نشر في أصوات عربية

كيف نتفادى التفكير الجماعي بشأن العالم العربي؟

الصفحة متوفرة باللغة:

مهرونيسا قيوم هي منشئة مؤسسة بيتابوليسي للاستشارات (PITAPOLICY Consulting) وتدير مدونة PITAPOLICY:وهي مدونة تتناول قضايا الاقتصاد السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد عملت قيوم لدى جهازالمحاسبةالتابع للحكومة الأمريكية لمدة أربع سنوات. وقبل ذلك، حصلت على درجة وشهادة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة جورجتاون، وعلى درجة البكالوريوس في كل من لغات وحضارات والسياسات العامة للشرق الأدنى من جامعة شيكاغو. ومن آخر أعمالها مقالات تحليلية عن المجتمع المدني والشفافية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والاقتصاد السياسي لسورية وتأثير منتديات التواصل الاجتماعي. وهي ترحب بالمناقشات على تويتر: @PITAPOLICY

World Bank | 2012

أعرب أحد الحاضرين بمنتدى رئيس الخبراء الاقتصاديين بمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى البنك الدولي عن دهشته قائلا: " كنت آمل أن استمع إلى أمور تتعلق بالعالم العربي... لماذا نستمع الآن إلى دراسة حالة عن باكستان؟" رغم أن الهدف من هذا كان استلهام الدروس المستفادة من مختلف البلدان، فمازلت أشعر أن النقد الذي وجهه المنتقد كان تلميحا إلى نموذج إقصائي، حتى ولو كان النقد موجها من أحد الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد، روجر مايرسون.

هذا صحيح: فأكثر من 20 بلدا عربيا يشكلون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بيد أن القضايا والملاحظات المطروحة على مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي تنظمه كلية وارتون لإدارة الأعمال تتحدى النموذج الإقصائي الذي يثير مثل هذه الانتقادات. وثمة ثلاثة أمثلة تكشف كيف أن هيكل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينبغي أن يأخذ في الاعتبار المنطقة ككل- من حيث الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للثورات العربية.

أولا، دعت لجنة "سيدات الأعمال"، التي عقدتها كلية وارتون، السيدة نادرة شاملو المستشارة الأولى بالبنك الدولي في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتسليط الضوء على مكانة المرأة العاملة بالمنطقة، مشيرة إلى أن هناك اتجاهات إيجابية عن عمالة المرأة في إيران. وفي الاتجاه نفسه، كانت أول امرأة في المنطقة تحصل على جائزة نوبل من إيران، وهي شيرين عبادي. وبشكل عام، تمتلك سيدات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العادة شركات أكبر حجماً (يعمل بها 250 شخصا فأكثر) وذلك بالمقارنة بمناطق أخرى. وأوضحت شاملو أن هناك عددا قليلا من الأنماط الإيجابية النابعة من اتجاهات توظيف المرأة في إيران، منها: 1) سيدات الأعمال اقتحمن قطاعات حديثة، مثل قطاع البتروكيماويات وتكنولوجيا المعلومات؛ 2) عدد من أكبر دور النشر في إيران يديرهن سيدات؛ 3) لا يمثل عمل المرأة وصمة عار في المجتمع الإيراني. وبالنظر لهذه الاتجاهات، لم يكن من قبيل المفاجأة أن يلاحظ زملاء شاملو في اللجنة أن النساء الأخريات في المنطقة يمكن أن يستفدن من النماذج الإيرانية.

ثانيا، استضاف مؤتمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سفير تركيا لدى الولايات المتحدة، ناميك تان. وسواء كانت الموضوعات التي تناولتها مناقشات اللجنة تتعلق بالتمويل أو التعاقدات أو البنية التحتية، فقد كانت جميعا تشير إلى تركيا باعتبارها نقطة مرجعية. وقد أشار المتحدثون، سواء كانوا عربا أو غيرهم، إلى أوجه الديناميكية التي تميز القطاع الخاص بتركيا وأسواقها الناشئة مثل التجارة الإلكترونية- ولا عجب إذن أن تمثل تركيا ثالث أكبر أسواق فيسبوك.

وعلى النقيض من منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصفت ناميك تان نجاح النموذج التركي، وهو ما يختلف قليلا عن وجهة نظر والي نصر عن تبني هذا النموذج التركي في ثمانينيات القرن الماضي. وبعد هذا بقليل، ركزت حلقة أخرى حصريا على نمو العلاقات الجغرافية والسياسية والاقتصادية لتركيا رغم الأزمة المالية التي تواجه جيرانها الأوروبيين. وقد لاحظ المتحدثون بشكل خاص كيف بدأت تركيا في الاستثمار في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى قبل انطلاق موجة الربيع العربي.

وأكد إيرول جيبيجي، العضو السابق بالبرلمان التركي كيف أن بلدانا كمصر وتونس كانت تتطلع إلى تركيا لزيادة حجم تجارتها. وخاض المتحدثون في مناقشات حول التجارة البينية بين الاقتصادات الأكبر حجما في المنطقة. وبالمصادفة، كان أحد المتحدثين الرئيسيين في جلسة تدور حول الاستثمار في أسهمرأسالمال من باكستان، وهو من أثار النقطة الثالثة: هو ذو الفقار علي، من شركة أبراج لرؤوس الأموال، حيث يمثل مجموعة من المستثمرين الذين يركزون على أسواق المال في منطقة الخليج. وحسب صحيفة خليج تايمز، يمكن أن يزداد حجم التجارة بين باكستان ودول الخليج من 59 مليار دولار إلى 350 مليار بحلول عام 2012.

ويرى د. مايرسون أن تحديات الاقتصاد السياسي في باكستان يمكن أن تفيد التركيز الحالي على التطورات في مصر. وكما كان الحال في المناقشات حول إيران وتركيا، تميل المراحل المختلفة من الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية إلى التناسخ في بلدان أخرى، سواء كانت مجاورة أو غير مجاورة. على سبيل المثال، وصف مايرسون كيف أن باكستان كانت تتمتع بأنظمة انتخابية محلية لامركزية في ثمانينيات القرن الماضي. وبعد إمعان النظر، خلص مايرسون إلى أن الموجة القادمة من الانتخابات المحلية في مصر ربما توسع دائرة اللامركزية ومشاركة الأقاليم في اتخاذ عملية القرارات إذا وعت مصر أخطاء باكستان في وقف عملية نقل السلطة السياسية إلى المجالس المحلية المنتخبة.

باختصار:بدلا من التركيز فقط على التجارب والأوضاع العربية، فإن الدروس المستفادة من نماذج أخرى يمكن أن تمثل درسا قيما. وإلا، فإن المنتديات والمناقشات تخاطر بتيسير "التفكير الجماعي" وتبديد الغاية النهائية من عقدها. 


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000