قبل بضعة أسابيع، قُمْتُ بنزهة سيراُ على الأقدام على امتداد درْب أثري يمر بمنطقة عرب الرشايدة، وهي قرية بدوية في سفوح التلال الصحراوية للضفة الغربية حتى بلغتُ منحدرا صخريا شاهقا يُطِل على البحر الميت (ووراء ذلك وادي الأردن).
وبعد أن شربنا الشاي الساخن المُحلَّى بالسكر، وألقينا نظرة الحنين إلى الوطن، أخذني مضيفونا أنا ودليلي السياحي نضال من خيمة أبو إسماعيل عائدين بالسيارة في الصحراء لتستقبلنا شاحنات محملة بفتيات وفتيان في سن الدراسة. كانت تسير في الاتجاه الذي أتينا إليه، وهذه المرة تحت إشراف ليلى التي كانت مع نضال من بين العدد المتزايد من المرشدين السياحيين المعتمدين من خلال مبادرة مسار إبراهيم الخليل، وهي برنامج سياحي يستند إلى الاعتبارات المجتمعية ويموله البنك الدولي في الأراضي الفلسطينية. وتأسَّس المشروع على مبادئ الاحتواء، لدعم جهود تهيئة فرص العمل وتوليد الدخل للمجتمعات الريفية المُهمَّشة مع التركيز على النساء والشباب.
وبالنسبة ليلى، تتيح لها فرصة أن تكون جزءا من مبادرة مسار إبراهيم الجمع بين شغفها بالمشاركة في أنشطة خارج المنزل وتعليم الشباب وفي الوقت نفسه تحقيق دخل إضافي لإعالة أسرتها. والسير على الأقدام في هذه الطريق ليس مجرد فرصة اقتصادية لها، ولكنه أيضا يتيح لها أن تدرك مدى جمال أرض الأجداد، وفي الوقت ذاته الارتباط بمجتمعات من مناطق أخرى في الضفة الغربية. وليس هذا بالإنجاز الهين، بالنظر إلى التحديات الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون فيما يتعلق بالانتقال.
وهذه المبادرة فريدة في نهجها، لكنها واحدة من عدد متزايد من جهود البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للنهوض بالتمكين الاقتصادي للنساء، وعلى نطاق أعم من أجل تحقيق الاحتواء الاجتماعي في سوق العمل.ومع أنه توجد تباينات في أنحاء المنطقة، فإن معدل المشاركة في سوق العمل الرسمية منخفض جداً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يبلغ في المتوسط 22%، وهي نسبة أقل كثيراً من نظيرتها في كل المناطق الأخرى للعالم. وحينما لا يشارك نصف السكان في سوق العمل، تخسر البلدان وتلقى الأُسر صعوبةً أكبر في تلبية احتياجاتها الأساسية.
وفي الأراضي الفلسطينية ، ينخفض معدل مشاركة النساء في سوق العمل، إذ يبلغ 18%، وهو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لما أظهرته أحدث مقارنة إقليمية. وهذا على الرغم من أن الفلسطينيات من بين أكثر النساء تعليماً، وتبلغ نسبتهن ما يقرب من 60% من الملتحقين بالجامعات. وعلاوةً على ذلك، تواجه النساء النشطات في سوق العمل مستويات من البطالة أعلى من الرجال، إذ تتحمَّل الشابات العبء الأكبر: 71% من خريجات الكليات في الفئة العمرية 19-24 عاما عاطلات عن العمل.
وبعد مشاهدة ليلى وهي تنطلق مع الطلاب في الصحراء وتتحدث مع الضيوف، توجَّهت أنا ونضال إلى بلدة بني نعيم، وهي مجتمع تقليدي يقع في مسار إبراهيم حيث كان مقرراً لنا تناول الغداء مع إحدى الأسر. ولهذا الغرض، انضمت إلينا غيداء راحيل مديرة البرنامج، وأميرة جابر مُنسِّقة الأنشطة المجتمعية والنسائية من منظمة مسار إبراهيم اللتين تحدثتا عن التدريب والأنشطة المُوجَّهة لخدمة النساء. وشرحتا التحديات الأولى التي لاقتها المبادرة في إقناع المجتمعات المحلية بجدوى المشاركة في مختلف جوانب المشروع السياحي. وأثارت الأفكار التقييدية عما يعد مناسبا من الأعمال للمرأة بعض المقاومة في بادئ الأمر (حتى بين النساء أنفسهن) لفكرة مشاركتهن في جوانب أكثر اختلاطاً بصناعة السياحة مثل إرشاد نزهات السير على الأقدام، أو استضافة المسافرين.
