ماذا بإمكان هيئة مسؤولة عن الري أن تفعله حين يتنامى الطلب على المياه، ويحتل الأمن الغذائي مكانة بارزة في أجندة الحكومة، ويقترب نظام الري الذي كانت تديره طوال الأربعين سنة الماضية من نهايته؟ وحين تكون ميزانيتها أيضا محدودة، والرسوم التي تفرضها على المياه التي تقدمها لا تتماشى مع مستويات التكلفة العامة.
لقد عملنا مع سلطة وادي الأردن التي تتبع وزارة المياه والري الأردنية على تحديد الخيارات المتوفرة أمامها لتحسين وضعها.
يعد الأردن واحدا من أكثر البلدان التي تعاني إجهادا مائيا في العالم . إذ يقل فيه نصيب الفرد من الموارد المتجددة سنوياً (145 متراً مكعباً) كثيرا عن الحد العالمي الذي يمثل الندرة الحادة للمياه (500 متراً مكعباً). وتفرض المنافسة على مياه الري لأغراض الاستخدام الزراعي والصناعي والمنزلي تحديات خطيرة على إمدادات المياه. ونتيجة لذلك، تراجع حجم المياه العذبة المتوفرة لمنطقة وادي الأردن، وتزامن هذا الهبوط مع زيادة في استخدام مياه الصرف المعالجة التي، رغم مساعدتها لقطاع الزراعة، كان لها أثر سلبي على جودة المياه بوجه عام.
و على مدى العقدين الماضيين، زادت مساحة الأراضي المزروعة في وادي الأردن . ونتج عن تقنيات الزراعة والري الحديثة- ولاسيما الصوبات الزراعية والري بالتنقيط- ارتفاع الإنتاج الزراعي. ورغم ذلك، تغيرت بالكاد أنماط المحاصيل. ففي عام 1994، شكلت الطماطم والباذنجان والخيار والبطاطا والقرع ما يصل إلى 62 %من إجمالي المساحة المزروعة بالخضروات؛ وبحلول عام 2012، زادت هذه النسبة إلى 69 %، مع أنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى 66 %. ومنذ عام 2010، شهد الأردن هبوطاً في ناتج المحصول لكل فدان، كما تراجعت الإنتاجية لكل عامل. وقد أدت الصراعات التي تشهدها المنطقة إلى المزيد من تقليص فرص الأردن في تصدير الإنتاج الزراعي .
في وادي الأردن، تدير سلطة وادي الأردن البنية التحتية التي تساند عمليات الري؛ و يعتمد ضمان ازدهار وادي الأردن على قدرته على توفير المياه اللازمة من حيث الكمية والجودة. إلا أن ضعف الجدوى المالية يقيد قدرات سلطة وادي الأردن . وقد أدى العجز الكبير ونظام الري القديم إلى استنزاف أموال الصيانة، وتعريض سلامة البنية التحتية القائمة للخطر على المدى المتوسط إلى الطويل. وفي ظل ارتفاع تكلفة الكهرباء وإلغاء الدعم الحكومي، يواجه الوضع المالي لسلطة وادي الأردن المزيد من الضغوط.
إذن ما الذي يمكن أن تفعله سلطة وادي الأردن للنهوض من مأزقها المالي؟ ينظر تقرير نشر هذا الشهر بعنوان " تكلفة مياه الري في وادي الأردن" بتمويل من برنامج شراكة المياه، في الوسائل المبتكرة لتحسين إدارة المياه في مجال الزراعة في الأردن. ويبحث التقرير في كيفية تحسين نظام الري (من جانب العرض)، وفي كفاءة استخدام المياه للمحاصيل المختلفة (من جانب الطلب). ويراجع التقرير أيضاً آليات تخفيض الكلفة وزيادة إيرادات سلطة وادي الأردن، والمساعدة في إدارة طلب المزارعين على المياه. وتظهر تحليلات التقرير أن سلطة وادي الأردن في حاجة لرفع تعرفاتها، أو أسعارها، لتدعيم استدامتها المالية، لكنها توضح أن حجم هذه الزيادات يمكن خفضه إذا تمكنت السلطة من تحسين كفاءة الفوترة والتحصيل أو من تحقيق وفرفي استخدام الكهرباء على سبيل المثال. وكلما كانت التحسينات ملموسة تراجعت الحاجة لزيادات كبيرة في التعرفة- وهي السعر الذي تبيع به المياه وأنابيب الري للمستهلكين، مثل المزارعين.
ويجمع التقرير بين تحليل سيناريو التعرفات وتحليل أنماط المحاصيل ليبيّن كيف يمكن للمزارعين – كما للبيئة- الإستفادة من التغيرات في أنواع المحاصيل المنتَجة في بعض المناطق. فزراعة المحاصيل الأقل كثافة استخدام المياه من شأنه أن يحسّن قدرة المزارع على الصمود أمام ندرة المياه على المدى الطويل.
