سؤال واحد يثار غالباً كلما التقيت زملائي العاملين على قضايا تغيُّر المناخ ألا وهو: مدى قدرة قطاع الطاقة في الشرق الأوسط على التكيف مع واقع تحجيم الإنبعاثات الكربونية. في مايو/أيار 2015، امتلأ صندوق بريدي الإلكتروني بمقالات تنقل تصريحات عن وزير البترول والثروة المعدنية السعودي السيد علي النعيمي الذي أعلن أن المملكة العربية السعودية تطمح أن تصبح قوة عالمية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وقد تبدأ تصدير الطاقة المتجددة بدلا من الوقود الأحفوري في السنوات القادمة
.
فمن المعروف جيدا أن موارد الطاقة عامل مهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ أن المحروقات هي أكبر صادرات المنطقة وأكبر مواردها للنقد الأجنبي. ولا تزال المنطقة هي المورد الكبير الوحيد للنفط المنخفض التكلفة، إذ تمتلك 48% من الاحتياطيات العالمية، وهي مصدر مهم للغاز الطبيعي، إذ تمتلك 41% من احتياطياته العالمية (لاسيما في إيران وقطر والسعودية). ويعتمد النمو الاقتصادي المحلي في المنطقة، كما هو الحال في أي مكان آخر، على توفُّر طاقة ميسورة التكلفة يسهل الوصول إليها، حيث يتوقع أن يواصل الطلب على الطاقة الأولية نموه في العقدين القادمين بمعدل 2.8% سنويا، وهو يضاهي نظيره في بلدان الأسواق الناشئة الأخرى.
ومن المتوقَّع أيضاً، وفقا لتقييم مُتحفِّظ من وكالة الطاقة الدولية، أن يزيد الطلب العالمي على الطاقة 37% بحلول عام 2040، وهو ما يفترض تراجع النمو في الطلب العالمي بمقدار النصف في السنوات القادمة، وأنه سيحدث تغيُّر هيكلي في الاقتصاد العالمي نحو الخدمات والصناعات الخفيفة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تسهم آسيا بنسبة 60% من النمو في الطلب العالمي، وذلك بفضل النمو القوي في البلدان النامية. وتقول الوكالة إنه بحلول عام 2040، من المحتمل أن يزداد اعتماد العالم على الشرق الأوسط كمصدر للنفط، وإن برميلين اثنين من كل ثلاثة براميل تُستهلَك في آسيا ستأتي من الشرق الأوسط. وسيزداد الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 50% بحلول عام 2040، وهو أكبر معدل لنمو الطلب على وقود أحفوري وسيأتي في معظمه من قطاعي الكهرباء والصناعة.
وسيُعقَد مؤتمر دولي في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015 سعيا إلى إبرام اتفاق لتفادي الآثار الخطرة لتغيُّر المناخ في العالم، في حين يدعو العلماء إلى تحقيق تخفيضات عميقة في الانبعاثات الكربونية من أجل تقييد ارتفاع درجات الحرارة بحيث لا تتجاوز درجتين مئويتين عن المستويات التاريخية. ويأخذ السيناريو المُتحفِّظ لوكالة الطاقة الدولية في الحسبان تعهدات المجتمع الدولي الحالية بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ذلك تطبيق إجراءات شاملة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة، لكنه يشير إلى أن السيناريو لم يتحقق إذ أن درجات حرارة العالم من المحتمل أن ترتفع 3.6 درجة مئوية. وسيكون على المحك في باريس قدرة المجتمع الدولي على الاتفاق على مسار يجمع بين الحوافز والابتكارات اللازمة لتغيير المزيج النسبي من النفط والفحم والغاز والتقنيات المنخفضة الانبعاثات الكربونية من أجل تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. وسيتوقَّف النجاح في الجهود العالمية لمكافحة تغيُّر المناخ على قدرتنا لتحفيز استخدام الطاقة النظيفة، إذ أن قطاع الطاقة مسؤول عن ثلثي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