وبمرور الوقت، بدأت المجتمعات المحلية تدرك المزايا الاقتصادية لمبادرة مسار إبراهيم والفرص التي يتيحها التواصل مع الآخرين والمنفعة لبيئتهم. فالعقليات تتغيَّر تدريجياً، ومع أن عمل النساء كمرشدات للسائحين ومضيفات في نزل للزائرين ليست شائعة فإنها أصبحت تلقى مزيداً من القبول - بل والترحيب حتى من جانب الرجال.
وحينما توقَّفنا في منزل سونيا لتناول الغذاء، اتضحت بجلاء هذه العقلية. فبينما كانت سونيا تقوم بترتيب مجموعة متنوعة من أطباق المقبلات الزاهية الألوان على المائدة، وتتحدث معنا عن فكرتها في بدء نشاط تجاري بفتح مطعم على الجانب الآخر من الشارع، كان زوجها طارق يساعد في المطبخ في غرف كميات من الأرز الذهبي، ولفائف محشي ورق العنب والدجاج المحمَّر في أطباق التقديم قبل نقلها إلى قاعة الطعام. ومثل هذه التحوُّلات السلوكية في الأجزاء التقليدية من البلاد ليست شائعة، وما كان لها أن ترى النور أو تتحقَّق لولا التواصل المجتمعي المُوجَّه الذي حفَّز عليه المشروع لإشراك النساء والرجال على نحو يستجيب لاحتياجاتهم المحلية ويساعد في إحداث تغيير.
بعد أن نعمنا بكرم الضيافة الفلسطيني المعروف وأكلنا حتى شبعنا حان وقت الرحيل. وحينما شكرتُ سونيا وطارق على كرم ضيافتهما، ابتسم طارق ابتسامةً عريضةً ونظر إلى زوجته. وقال "هذا بيت سونيا – هي التي تدير نشاط نُزُل السائحين، وأنا أعمل لحسابها لا أكثر."
وبعد أن شربنا الشاي الساخن المُحلَّى بالسكر، وألقينا نظرة الحنين إلى الوطن، أخذني مضيفونا أنا ودليلي السياحي نضال من خيمة أبو إسماعيل عائدين بالسيارة في الصحراء لتستقبلنا شاحنات محملة بفتيات وفتيان في سن الدراسة. كانت تسير في الاتجاه الذي أتينا إليه، وهذه المرة تحت إشراف ليلى التي كانت مع نضال من بين العدد المتزايد من المرشدين السياحيين المعتمدين من خلال مبادرة مسار إبراهيم الخليل، وهي برنامج سياحي يستند إلى الاعتبارات المجتمعية ويموله البنك الدولي في الأراضي الفلسطينية. وتأسَّس المشروع على مبادئ الاحتواء، لدعم جهود تهيئة فرص العمل وتوليد الدخل للمجتمعات الريفية المُهمَّشة مع التركيز على النساء والشباب.
وبالنسبة ليلى، تتيح لها فرصة أن تكون جزءا من مبادرة مسار إبراهيم الجمع بين شغفها بالمشاركة في أنشطة خارج المنزل وتعليم الشباب وفي الوقت نفسه تحقيق دخل إضافي لإعالة أسرتها. والسير على الأقدام في هذه الطريق ليس مجرد فرصة اقتصادية لها، ولكنه أيضا يتيح لها أن تدرك مدى جمال أرض الأجداد، وفي الوقت ذاته الارتباط بمجتمعات من مناطق أخرى في الضفة الغربية. وليس هذا بالإنجاز الهين، بالنظر إلى التحديات الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون فيما يتعلق بالانتقال.
