نشر في أصوات عربية

هل نحن بحاجة إلى بنك تنمية إقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

الصفحة متوفرة باللغة:
World Bank | Arne Hoel | 2012

منذ كتابتي في مدونتي عن التكامل الإقليمي وأنا ما زلت أفكر في الدور الذي يمكن أن يقوم به بنك تنمية عربي في المنطقة يكون من ضمن أهدافه حفز التكامل الإقليمي والعالمي.وهناك وجهات نظر متباينة لدى الزملاء المطلعين على هذه المنطقة أو التنمية الاقتصادية فيها أو المنظمات العربية بها. فالبعض استحسن الفكرة، في حين رآها آخرون غير مجدية بالمرة لا سيما وأنها كثيراً ما تثار ولكنها توأد. والمشاعر التي سادت هي أن وجود مؤسسة أخرى إضافة إلى الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصندوق الكويتي، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، وغيرها من المؤسسات، سيعمل على إرباك الموقف فضلاً عن عدم الحاجة إليها. وقد خلصت أيضاً دراسة (1) قام بها صندوق النقد العربي في 2005 نيابة عن الجامعة العربية إلى عدم الحاجة إلى هيئات معونة عربية إضافية، بل ينبغي أن يكون محور التركيز هو تحسين أداء المؤسسات القائمة. وأشارت هذه الدراسة إلى ضرورة تكريس المزيد من الاهتمام لتنمية القطاع الخاص؛ وخاصةً المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

غير أنني لم أقتنع تماماً بأن كل ما يمكن أن يقوم به بنك تنمية إقليمي للمنطقة يتم القيام به أو أن المؤسسات القائمة بمقدورها تحسين أدائها في المدى القصير.ولما كنت بحاجة إلى رأي أكثر ترجيحاً، توجهت إلى الدكتور ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي
العالمي الذي عمل في السابق في منصب النائب الأول لمحافظ البنك المركزي اللبناني (لدورتين)، وأستاذ الاقتصاد في جامعة شيكاغو.وقد عبّر الدكتور ناصر عن قناعاته في مقال نُشر مؤخراً في مجلة التقرير المالي الأوروبي بعنوان "التحول المالي لاستدامة الربيع العربي(E)" حيث ألمح قائلاً: "إن كان هناك درس مهم نتعلمه من هذا الربيع العربي فهو حاجة المنطقة إلى أن يكون التحول نابعاً منها. فالبلدان بحاجة إلى إعداد خارطة الطريق الخاصة بها.ولا يتوفر حل يناسب الجميع، كما لا تتوفر حلول جاهزة. بل إننا بحاجة إلى تطوير المؤسسات من أجل العمل الجماعي الذي يهدف إلى تحسين أوضاع المنطقة".
وتأتي توصيته في سياق مجموعة من الإصلاحات الأوسع نطاقاً، وواقع النظام المصرفي الغربي الضعيف.كما أنه يرى أن هناك ثلاث ركائز لإحداث تحول مالي كبير في المنطقة تتمثل في: (1) إعادة توجيه العلاقات المصرفية نحو آسيا والصين؛ (2) تطوير أسواق مالية للعملات المحلية، وسوق مالية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ (3) وجود مؤسسة تشمل المنطقة بأسرها في صورة بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للإنشاء والتعمير.
كما ألمح إلى أن وجود برنامج على غرار مشروع مارشال للوطن العربي لن يكون كافياً للتصدي لجميع التحديات التي تواجهها المنطقة، كما شدد السعيدي على الحاجة إلى مؤسسة إقليمية تركز على: (1) تمويل أنشطة القطاع الخاص وتشجعيها؛ (2) تمويل مشاركة القطاع الخاص في البنية التحتية وتشجعيها؛ (3) تطوير الأسواق المالية في المنطقة؛ (4) تمويل البنية التحتية بما في ذلك المشروعات الإقليمية والعابرة للحدود والاستثمارات التي تشجع التكامل الاقتصادي على مستوى المنطقة.ويتصوَّر السعيدي أن يكون نطاق اختصاص هذه المؤسسة مماثلاً للجهود التي أعقبت عام 1989 لإعادة بناء شرق ووسط أوروبا. ومن المتوقع أن يكون بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للإنشاء والتعمير مؤسسة متعددة الأطراف تشارك فيها جميع البلدان العربية. وسيلعب مجلس التعاون الخليجي وهيئات المعونة التابعة له دوراً بارزاً مع الاتحاد الأوروبي. وسيكون لبنك الاستثمار الأوروبي/البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير مساهمة كبيرة مع البنك الإسلامي للتنمية وغيره من المؤسسات المالية الدولية المشاركة. كما ستكون الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا وتركيا من المساهمين أيضاً. وخلص السعيدي إلى أن المنطقة بها الموارد المالية والبشرية والطبيعية اللازمة للتنمية في الأجلين المتوسط والطويل. وما ينقصها وما سيأتي به بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للإنشاء والتعمير هو الخبرة العملية في تطوير الإستراتيجيات، ووضع المفاهيم الخاصة بمشروعات البنية التحتية ومشروعات التنمية متعددة السنوات وتنفيذها لتحقيق نمو مستدام وشامل للجميع (2).
ومن الواضح أيضاً أن الحجج التي تعارض وجود مؤسسة أخرى في المنطقة لها صداها، ولكن ماذا ترى أنت؟ هل وجود بنك تنمية إقليمي للمنطقة سيساعد في إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية في المنطقة أم سيعوقها؟

1. صندوق النقد العربي،2005. المؤسسات المالية العربية، وتمويل الاستثمار والتنمية في الوطني العربي (باللغة العربية).أبو ظبي:صندوق النقد العربي

2. السعيدي، ناصر،2012. التحول المالي لاستدامة العاصفة النارية العربية. مجلة التقرير المالي الأوروبي (E).

 


بقلم

عمر كاراسابان

المنسق الإقليمي للمعرفة والتعلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000