نشر في أصوات عربية

الاستثمار في النساء والفتيات من أجل مستقبل أفضل

الصفحة متوفرة باللغة:
A female doctor smiles at a woman and her young child. طبيبة تبتسم لامرأة وطفلها الصغير.

المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ليست مجرد شعارات، كما أن اليوم العالمي للمرأة ليس مجرد مناسبة للاحتفال بالنجاح وتسليط الضوء على التحديات. إنها فرصة لإعادة التأكيد على أن الاستثمار في النساء والفتيات هو الشيء الصحيح والذكي الذي يجب القيام به، مما يسمح للبلدان بجني المنافع الكبيرة لما يسمى "عائد المساواة في قضايا النوع الاجتماعي."  

كما أنه يشير إلى المنافع الاقتصادية التي يمكن جنيها من تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في مختلف جوانب المجتمع، بما في ذلك التعليم والمشاركة في القوى العاملة وريادة الأعمال والقيادة.  وللوصول إلى هناك، يجب أن نبدأ من البداية. كل دقيقتين، تموت امرأة من الحمل أو الولادة. وتزداد تلك المأساة إيلاما عندما ندرك أنه كان من الممكن تجنب العديد من هذه الوفيات. علاوة على ذلك ، نحن نعلم أنه عندما تنجو الأم ، ينجو و يزدهر طفلها. فالأطفال، الذين لا تزال أمهاتهم على قيد الحياة ويشاركن بنشاط، يزداد احتمال أن يعيشوا حتى عيد ميلادهم الأول، وتزداد فرصة أن يتمتعوا برعاية صحية وتغذية أفضل، وأن يذهبوا إلى المدرسة. هذا ينطبق بشكل خاص على الفتيات الصغيرات.  

ومع ذلك، فإن الوفيات النفاسية هي أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفئة العمرية 15-19 عاماً على مستوى العالم. وفي المتوسط، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفاضاً في خصوبة المراهقات منذ عام 2010. وكان هذا الانخفاض مدفوعاً بالتقدم في بعض البلدان مثل تونس والجزائر (7 و 12 ولادة لكل 1000 مراهق على التوالي). ولكن في بلدان أخرى، مثل العراق واليمن، لا تزال خصوبة المراهقات مرتفعة حيث تبلغ 62 و54 ولادة لكل 1000 مراهق على التوالي، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى الزواج المبكر ونقص وسائل تنظيم الحمل المتاحة. 

وفي حين قطعت المنطقة ككل خطوات كبيرة في تحسين صحة النساء والفتيات، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. ففي اليمن، على سبيل المثال، أسهم الصراع والهشاشة في تعطيل الخدمات ونزوح السكان الذين أصبحت إمكانية حصولهم على رعاية صحية محدودة أكثر هشاشة. وفي صعيد مصر، أكثر من نصف النساء لا يحصلن على وسائل تنظيم الحمل اللازمة على الرغم من أن نحو 66.4 % على المستوى الوطني لديهن. وفي المملكة حيث تتوفر رعاية عالية الجودة لمعظم الناس، تتعلق القضايا الرئيسية بسهولة حصول النساء على الرعاية الإنجابية ورعاية الأمومة، لا سيما في المناطق النائية. 

التعليم عامل وقائي لصحة النساء والفتيات. ومع ذلك، لم يحقق سوى 29٪ من البلدان المساواة بين الجنسين في التعليم في المرحلة الثانوية. وعلى الرغم من أن العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل البحرين والأردن والمملكة العربية السعودية مدرجة في هذه القائمة، فإنها تشير إلى انخفاض معدلات الالتحاق من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية - على سبيل المثال، في جيبوتي، ينخفض معدل الالتحاق من 52٪ إلى 34٪ (32٪ للإناث)؛ وفي الأردن، تنخفض النسبة من 74% إلى 63% (65% للإناث)؛ وفي مصر ترتفع النسبة من 95٪ إلى أقل قليلا من 75٪ (73٪ للإناث).   

وفي الوقت نفسه، لا يدخل سوى عدد قليل جداً من النساء أسواق العمل في المنطقة بمعدل مشاركة صادم يبلغ 18.8٪. كما يجدر الإشارة إلى أنَّ التقاليد والأعراف قوية بشأن أدوار النساء كأم ومقدمة للرعاية، وهو ما لا يترك مجالاً كبيراً للكثيرات للانخراط في العمل الرسمي. ومع ذلك ، هذا لا يعني أنهم لا يعملون - ولكنه ببساطة عمل غير رسمي وغير مدفوع الأجر. وهذا يعرضهن لخطر أكبر من التعرض للضرر الاقتصادي، وبالتالي يجعلهنّ في وضع أضعف للدفاع عن صحتهن.  

إن الاستثمار في المرأة ليس مسألة عدالة اجتماعية فحسب، بل هو أيضا ضرورة إستراتيجية لتسريع وتيرة التقدم والنمو الاقتصادي على كوكب صالح للعيش فيه.  

ولكي نتمكن من الاستفادة من العائد الناشئ عن المساواة بين الجنسين، يجب أن نعمل عبر مختلف القطاعات والقضايا: 

  1. التعليم: لا يؤدي تعليم الفتيات والنساء إلى زيادة مهاراتهن ومعرفتهن وفرصهن الحياتية فحسب، بل له أيضا تأثيرات مضاعفة عبر الأجيال. 

  2. خلق فرص العمل: من خلال الاستثمار في ريادة الأعمال النسائية ومشاركتها في القوى العاملة، يمكن للاقتصادات إطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة ودفع عجلة الابتكار والإنتاجية والقدرة التنافسية.  

  3. الإصلاح القانوني والسياسي: من الضروري وجود قوانين وسياسات تحمي حقوق المرأة وتعزز المساواة بين الجنسين، مثل مكافحة العنف القائم على نوع الجنس أو التمييز في أسواق العمل، أو التي تضمن المساواة في الوصول إلى العدالة والتمثيل القانوني للمرأة. 

  4. القيادة النسائية: يعد تطوير برامج القيادة النسائية لبناء قدراتها، وتنفيذ حصص الجنسين أو غيرها من تدابير العمل الإيجابي أمراً مهماً لتشجيع مشاركة المرأة في السياسة وأدوار صنع القرار في القطاع الخاص.  

  5. السلام والاستقرار: تعد مشاركة المرأة في عمليات بناء السلام وحل النزاعات وصنع القرار أمراً ضرورياً لبناء مجتمعات أكثر مرونة واستقراراً وسلاماً. 

وفي كثير من الأحيان، تعطى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة أولوية أدنى من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. لكن هذا قصر نظر. لقد تجاوز الوقت الاعتراف بأن الاستثمار في النساء والفتيات هو جوهر التنمية. 


بقلم

فاديا سعدة

المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي

سميرة التويجري

كبير أخصائيي الشؤون الصحية، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000