نشر في أصوات عربية

لقاء مع تونس ومسيرتها نحو المستقبل

الصفحة متوفرة باللغة:
Young Tunisians - Arne Hoel l World Bankقمنا بزيارة تونس لنشارك في مشاورات حول استراتيجية الشراكة الجديدة بين تونس ومجموعة البنك الدولي ، قناعة بأنه لا يمكن بناء شراكة فعالة مع هذا البلد بطريقة احادية من واشنطن.  ورغم الصدمة التي أثارتها الهجمات في باردو وسوسة وحديثا في وسط العاصمة التونسية، فإن تونس تواصل عملية الانتقال وهي عازمة على النجاح.  وبعد منح جائزة نوبل للسلام للرباعي التونسي المؤلف من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، أظهرت تونس أن لديها قلب بطل.  فهي نموذج لواحدة من أكثر عمليات الانتقال المبشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!

وفي هذا السياق وفي منعطف رئيسي في تاريخ البلاد، تظهر مجموعة البنك الدولي مرة أخرى أنها شريك في هذه العملية الانتقالية وهي تعد بالتنسيق مع الحكومة إطار الشراكة الاستراتيجية الجديدة للسنوات 2016-2020.

وحيث أنه لا يمكن وضع الخطوط العريضة للاستراتيجية بدون التشاور مع الشعب التونسي، فقد قررت الانضمام إلى فريق المكتب في تونس والتوجه لمقابلة الشعب التونسي والاستماع إلى آماله وتوقعاته.  وكان أوللقاء مع أعضاء المجتمع المدني في مقر ولاية زغوان مثمرا حيث عرفني على ظروف عيش ساكنة هذه المنطقة.  كما شكل لقائي مع سكان الفحص وبئر مشارقة وحامم زريبا فرصة فريدة لمساعدتي على حسن فهم القيود التي يواجهها سكان واحدة من أشد مناطق تونس حرمانا. وتركزت مناقشاتنا على ركائز إطار الشراكة الاستراتيجية التي تستند إلى تشجيع الاحتواء الاجتماعي والحد من أوجه الحرمان.

ويعد الاحتواء الاجتماعي للشباب محورا متقاطعا لهذه الركيزة ومن الموضوعات القريبة إلى قلبي بشكل خاص. فالإمكانيات الباهرة للشباب التونسي المبدع يحقق الفخر لبلد يرجع تاريخه الى العصور القديمة.  ولم يثبط شباب زغوان الأحلام المحبطة لمحمد بوعزيزي. فمن بين الأشياء التي ذكروها، عبارة مازالت تتردد في ذهني: "دعونا نأخذ زمام المبادرة اانهوض بوضعنا."  إنها مثل صرخة من القلب لنظام أقصى هؤلاء الشباب وتركهم طويلا على هامش التنمية.  ومن الرسائل المهمة الأخرى التي تبادلناها كانت المساواة في الفرص وخاصة بين الشباب والتعليم والوظائف ومساندة الأعمال الحرة، وذلك من بين الكثير من التوقعات.

وكانت محطتنا التالية في جولة مشاوراتنا بلدة طبوبة والتي تقع على مسافة ساعة بالسيارة من باجة. أصبحت هذه القرية والتي تتواجد في منطقة جبلية مرتفعة، معروفة بفنها التاريخي في تقطير الزيوت. وفي مقطرة القرية استمعنا لقصص من ست سيدات تعد شهادتهن درسا آخر على مثابرة الشعب التونسي. فتعتمد هؤلاء النسوة على عزمهن ومبادرتهن ، من أجل الحصول على شهادة تثبت أن منتجاتهن تحترم شروط الانتاج العضوي (Bio)كي يستطعن توسعة أسواق منتجاتهن ولما لا الوصول إلى التصدير. إن هذه الأجزاء من القصص تثبت مرة أخرى قدرة الشعب التونسي على الصمود.

غادرت تونس ولدي إحساس بالإيمان في هذا البلد وبالأمل فيه. وفي حين أن المشاورات مازالت جارية لإعداد إطار الشراكة الاسترايجية الجديد، ستسعى مجموعة البنك الدولي إلى تحقيق أثر إيجابي في المرحلة التاريخية المقبلة. وستستمر قصصا مثل قصص شباب زغوان والنساء اللاتي ينتجن الزيوت في طبوبة في إنارة طريق شراكتنا مع الشعب التونسي في مسيرته نحو المستقبل.

بقلم

ماري فرانسواز نيلي

المدير القطري للبنك الدولي في بوتسوانا وإسواتيني وليسوتو وجنوب إفريقيا

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000