أيام عن "إشراك الدولة والمواطن" وما هي المساءلة الاجتماعية في كل ذلك؟ والتسعون شخصا في هذه الحلقة هم ممثلون عن المجتمع المدني وبعضهم عن القطاع الخاص والحكومة ويشاركون جميعا في أنشطة شتى في بلدانهم لإفساح مساحة لصوت المواطن، وهي واحدة من الأمور الجوهرية التي قامت من أجلها مختلف الثورات، سواء كانت مفاجئة أو زاحفة، دموية أو بيضاء. وهكذا فإن التحدي في إعادة تحديد العلاقة بين المواطن والدولة يكمن في الأثر الاجتماعي نفسه.
فكرة المساءلة الاجتماعية، التي تبدو معقدة قليلا، ليست أكثر من تدفق في المعلومات والمسؤولية بين المواطن والدولة. فمن هو المساءل، وعن ماذا؟ ولكن كيف تفعل ذلك؟ خاصة بعد عقود من حكم الفرد، والأنظمة الاستبدادية، والحكام العسكريين وكل الأساليب الأخرى من الحكم التي واجهت الطعن فيها.
المشاركون التسعون كلهم جزء من مجموعة ناشئة تسمى "الشبكة المنتسبة للمساءلة الاجتماعية بالعالم العربي"- المعروفة اختصارا باسم "أنسا" ANSA . بدأت هذه الشبكة الاجتماعية بدعم من البنك الدولي "قبل الثورة" (وأصبحت الآن المرادف الشائع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوضع الأشياء في سياقها.) وبقدوم الربيع العربي، حان وقت هذه الشبكة بالتأكيد، وأصبح العمل الجماعي عبرها على أشده وتكلل بإطلاق شبكة أنسا رسميا هنا هذا الأسبوع.
وقال عمرو لاشين، وهو من منظمة كير مصر CARE Egypt، التي كانت عاملا أساسيا في مساندة ميلاد هذه الشبكة "التحدي الذي نواجهه هو مساعدة زملائنا على استيعاب فكرة المساءلة الاجتماعية بشكل واضح وحقيقي حتى يمكن أن يشرحوها حتى لجداتهم."
وبينما أكتب هذه السطور، تعج قاعة الاجتماعات بعد الغداء (وهي لحظة تهبط فيها الطاقات عادة خلال أحداث كهذه) بمجموعات يعلو صخبها في مناقشات تدور حول موائد مستديرة. فإذا كان هذا هو صوت المواطن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإنه بالتأكيد سيُسمع. ابقوا معنا، سيكون لدينا المزيد وسنشاطركم أفكاركم أيضا. هل يعمل ممثلو مجتمعك المدني من أجلك؟
انضم إلى النقاش