وهذه المبادرة فريدة في نهجها، لكنها واحدة من عدد متزايد من جهود البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للنهوض بالتمكين الاقتصادي للنساء، وعلى نطاق أعم من أجل تحقيق الاحتواء الاجتماعي في سوق العمل.ومع أنه توجد تباينات في أنحاء المنطقة، فإن معدل المشاركة في سوق العمل الرسمية منخفض جداً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يبلغ في المتوسط 22%، وهي نسبة أقل كثيراً من نظيرتها في كل المناطق الأخرى للعالم. وحينما لا يشارك نصف السكان في سوق العمل، تخسر البلدان وتلقى الأُسر صعوبةً أكبر في تلبية احتياجاتها الأساسية.
وفي الأراضي الفلسطينية ، ينخفض معدل مشاركة النساء في سوق العمل، إذ يبلغ 18%، وهو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لما أظهرته أحدث مقارنة إقليمية. وهذا على الرغم من أن الفلسطينيات من بين أكثر النساء تعليماً، وتبلغ نسبتهن ما يقرب من 60% من الملتحقين بالجامعات. وعلاوةً على ذلك، تواجه النساء النشطات في سوق العمل مستويات من البطالة أعلى من الرجال، إذ تتحمَّل الشابات العبء الأكبر: 71% من خريجات الكليات في الفئة العمرية 19-24 عاما عاطلات عن العمل.
وبعد مشاهدة ليلى وهي تنطلق مع الطلاب في الصحراء وتتحدث مع الضيوف، توجَّهت أنا ونضال إلى بلدة بني نعيم، وهي مجتمع تقليدي يقع في مسار إبراهيم حيث كان مقرراً لنا تناول الغداء مع إحدى الأسر. ولهذا الغرض، انضمت إلينا غيداء راحيل مديرة البرنامج، وأميرة جابر مُنسِّقة الأنشطة المجتمعية والنسائية من منظمة مسار إبراهيم اللتين تحدثتا عن التدريب والأنشطة المُوجَّهة لخدمة النساء. وشرحتا التحديات الأولى التي لاقتها المبادرة في إقناع المجتمعات المحلية بجدوى المشاركة في مختلف جوانب المشروع السياحي. وأثارت الأفكار التقييدية عما يعد مناسبا من الأعمال للمرأة بعض المقاومة في بادئ الأمر (حتى بين النساء أنفسهن) لفكرة مشاركتهن في جوانب أكثر اختلاطاً بصناعة السياحة مثل إرشاد نزهات السير على الأقدام، أو استضافة المسافرين.
وبمرور الوقت، بدأت المجتمعات المحلية تدرك المزايا الاقتصادية لمبادرة مسار إبراهيم والفرص التي يتيحها التواصل مع الآخرين والمنفعة لبيئتهم. فالعقليات تتغيَّر تدريجياً، ومع أن عمل النساء كمرشدات للسائحين ومضيفات في نزل للزائرين ليست شائعة فإنها أصبحت تلقى مزيداً من القبول - بل والترحيب حتى من جانب الرجال.
وحينما توقَّفنا في منزل سونيا لتناول الغذاء، اتضحت بجلاء هذه العقلية. فبينما كانت سونيا تقوم بترتيب مجموعة متنوعة من أطباق المقبلات الزاهية الألوان على المائدة، وتتحدث معنا عن فكرتها في بدء نشاط تجاري بفتح مطعم على الجانب الآخر من الشارع، كان زوجها طارق يساعد في المطبخ في غرف كميات من الأرز الذهبي، ولفائف محشي ورق العنب والدجاج المحمَّر في أطباق التقديم قبل نقلها إلى قاعة الطعام. ومثل هذه التحوُّلات السلوكية في الأجزاء التقليدية من البلاد ليست شائعة، وما كان لها أن ترى النور أو تتحقَّق لولا التواصل المجتمعي المُوجَّه الذي حفَّز عليه المشروع لإشراك النساء والرجال على نحو يستجيب لاحتياجاتهم المحلية ويساعد في إحداث تغيير.
بعد أن نعمنا بكرم الضيافة الفلسطيني المعروف وأكلنا حتى شبعنا حان وقت الرحيل. وحينما شكرتُ سونيا وطارق على كرم ضيافتهما، ابتسم طارق ابتسامةً عريضةً ونظر إلى زوجته. وقال "هذا بيت سونيا – هي التي تدير نشاط نُزُل السائحين، وأنا أعمل لحسابها لا أكثر."
انضم إلى النقاش