وتشهد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحوُّلا نحو النمو الأكثر مراعاة للبيئة من خلال عدد من المُحرِّكات يتصل معظمها بالأهداف الوطنية. فالبلدان التي تعتمد اعتمادا كبيرا على واردات الوقود الأحفوري بدأت بالفعل السعي إلى تنويع مزيج الطاقة لديها كوسيلة للحد من الآثار السلبية لصدمات الأسعار المحتملة. وفي عام 2009، أعلن المغرب عن خطط لاستثمار 13 مليار دولار للحصول على 42% من احتياجاته من الكهرباء من موارد الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وأتبع ذلك باستثمارات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية. ويسعى الأردن إلى زيادة حصة الكهرباء المنتجة من الغاز الطبيعي من 10% إلى 70% من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال، الذي سيحل محل زيت الغاز والديزل الأكثر تكلفة وتوليدا للكربون. والغاز هو أنظف موارد الوقود الأحفوري وتبلغ نسبة ما يسببه من انبعاثات كربونية في العادة نصف ما يتولَّد عن الفحم عند الاحتراق حينما يُستخدم في توليد الكهرباء. وفي مسعى يستهدف تنويع أنشطة الاقتصاد، تبنَّت الإمارات العربية المتحدة هدف زيادة نمو القطاعات غير النفطية إلى 5% سنويا في رؤيتها حتى عام 2021.
ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلا. فبين عامي 2000 و2012، انخفضت كثافة استخدام الطاقة في الشريحة الدنيا للبلدان المتوسطة الدخل على مستوى العالم 2.5% سنويا، بينما زاد متوسط الكثافة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تندرج في نفس شريحة الدخل. وبالنظر إلى تكاليف الفرصة الضائعة، فإنه يجب على الشرق الأوسط تقليل اعتماده على استخدام النفط في إنتاج الكهرباء من 36% عام 2012 إلى صفر. ويجب الاحتفاظ بالنفط للاستخدامات التي لا تزال بدائله فيها باهظة التكلفة مثل وسائل النقل. ومع أن الغاز لا يزال الوقود الرئيسي لإنتاج الكهرباء، فإن هذا المورد الثمين يتعرض للإهدار من خلال الإحراق، إذ أن خمسة من البلدان الاثنى عشر الأكثر إحراقا للغاز تقع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتستطيع بلدان مثل العراق تحقيق المزيد من تنمية مواردها من الغاز لتلبية احتياجاتها المتنامية من الكهرباء والتخفيف من انقطاع الكهرباء. ومع أن نسبة الطاقة المتجددة بخلاف الطاقة الكهرومائية لا تزال صغيرة إذ تقل عن 3% من إمدادات الطاقة العالمية، فإنه بوسع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة لتنويع مزيج الطاقة لديها، ولاسيما من الطاقة الشمسية بالنظر إلى أن المنطقة تتمتع بأعلى معدلات للإشعاعات الشمسية المباشرة في العالم. ووفقا لتحليل للبنك الدولي، فإن الإمكانيات الفنية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة تبلغ 20% في أنحاء المنطقة مع أخذ التقنيات الحالية في الحسبان.
والاعتماد على التسعير الذي يستند إلى التكلفة الحقيقية لخدمات الطاقة من العوامل التي تساعد أيضا على تحفيز الاستثمارات في موارد الطاقة البديلة الأكثر نظافة وكذلك على تحسين كفاءة استخدام الطاقة. ومع انخفاض سعر النفط بنحو النصف عن ذروته في يونيو/حزيران 2014، تجد البلدان أيضا حافزا لتنفيذ إصلاحات في القطاع ولنظام التسعير سيكون لها آثار محدودة نسبيا. وتذهب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن إلغاء كل أشكال الدعم لمنتجات الطاقة سيقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 20% على مستوى العالم.
