نشر في أصوات عربية

تمكين المرأة المصرية: مزايا التوظيف المتوازن

الصفحة متوفرة باللغة:
Two women sit at a computer. Two women sit at a computer.

منذ عام تقريبا، تم تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أدت هذه الجائحة إلى سقوط المزيد من البشر في غيابات الفقر والخروج من أسواق العمل الرسمية وغير الرسمية.

ولعل اتساع الفجوة بين الجنسين كان أكبر ضرر لحق ببلدان المنطقة. فمسؤولية رعاية أفراد الأسرة تقع في معظمها على عاتق المرأة، مما يمنعها في كثير من الحالات من المشاركة في قوة العمل.

ويشير مصطلح هو "Shecession"، الذي ظهر في الولايات المتحدة ويعني نكوص المرأة أو تردي أوضاع المرأة، إلى أثر الركود الاقتصادي الحالي على فرص العمل المتاحة للمرأة وأمنها الأقتصادي. وقد بات أمرا أساسيا ازالة الاعباء عن المرأة وتمهيد السبل لكسب العيش والحفاظ على الدخل حتى تنمو الاقتصادات وتزدهر المجتمعات.

ومع تغير طبيعة العمل حول العالم، بات من المهم فهم امكانية تكيف المرأة مع الظروف الحالية. فهناك على سبيل المثال فرص عمل مرنة متاحة على الإنترنت في مجالي الاقتصاد الرقمي واقتصاد العمل الحر وهو ما يسمح للمرأة بالمشاركة في قوة العمل مع الوفاء بواجبات الرعاية الأسرية والمنزلية.

ولعل الخطوة الأولى نحو سياسة التوظيف التي تراعي التوازن بين الجنسين هي إجراء حوار فعال حول أهمية إطلاق الطاقات الاقتصادية الكامنة للمرأة المصرية. 

وتدعيما لهذا الحوار في مصر، شاركنا مع المجلس القومي للمرأة، وسفارة المملكة المتحدة في القاهرة، والمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) في دعم "مرصد المرأة المصرية" من خلال إعداد سلسلة من بحوث السياسات الجديدة التي تسلط الضوء على التحديات والفرص الرئيسية التي تواجهها المرأة للانضمام إلى قوة العمل في مصر. ومع الوقت، أضحى مرصد المرأة المصرية ملتقى المعرفة المستندة إلى أدلة وشواهد فيما يتعلق بقضايا المرأة، وتضمن ذلك أعمال رصد ومتابعة مجموعات البيانات الرئيسية بشأن مشاركة المرأة في العمل، فضلاً عن تحديد الفجوات في القدرات البشرية وحق الولاية على النفس.

وقد تم إطلاق ثلاثة بحوث سياسات جديدة في 14 مارس/ أذار الجاري تغطي الموضوعات التالية:

  1. أعمال الرعاية الأسرية والمنزلية غير مدفوعة الأجر وأثرها على المشاركة الاقتصادية للمرأة، والنظر في رعاية المسنين، ورعاية الأطفال، ورعاية ذوي الإعاقة؛
  2. المرأة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثورة الصناعية الرابعة؛ و
  3. الوضع الجديد للمرأة في أعقاب هذه الجائحة.

واستند اختيار هذه الموضوعات إلى نتائج وتوصيات دراسة التمكين الاقتصادي للمرأة لعام 2019 التي أجراها البنك الدولي. وقد خلصت إلى أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر تقع على عاتق المرأة وأن الزواج من العوامل المساعدة لزيادة الوقت الذي تنفقه المرأة في الأنشطة غير مدفوعة الأجر مما يجعل من الصعب مشاركتها مشاركة تامة في سوق العمل.

وقد أشارت هذه الدراسة أيضا إلى أن خدمات الرعاية تمثل قطاعا جاذبا لتوظيف المرأة بينما يدفع بأنشطة الطفولة المبكرة وبذلك يحقق هذا القطاع المنفعة للجميع بينما يستحق المزيد من الاستثمارات.

وتشير الدراسات إلى أن المرأة العاملة تتحمل عبئا مزدوجا، عبء العمل مدفوع الأجر وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر لخدمة أفراد الأسرة. وعادة، لا تحصل المرأة سوى على القدر القليل من الدعم من أفراد الأسرة الذكور للوفاء بالتزاماتها المنزلية والعائلية بالرغم من كونها امرأة عاملة.

وفي عصر ما بعد جائحة كورونا، هناك فرصة لحل مشكلة التوزيع غير العادل للأدوار مثل التحول نحو العمل عن بعد والتوسع في اعتماد ساعات العمل المرنة، مما يتيح للنساء العاملات في القطاع الرسمي تحقيق توازن بين متطلبات عملهن ومسؤولياتهن الأسرية.

ويتطلب نجاح المرأة في بيئة العمل الجديدة اكتساب مهارات وسلوكيات جديدة وإتقانها. وفي سياق الجهود الرامية إلى دعم إدماج المرأة في قوة العمل بعد هذه الجائحة، يهدف كل بحث من بحوث السياسات المشار إليها إلى تقديم حلول ممكنة بشأن أفضل السبل لتحقيق ذلك. وتشمل الحلول المقترحة ما يلي:

  1. إطلاق برنامج قومي لبناء قدرات المرأة ورفع مستوى القدرة التنافسية لها في سوق العمل، وتحديدا في القطاعات المستمرة في الازدهار مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛
  2. العمل على إعادة صياغة منظومة القيم السائدة التي تحول دون تمكين المرأة من خلال حملات إعلامية توظف الدروس المستفادة من هذه الجائحة للمساعدة في إعادة تشكيل الوعي العام للناس؛ و
  3. إجراء دراسات استقصائية واستطلاعات للرأي العام توفر بيانات مفصلة حسب نوع الجنس لتكون بمثابة مدخلات محدَّثة لعملية وضع السياسات وتقييم الإجراءات التدخلية.

ونحن نؤمن إيمانا راسخا بالدور القوي الذي يمكن أن تضطلع به المرأة لخدمة أسرتها وبلدها. كما إننا نتطلع إلى دعم جهود المجلس القومي للمرأة في المستقبل لتمكين المرأة المصرية من الحفاظ على مصادر الدخل والحفاظ على رفاهيتها في خضم الاضطرابات التي جاءت في أعقاب جائحة كورونا. وخلاصة القول، من الذكاء والإنصاف دعم المرأة لأنها القاطرة التي تساعد في دفع عجلة النمو الاقتصادي.


بقلم

مارينا ويس

المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتي، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000