كبرت الفكرة لدي الأسبوع الماضي أثناء تجولي في الأردن وزيارتي لبعض المناطق الاقتصادية التي وفرها الأردنيون للمستثمرين كي ما يقوموا بإنشاء أنشطة أعمال وتوظيف للسوريين. وهناك قابلنا أحمد وهو أحد المستثمرين السوريين. كان أحمد من أوائل القادمين إلى هنا منذ بدء الأزمة وهو يعمل في مجال تصنيع الأحذية، وقد أعاد إنشاء مشروعه الصغير في مدينة معان الأردنية، ومن بداية بسيطة، أصبح لديه الآن 30 موظفًا معظمهم من الأردنيين. وبعد ذلك انتقلنا إلى مدينة الكرك حيث قابلنا مصطفى وهو سوري آخر لديه قصة مماثلة حيث يعمل في مجال تصنيع الحلوى، ويبيع منتجاته في أماكن مختلفة في جميع أنحاء العالم ومن بينها جمهورية الدومينيك.
وفي طريق عودتي إلى عمان بعد الظهر ــ تساءلت هل بمقدورنا أن نجد أمثلة على غرار أحمد ومصطفى. لقد سمعنا عن عشرات مثلهم ممن لديهم مشروعات صغيرة ومتوسطة في الأردن، وهناك آخرون في الخليج، وغيرهم في تركيا، ومصر. لقد كان هؤلاء محظوظين، فهم، كمستثمرين، لم تُدمر أنشطة أعمالهم واستطاعوا نقل بعض رؤوس أموالهم ومعداتهم وخبراتهم التقنية. لكن ماذا عن غير المحظوظين ــ هؤلاء الذين دُمرت أعمالهم؟ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من قدرات التصنيع في حلب تم تدميرها . لقد ضاع مركز التصنيع في الشرق الأوسط ــ المكان الذي يولد وينتج "قدرات وإمكانات التصنيع" من أدوات وسبائك، إنها حلب. ما الذي يمكن القيام به؟
وقد تحدثت مع عمر كراسبان، وهو مدوّن مثلي ومهتم بشؤون اللاجئين والشرق الأوسط بشأن هذا التحدي. فنحن نعرف من خلال خبراتنا وتجاربنا بالبيئات الهشة أن جاليات المغتربين هم المحرك الأول. لذلك، بحثنا في البيانات أولًا. فالمغتربون السوريون ظاهرة متعددة الأجيال (نشأت في بداية القرن التاسع عشر) مع هجرة معظمهم إلى الأميركيتين. فالسوريون في البرازيل وأميركا والأرجنتين والمكسيك وكندا يشكلون 75% أو أكثر من إجمالي المغتربين السوريين، والبقية ينتشرون في أوروبا وأفريقيا وأوقيانوسيا. لكن نمط اللاجئين مختلف تمامًا. فالتركيز الأكبر منهم خارج المنطقة في ألمانيا والسويد. والغالبية العظمى منهم لا تزال في بلدان مجاورة لسوريا: تركيا ولبنان والأردن. فما الإمكانات والتسهيلات المطلوبة لتقريب هذه المسافة الجغرافية، وتقريب اللاجئين من المستثمرين المحتملين من المغتربين؟
خلاصة القول، نحن بحاجة إلى مساعدة ونرحب بأي أفكار في هذا الموضوع. لقد سمعنا الكثير عن أنشطة غير رسمية في هذا الشأن، لكن البنك الدولي باعتباره مؤسسة يرغب في معرفة طرق مساندة المبادرات التي تحقق فروقًا في حياة اللاجئين ومجتمعاتهم والبلدان المضيفة لهم. ونحن نبحث، بصورة خاصة، عن سبل لإيجاد المهارات والملكات والخبرات في مجال ريادة الأعمال وكذلك رؤوس الأموال إن كانت متاحة للمساعدة في التصدي للتحدي المتمثل في إيجاد فرص عمل في الأردن ولبنان وتركيا.
انضم إلى النقاش