وعودة إلى وزير البترول والثروة المعدنية السعودي السيد على النعيمي، فإن ما فهمته من كلماته شيئين: (1) أن بلدان المنطقة تريد الحفاظ على مكانتها بوصفها المُورِّد الرئيسي للطاقة في العالم، ومستعدة للاستجابة للطلب على موارد الطاقة الأنظف؛ و (2) أن المنطقة غنية بالطاقة الشمسية وتريد تنمية هذا المورد من أجل تلبية الطلب في سوق تصدير جديدة آخذة في الظهور.
فمن المعروف جيدا أن موارد الطاقة عامل مهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ أن المحروقات هي أكبر صادرات المنطقة وأكبر مواردها للنقد الأجنبي. ولا تزال المنطقة هي المورد الكبير الوحيد للنفط المنخفض التكلفة، إذ تمتلك 48% من الاحتياطيات العالمية، وهي مصدر مهم للغاز الطبيعي، إذ تمتلك 41% من احتياطياته العالمية (لاسيما في إيران وقطر والسعودية). ويعتمد النمو الاقتصادي المحلي في المنطقة، كما هو الحال في أي مكان آخر، على توفُّر طاقة ميسورة التكلفة يسهل الوصول إليها، حيث يتوقع أن يواصل الطلب على الطاقة الأولية نموه في العقدين القادمين بمعدل 2.8% سنويا، وهو يضاهي نظيره في بلدان الأسواق الناشئة الأخرى.
ومن المتوقَّع أيضاً، وفقا لتقييم مُتحفِّظ من وكالة الطاقة الدولية، أن يزيد الطلب العالمي على الطاقة 37% بحلول عام 2040، وهو ما يفترض تراجع النمو في الطلب العالمي بمقدار النصف في السنوات القادمة، وأنه سيحدث تغيُّر هيكلي في الاقتصاد العالمي نحو الخدمات والصناعات الخفيفة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تسهم آسيا بنسبة 60% من النمو في الطلب العالمي، وذلك بفضل النمو القوي في البلدان النامية. وتقول الوكالة إنه بحلول عام 2040، من المحتمل أن يزداد اعتماد العالم على الشرق الأوسط كمصدر للنفط، وإن برميلين اثنين من كل ثلاثة براميل تُستهلَك في آسيا ستأتي من الشرق الأوسط. وسيزداد الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 50% بحلول عام 2040، وهو أكبر معدل لنمو الطلب على وقود أحفوري وسيأتي في معظمه من قطاعي الكهرباء والصناعة.
وسيُعقَد مؤتمر دولي في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015 سعيا إلى إبرام اتفاق لتفادي الآثار الخطرة لتغيُّر المناخ في العالم، في حين يدعو العلماء إلى تحقيق تخفيضات عميقة في الانبعاثات الكربونية من أجل تقييد ارتفاع درجات الحرارة بحيث لا تتجاوز درجتين مئويتين عن المستويات التاريخية. ويأخذ السيناريو المُتحفِّظ لوكالة الطاقة الدولية في الحسبان تعهدات المجتمع الدولي الحالية بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ذلك تطبيق إجراءات شاملة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة، لكنه يشير إلى أن السيناريو لم يتحقق إذ أن درجات حرارة العالم من المحتمل أن ترتفع 3.6 درجة مئوية. وسيكون على المحك في باريس قدرة المجتمع الدولي على الاتفاق على مسار يجمع بين الحوافز والابتكارات اللازمة لتغيير المزيج النسبي من النفط والفحم والغاز والتقنيات المنخفضة الانبعاثات الكربونية من أجل تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. وسيتوقَّف النجاح في الجهود العالمية لمكافحة تغيُّر المناخ على قدرتنا لتحفيز استخدام الطاقة النظيفة، إذ أن قطاع الطاقة مسؤول عن ثلثي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
وتشهد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحوُّلا نحو النمو الأكثر مراعاة للبيئة من خلال عدد من المُحرِّكات يتصل معظمها بالأهداف الوطنية. فالبلدان التي تعتمد اعتمادا كبيرا على واردات الوقود الأحفوري بدأت بالفعل السعي إلى تنويع مزيج الطاقة لديها كوسيلة للحد من الآثار السلبية لصدمات الأسعار المحتملة. وفي عام 2009، أعلن المغرب عن خطط لاستثمار 13 مليار دولار للحصول على 42% من احتياجاته من الكهرباء من موارد الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وأتبع ذلك باستثمارات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية. ويسعى الأردن إلى زيادة حصة الكهرباء المنتجة من الغاز الطبيعي من 10% إلى 70% من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال، الذي سيحل محل زيت الغاز والديزل الأكثر تكلفة وتوليدا للكربون. والغاز هو أنظف موارد الوقود الأحفوري وتبلغ نسبة ما يسببه من انبعاثات كربونية في العادة نصف ما يتولَّد عن الفحم عند الاحتراق حينما يُستخدم في توليد الكهرباء. وفي مسعى يستهدف تنويع أنشطة الاقتصاد، تبنَّت الإمارات العربية المتحدة هدف زيادة نمو القطاعات غير النفطية إلى 5% سنويا في رؤيتها حتى عام 2021.
ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلا. فبين عامي 2000 و2012، انخفضت كثافة استخدام الطاقة في الشريحة الدنيا للبلدان المتوسطة الدخل على مستوى العالم 2.5% سنويا، بينما زاد متوسط الكثافة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تندرج في نفس شريحة الدخل. وبالنظر إلى تكاليف الفرصة الضائعة، فإنه يجب على الشرق الأوسط تقليل اعتماده على استخدام النفط في إنتاج الكهرباء من 36% عام 2012 إلى صفر. ويجب الاحتفاظ بالنفط للاستخدامات التي لا تزال بدائله فيها باهظة التكلفة مثل وسائل النقل. ومع أن الغاز لا يزال الوقود الرئيسي لإنتاج الكهرباء، فإن هذا المورد الثمين يتعرض للإهدار من خلال الإحراق، إذ أن خمسة من البلدان الاثنى عشر الأكثر إحراقا للغاز تقع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتستطيع بلدان مثل العراق تحقيق المزيد من تنمية مواردها من الغاز لتلبية احتياجاتها المتنامية من الكهرباء والتخفيف من انقطاع الكهرباء. ومع أن نسبة الطاقة المتجددة بخلاف الطاقة الكهرومائية لا تزال صغيرة إذ تقل عن 3% من إمدادات الطاقة العالمية، فإنه بوسع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة لتنويع مزيج الطاقة لديها، ولاسيما من الطاقة الشمسية بالنظر إلى أن المنطقة تتمتع بأعلى معدلات للإشعاعات الشمسية المباشرة في العالم. ووفقا لتحليل للبنك الدولي، فإن الإمكانيات الفنية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة تبلغ 20% في أنحاء المنطقة مع أخذ التقنيات الحالية في الحسبان.
والاعتماد على التسعير الذي يستند إلى التكلفة الحقيقية لخدمات الطاقة من العوامل التي تساعد أيضا على تحفيز الاستثمارات في موارد الطاقة البديلة الأكثر نظافة وكذلك على تحسين كفاءة استخدام الطاقة. ومع انخفاض سعر النفط بنحو النصف عن ذروته في يونيو/حزيران 2014، تجد البلدان أيضا حافزا لتنفيذ إصلاحات في القطاع ولنظام التسعير سيكون لها آثار محدودة نسبيا. وتذهب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن إلغاء كل أشكال الدعم لمنتجات الطاقة سيقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 20% على مستوى العالم.
وعودة إلى وزير البترول والثروة المعدنية السعودي السيد على النعيمي، فإن ما فهمته من كلماته شيئين: (1) أن بلدان المنطقة تريد الحفاظ على مكانتها بوصفها المُورِّد الرئيسي للطاقة في العالم، ومستعدة للاستجابة للطلب على موارد الطاقة الأنظف؛ و (2) أن المنطقة غنية بالطاقة الشمسية وتريد تنمية هذا المورد من أجل تلبية الطلب في سوق تصدير جديدة آخذة في الظهور.
انضم إلى النقاش