كيف تؤثر جائحة فيروس كورونا على المرأة السعودية

تقوم المرأة السعودية بدور رئيسي في التحول الاجتماعي والاقتصادي في إطار رؤية 2030. وتنفذ حكومة المملكة العربية السعودية برنامجًا واسعًا لإصلاح أوضاع المرأة حظي بتقدير دولي. وقد احتل البرنامج المرتبة الأولى على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والثانية على مستوى العالم العربي في تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الصادر عن البنك الدولي (2020) فيما يتعلق باثني عشر برنامجاً يتعلق بالمرأة. وتشمل الأمثلة على التعديلات القانونية الجديدة حماية المرأة من التمييز في التشغيل وفي الحصول على الخدمات المالية. كما تم توحيد سن التقاعد للرجل والمرأة عند 60 سنة، مما يطيل مدة عمل المرأة ودخها واشتراكاتها في المعاش التقاعدي.

إلى جانب السياسات الجديدة، حدث تحول سلوكي حيث أصبحت العديد من الأسر السعودية تدرك أهمية مساهمة المرأة في الازدهار الشامل للجميع. في الواقع، حدث تحسن سريع وملموس على مدى السنوات القليلة الماضية في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للمرأة. فوفقًا للهيئة العامة للإحصاء، ارتفعت معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة من 19% عام 2016 إلى 26% بحلول الربع الأخير من عام 2019، كما ارتفع معدل تشغيلهن نحو 9% خلال الفترة نفسها.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات عديدة قائمة. فنصف الشابات السعوديات لا يعملن، ولا يتلقين أي قدر من التعليم أو التدريب. وليس بوسع جميع النساء العثور على عمل، وخاصة الباحثات عن عمل لأول مرة. وكان معدل البطالة بين النساء 30.8٪ عام 2019.

ويهدد تفشي جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط ما تحقق من تقدم حتى الآن. فقد أدى انخفاض النمو الاقتصادي إلى تسريح الكثير من العاملين وزيادة مجموع العاطلين عن العمل. ونظرًا لأن غالبية النساء العاطلات عن العمل لا يملكن خبرة عملية أو لم يحصلن على تدريب، فسيصبحن في وضع غير مواتٍ عندما يتنافسن مع السعوديين الآخرين من الرجال والنساء، من غير الباحثين عن عمل لأول مرة، ولكن تم تسريحهم بسبب الأزمة القائمة. وستزيد هذه الأزمة من التحديات التي تواجه الباحثات عن عمل لأول مرة وقد تعطل دخولهن إلى سوق العمل.

والعاملات في القطاع الخاص أكثر ضعفا. ويمثل التشغيل في القطاع الخاص نسبة كبيرة من جميع العاملات. ومع ذلك، فهي تتركز في عدد قليل من القطاعات والمهن مثل بيع التجزئة والتعليم والتي تضررت بشدة من جراء أزمة فيروس كورونا. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يشهد تشغيل النساء في هذه القطاعات تراجعا كبيرا. من ناحية أخرى، تعمل النساء أيضًا في أنشطة الرعاية الصحية والعمل الاجتماعي حيث يتواجدن في الخط الأمامي للأزمة. فما يقرب من 45٪ من العاملين في قطاع الرعاية الصحية هم من النساء اللاتي زاد الطلب على عملهن.

علاوة على ذلك، وبسبب الأزمة، ظلت المدارس ومرافق رعاية الأطفال مغلقة منذ أوائل شهر مارس آذار 2020. وبالتالي، ازداد الطلب على العمل المتعلق بالأسرة والمنزل، والذي يقع كاهله في المقام الأول على النساء. وقد يثبط ذلك أيضًا المرأة عن البحث عن عمل أو البقاء ضمن القوى العاملة، مما يضاعف من التحديات التي تواجهها.

حققت السعوديات قفزات هائلة على مدى السنوات القليلة الماضية مع زيادة معدلات المشاركة في القوى العاملة والعمل بالقطاع الخاص. وعلى الرغم من هذه المكاسب، أبرزت أزمة فيروس كورونا التحديات التي لا تزال المرأة تواجهها في الاقتصاد والمجتمع اليوم. فبالإضافة إلى الأعراف الاجتماعية والعبء الاقتصادي الناجم عن العمل غير مدفوع الأجر بالمنزل، يفتقر الكثير من النساء إلى الخبرة العملية ويتركزن في قطاعات ومهن قليلة. وقد نفذت الحكومة بالفعل العديد من الإجراءات للتخفيف من تأثير أزمة فيروس كورونا مثل تقديم إعانات الأجور للسعوديين في القطاع الخاص. وستكون هناك حاجة إلى دعم إضافي خلال هذه الأزمة. وقد يستلزم ذلك إعادة تدريب العاملين والباحثين عن عمل على مهارات جديدة وتنمية مهاراتهم وتوفير المزيد من فرص العمل عن بعد.

لا ينبغي السماح لجائحة فيروس كورونا بعرقلة جهود الإصلاحات الحكومية. فعلى جانب الطلب، يمكنهم خلق حوافز لأرباب العمل لتشغيل النساء، مثل دعم جزء من عطلة الأمومة. ومن ناحية العرض، يمكنهم التشجيع على تشغيل الإناث أو ريادة الأعمال النسائية عن طريق زيادة مدة عطلة الأمومة وتوفير دعم كافٍ لرعاية الأطفال لجميع العاملات والباحثات عن عمل. ويجب انتهاز فرصة أزمة فيروس كورونا لتسريع وتيرة الإصلاحات المقررة والتي من شأنها أن تحقق المزيد من التقدم نحو تمكين المرأة في القوى العاملة.