بقلم ليورا كلابر
بالاشتراك مع : سايمون بيل و أصلي ديميرغوتش
بالنسبة للبعض، تمثل الخدمات المالية المراعية لتعاليم الشريعة الإسلامية سبيلاً واعداً نحو زيادة الاشتمال المالي بين المسلمين البالغين. بالنسبة لآخرين، لا تتصدى هذه الخدمات – التي لا تفرض فوائد وتلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية التي تقوم على تقاسم الربح والخسارة- لأسباب مشكلة الإقصاء المالي. غير أن الغالبية تتفق على أن هناك ندرة في البحوث التطبيقية التي تقيس درجة استخدام المسلمين للمنتجات المالية الملتزمة بالشريعة الإسلامية ومعدلات الطلب عليها، ومدى إحجامهم عن استخدام الأنظمة المالية التقليدية. فبدون البيانات وما يتصل بها من تحليلات، فإن واضعي السياسات وقيادات القطاعين العام والخاص غالباً ما يعتمدون على التكهنات لبلورة دور التمويل الإسلامي في إطار أجندة الاشتمال المالي.
وفي محاولة لإضفاء بعض الصبغة العملية على المناقشات الجارية حول التمويل الإسلامي، قدم كل من ليورا كلابر ودوغلاس راندال مؤخرا ورقة عمل ومذكرة مؤشر مالي (أعدت بالاشتراك مع أصلي ديميرغوتش-كونت). واستخدم الباحثون بيانات المؤشر المالي العالمي لاستيضاح الفروق في استخدام الخدمات المالية الرسمية بين المسلمين وغير المسلمين، واستعانوا بقاعدة بيانات منفصلة لخمسة من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقصوا استخدام المنتجات المالية الملتزمة بالشريعة الإسلامية ومدى تفضيلهم لها.
غير أن استبعاد الهوية الدينية من الخصائص الفردية والقطرية الأخرى قد يكون مسألة شائكة. وبالفعل، يعرض الكثير من المشاركين في المناقشات حول التمويل الإسلامي عن هذه الخطوة تماماً ويقارنون ببساطة بين مستويات الاشتمال المالي في البلدان ذات الأغلبية المسلمة ومستوياته في البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة. إلا أن مؤلفي التقرير سعوا إلى تجنب هذا الخطأ الشائع من خلال اختبار التباين بين المسلمين وغير المسلمين داخل البلد الواحد باستخدام بيانات المؤشر المالي للبلدان التي يقدم واحد في المائة من سكانها البالغين أنفسهم باعتبارهم مسلمين. وفي عينة تغطي 64 بلدا- ونحو 75 في المائة من البالغين في العالم الإسلامي- وجد الباحثون أن نسبة المسلمين الذين يحجمون عن الإفصاح عن امتلاك حساب في أحد المؤسسات المالية الرسمية أعلى بكثير من نسبتها بين غير المسلمين بعد تثبيت العوامل الأخرى المتعلقة بالخصائص الفردية والقطرية. إلا أن 7 في المائة فقط من المسلمين الذين لا يتعاملون مع البنوك يشيرون إلى الاعتبارات الدينية كحائل دون سعيهم لامتلاك حساب بنكي (وهي نفس النسبة بين غير المسلمين.) بالفعل، يشير المسلمون في أغلب الحالات إلى أن التكلفة والمسافة والوثائق المطلوبة هي العائق أمام امتلاكهم لحساب بنكي. هذه الاستنتاجات تشير إلى أن العوائق قد تكون مدفوعة بالعرض، سواء نتيجة التمييز أو الندرة النسبية للخدمات المالية في المناطق ذات الأغلبية المسلمة – رغم أن المؤلفين لا يمكنهم بصراحة اختبار مدى صحة هذه الفرضية.
وعلى النقيض من ملكية الحسابات البنكية، لم يجد المؤلفون فارقاً كبيراً في سلوكيات الاقتراض الرسمي بين المسلمين وغير المسلمين. وهذا أمر يصعب فهمه بعض الشيء في ظل ما يبدو أن تركيز التمويل الإسلامي على تمويل الأصول يعني أن ثمة حاجة أكبر لمنتجات تلتزم بالشريعة في هذا المجال. بالطبع، من الممكن أن يكون غياب الفجوة في سلوكيات الاقتراض هو نتيجة استخدام منتجات تراعي الشريعة الإسلامية ومتاحة على نطاق واسع، ومع هذا وفي ظل ما نعرفه عن الحجم الصغير نسبياً لصناعة التمويل الإسلامي، يبدو من المعقول إلى حد كبير أن الغالبية العظمى من المسلمين المشمولين مالياً يستخدمون الخدمات والمنتجات البنكية التقليدية. كما تثير هذه النتائج سؤالاً عما إذا كانت هناك فجوة في ملكية الحسابات الرسمية بين المسلمين وغير المسلمين، لكن ليس في المنتجات الائتمانية الرسمية نظراً لتباين "درجات الاحتياج الملح" فيما يتعلق بالمدخرات والمدفوعات مقابل الاقتراض. ويمثل تفاوت نظرة المسلمين إلى المنتجات المالية التقليدية، وما يصاحبها من فوائد، وفقاً للضرورة المالية مسألة جذابة للبحوث المستقبلية.
وبالغوص بدرجة أعمق وعلى امتداد أوسع في خمسة من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (الجزائر، مصر، المغرب، تونس واليمن)، يجد المؤلفون أن استخدام الخدمات البنكية الإسلامية قليل للغاية ويتسق مع البيانات الخاصة بجانب العرض. ويبدي عدد كبير ممن استطلعت آراؤهم تفضيلاً للبنوك الإسلامية رغم ارتفاع تكلفتها، بينما يفضل جانب كبير ومساوٍ تقريبا من البالغين القروض التقليدية الأقل كلفة، أو ربما لا يفاضلون بين أي منهما. ويوضح ذلك أن من المحتمل أن يكون هناك طلب على كل من الخدمات البنكية التقليدية والإسلامية، وأن درجة تفضيل المنتجات المراعية للشريعة الإسلامية تعود إلى التكلفة.
وسيظل احتمال زيادة الخدمات المالية التي تراعي مبادئ الشريعة الإسلامية موضوعا للمناقشات الساخنة في المستقبل. ومن المهم أن يبدأ الباحثون- من خلال جمع وتحليل البيانات- في لعب دور أكثر نشاطا في هذه المناقشات الجارية.
انضم إلى النقاش