تطرقنا إلى الكثير من الموضوعات المهمة أثناء الدردشة المباشرة التي قمت باستضافتها الشهر الماضي. وعندما أعددنا قائمة بالكلمات الأكثر شيوعاً في هذه الدردشة، كان التعليم هو القضية الأكثر بروزاً.
ولا عجب في ذلك، فأنا أتصور أن كثيرا من الأصوات التي انضمت إلىَّ في الدردشة كانت أصواتٍ شابة. فالتعليم وإيجاد فرص عمل هما أكثر القضايا أهمية بين الشباب.وعلى مدى سنوات عدة، كان زملائي في البنك الدولي يعملون على معالجة قضية التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع التركيز بوجه خاص على النهوض بمستوى الجودة.وكانوا يرون (أعتقد أن كثيرين في دردشتنا سيوافقون) أن جودة التعليم في المنطقة هي التحدي الرئيسي ومعها المهارات التي تحتاج إليها السوق ويمكن أن يتيحها تحسين الجودة.
تصدر التعليم لقائمة الكلمات الأكثر شيوعاً في الدردشة جعلني أجمع خبرائي في التعليم وأدرس مليا أفضل السبل التي يمكننا بها تقديم يد العون الآن.ومن المثير للاهتمام، أنهم قالوا إنهم كانوا مترددين في وضع التعليم على سلم أولويات جدول الأعمال في أعقاب الثورات، ذلك لأنهم رأوا أن إصلاح التعليم هدف طويل الأجل وأن الثورات تخلت عن مثل هذه التحديات الملحة.
ولكن ينبغي ألا نؤجَّل قضية التعليم، وعليه ماذا نفعل الآن؟ مراد الزين زميلي الذي يملك مهارات فائقة ويدير مع فريقه أجندة التعليم في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان يدرس هذا الموضوع بتأني. ويرى مراد أننا ماضون في ثلاث مراحل: الآن، والأجل القصير إلى المتوسط، والأجل المتوسط إلى الطويل.
فما ينبغي عمله الآن هو:
- زيادة نطاق المشاركة في التعليم، وفتح المجالس المدرسية لمناقشات حقيقية تتسم بالشفافية والسماح بالاستماع لأصوات الآباء والعاملين في قطاع التعليم
- قياس ما يتعلمه الطلاب، وجمع البيانات التي يمكن على أساسها اتخاذ القرارات المتصلة بالسياسات، والدخول في حوار صريح وواضح مع المدارس والآباء
- السماح للقطاع الخاص بالاستثمار والابتكار على كل مستويات التعليم (هل تعلم أن القطاع الخاص في تونس، على سبيل المثال، يمكنه تقديم الخدمات التعليمية، لكن التعليم المعروض يجب أن يكون مرآة كاملة للتعليم الذي تقدمه الدولة؟)
ويرى مراد أنه إذا جرى استخدام القوة الدافعة للثورة لتعزيز مشاركة الأطراف المعنية في العملية التعليمية كما هو موضح أعلاه، فإن ذلك سيؤدي إلى التغيير ويمهد الطريق إلى إصلاحات على المدى القصير والمتوسط، مثل:
- إصلاح المناهج التعليمية، والتأهيل المهني للمدرسين، وبرامج تنمية الطفولة المبكرة، إلخ.
ويتطلب هذا الجانب من عملية الإصلاح الكثير من المناقشات والمشاورات المفتوحة، ولا تظهر فيه نتائج حقيقية قبل مرور خمسة أعوام على الأقل.
أما الهدف الرئيسي الذي تتوخاه المرحلة الثالثة في أجندة إصلاح التعليم (على المدى المتوسط إلى الطويل) فيتمثل في تعزيز دور المساءلة.
- كيفية مساءلة المعلمين عن عملية التدريس والنواتج الحقيقية؟وبعبارة أخرى، هل يساعد المدرسون الطلاب على تكوين المهارات والمعارف اللازمة لإيجاد فرصة حقيقية للنجاح في العالم؟
وهنا، أعتقد أن مراد الزين مصيب تماما، فهو يرى أن النظام في المنطقة ليس مُهيَّأ بعد لهذه المساءلة، وأن المدرسين يحتاجون إلى فرصة للتأهيل المهني، وأنه يجب أولا تطوير المناهج التعليمية، وأن لا أحد يعلم ما هو صالح وما هو غير ذلك لأن النظام لم يتم إنشاؤه على هذا الأساس.
وساعدني هذا الإطار المؤلف من ثلاث مراحل على أن أتأمَّل التحدي الذي تواجهه عملية التعليم، واتضح بجلاء أن السياسيين في البلدان التي شهدت تغيرات كبيرة وحتى في تلك التي كانت فيها التغيرات أكثر تدرجا، أُتيحت أمامهم فرصة حقيقية للمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات.والناس ينتظرون النتائج.والإصلاحات في مجال التعليم هي مفتاح الوصول إلى قلب كل أسرة، وإلى الأطفال الذين هم مستقبل المنطقة.
انضم إلى النقاش