نشر في أصوات عربية

دروس نتعلمها من المنتخب اليمني لكرة القدم

الصفحة متوفرة باللغة:

Image شاهدت كغيري من ملايين اليمنيين في الداخل والخارج ثلاث مباريات لمنتخبنا الوطني في دورة كأس الخليج الثانية والعشرين والتي أقيمت خلال شهر نوفمبر الماضي في الرياض، وعلى الرغم من المعرفة الكاملة بقدرات وإمكانيات المنتخب اليمني مقارنة بالمنتخبات الخليجية المشاركة سواءً من حيث الإمكانيات أو الإعداد والتجهيز لهذه الفعالية، إلا أن الأداء البطولي المشرف للمنتخب منحنا جرعات من الأمل والتفاؤل بقدراتنا كيمنيين قادرين على تحقيق إنجازات كبيرة والنهوض من جديد من كبواتنا وأوضاعنا المأساوية التي فرضتها علينا الصراعات السياسية وأسهمت في تمزق لحمتنا ونسيجنا الوطني.

نعم إنه وعلى الرغم من خسارة المنتخب الوطني، إلا أن أداءه المشرف منح شعبية جارفة سواءً من الجماهير اليمنية المؤازرة له من على مدرجات الملاعب، أو من خلال الجماهير التي تابعت أداءه عبر القنوات الفضائية وخرجت وبأعداد كبيرة لاستقباله بالأغاني والأهازيج الشعبية تعبيراً عن تقديرهم و فرحتهم بهذا المنتخب الذي وحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة والمصالح الضيقه، وأحيا الأمل في نفوس اليمنيين بعد أن عصفت بهم الأحداث خلال السنوات الثلاث الماضية.

إن أداء المنتخب في مشاركته الخليجية الأخيرة عاد ليثبت لنا وللعالم أجمع أن اليمن غني بموارده وإمكانياته الهائلة سواءً الإمكانيات البشرية أو المادية أو إرثه التاريخي العظيم، الا أنه وللأسف الشديد عانى من الإهمال وسوء الإدارة لعقود طويلة. نعم إن اليمن بلد غني بموارده المختلفة ، غني بموقعه الجغرافي الفريد والمتميز والذي تفتقر إليه العديد من البلدان, وأن ما ينقصه هو الاستقرار السياسي والأمني ، فاليمن في الوقت الراهن بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى أن يضع أبناءة سلاحهم جانباً وأن ينبذوا نزاعاتهم الشخصية والحزبية وأن يتجهوا نحو العمل والبناء والتنمية، وبما يمكنهم من تقديم نموذج مشرف للمنطقة والعالم .

لقد تم تشكيل الحكومة الحالية في ظل ظروف اقتصادية وسياسية وأمنية صعبة وخطيرة، مع إدركها حقيقة تلك المخاطر والتحديات، وإدراكها أيضاً أنها جاءت لتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة الوطنية التي وقعتها جميع الأطراف السياسية الفاعلة في اليمن، مع العلم أنها تواجه توقعات مرتفعة للنجاح من قبل المواطنيين اليمنيين .

إن واجبنا نحن اليمنيين سواءً كنخب سياسية واجتماعية وقيادات اقتصادية وأمنية أو مواطنين عاديين أن نساند جهود الحكومة الجديدة الرامية إلى تعزيز الاستقرار واستعادة الثقة في قدرة الدولة على بسط نفوذها وسلطتها على كافة المناطق وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطن اليمني البسيط في مختلف ربوع الوطن، والشروع في تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي اللازم على المدى القصير. كما أن على الحكومة واجبا أيضاً يتمثل في فرض النظام والقانون، والحد من التسلح, ومكافحة الإرهاب، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

ومن جانب آخر لا يمكن إغفال ما للمجتمع الدولي والمحيط الإقليمي باليمن من دور كبير وواجب إنساني واخلاقي وأمني في رعاية ودعم ومؤازرة عملية الانتقال السياسي في اليمن والدور المحوري في مساعدة اليمنيين في التغلب على مشكلتهم الاقتصادية المستفحلة، والوفاء بتعهداتهم المالية التي قطعوها لليمن وتسريع تدفق تلك التعهدات وبما يمكن الحكومة اليمنية من القيام بواجباتها المختلفة نحو مواطنيها .

دعونا جميعا نعمل كجسد واحد تماماً مثل لاعبي الفريق الوطني لكرة القدم والذين جاءوا من نوادي متعددة ومحافظات مختلفة من اليمن يجمعهم هدف واحد هو التمثيل المشرف لليمن، ونحن جميعاً على الرغم من قناعاتنا السياسية المتعددة أو توجهاتنا الفكرية المتنوعة يمكن ان يجمعنا هدف واحد نسعى جميعاً إلى تحقيقه وهو أن نرى يمننا الحبيب آمنناً مستقراً ينعم بالحرية وبالتنمية ويعود لسابق عهده (العربية السعيدة) متألقاً وزاهياً بحضارته العريقة وثقافته المتجذرة وحكمته المعهودة، بعيداً عن النظرة الضيقة المتمثلة في تحقيق المكاسب الشخصية أو الحزبية أو الفئوية.

الآراء المنشورة في هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة رأي مجموعة البنك الدولي.


انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000