ويوضح تحليل للتأثيرات التوزيعية للتعرفات العالية أنها متواضعة نسبياً. فباعتبار أن عدد المزارعين في وادي الأردن أقل من 10000، وأن عدد المزارعين الفقراء أقل حتى من ذلك، يكون من السهل نسبيا على الحكومة الأردنية توفير المساندة أو الدعم للمزارعين الفقراء في الوادي، في حال تم اعتماد زيادة في تعرفات مياه الري.
إن الدروس المستفادة من هذه الدراسة يمكن أيضاً استخدامها خارج وادي الأردن. فالكثير من هيئات الري حول العالم تواجه قيوداً مماثلة نتيجة الطلب المتزايد الذي يسببه النمو السريع في الدخل والتوسع الحضري، والبنية التحتية القديمة، وقيود المالية العامة التي تزداد سوءاً. ويعد اتخاذ نهج للري أكثر استناداً إلى المرافق ذا جدوى أكبر، خاصة لأن في الأردن على الأقل يمكن للكثير من المزارعين في الحقيقة تحمل التعرفات العالية التي تعكس بدقة التكلفة الفعلية لإمدادات المياه عند استخدامها. وهذا هو النهج الذي سيكون له الأثر الأقل على المستهلكين. وبالنسبة للكثير من المزارعين، حتى في ظل رفع تعرفة المياه، فإن كلفة الري تجنح لأن تكون صغيرة نسبياً مقارنة بتكاليف الكثير من مدخلاتهم الأخرى.
لقد عملنا مع سلطة وادي الأردن التي تتبع وزارة المياه والري الأردنية على تحديد الخيارات المتوفرة أمامها لتحسين وضعها.
يعد الأردن واحدا من أكثر البلدان التي تعاني إجهادا مائيا في العالم . إذ يقل فيه نصيب الفرد من الموارد المتجددة سنوياً (145 متراً مكعباً) كثيرا عن الحد العالمي الذي يمثل الندرة الحادة للمياه (500 متراً مكعباً). وتفرض المنافسة على مياه الري لأغراض الاستخدام الزراعي والصناعي والمنزلي تحديات خطيرة على إمدادات المياه. ونتيجة لذلك، تراجع حجم المياه العذبة المتوفرة لمنطقة وادي الأردن، وتزامن هذا الهبوط مع زيادة في استخدام مياه الصرف المعالجة التي، رغم مساعدتها لقطاع الزراعة، كان لها أثر سلبي على جودة المياه بوجه عام.
و على مدى العقدين الماضيين، زادت مساحة الأراضي المزروعة في وادي الأردن . ونتج عن تقنيات الزراعة والري الحديثة- ولاسيما الصوبات الزراعية والري بالتنقيط- ارتفاع الإنتاج الزراعي. ورغم ذلك، تغيرت بالكاد أنماط المحاصيل. ففي عام 1994، شكلت الطماطم والباذنجان والخيار والبطاطا والقرع ما يصل إلى 62 %من إجمالي المساحة المزروعة بالخضروات؛ وبحلول عام 2012، زادت هذه النسبة إلى 69 %، مع أنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى 66 %. ومنذ عام 2010، شهد الأردن هبوطاً في ناتج المحصول لكل فدان، كما تراجعت الإنتاجية لكل عامل. وقد أدت الصراعات التي تشهدها المنطقة إلى المزيد من تقليص فرص الأردن في تصدير الإنتاج الزراعي .
في وادي الأردن، تدير سلطة وادي الأردن البنية التحتية التي تساند عمليات الري؛ و يعتمد ضمان ازدهار وادي الأردن على قدرته على توفير المياه اللازمة من حيث الكمية والجودة. إلا أن ضعف الجدوى المالية يقيد قدرات سلطة وادي الأردن . وقد أدى العجز الكبير ونظام الري القديم إلى استنزاف أموال الصيانة، وتعريض سلامة البنية التحتية القائمة للخطر على المدى المتوسط إلى الطويل. وفي ظل ارتفاع تكلفة الكهرباء وإلغاء الدعم الحكومي، يواجه الوضع المالي لسلطة وادي الأردن المزيد من الضغوط.
إذن ما الذي يمكن أن تفعله سلطة وادي الأردن للنهوض من مأزقها المالي؟ ينظر تقرير نشر هذا الشهر بعنوان " تكلفة مياه الري في وادي الأردن" بتمويل من برنامج شراكة المياه، في الوسائل المبتكرة لتحسين إدارة المياه في مجال الزراعة في الأردن. ويبحث التقرير في كيفية تحسين نظام الري (من جانب العرض)، وفي كفاءة استخدام المياه للمحاصيل المختلفة (من جانب الطلب). ويراجع التقرير أيضاً آليات تخفيض الكلفة وزيادة إيرادات سلطة وادي الأردن، والمساعدة في إدارة طلب المزارعين على المياه. وتظهر تحليلات التقرير أن سلطة وادي الأردن في حاجة لرفع تعرفاتها، أو أسعارها، لتدعيم استدامتها المالية، لكنها توضح أن حجم هذه الزيادات يمكن خفضه إذا تمكنت السلطة من تحسين كفاءة الفوترة والتحصيل أو من تحقيق وفرفي استخدام الكهرباء على سبيل المثال. وكلما كانت التحسينات ملموسة تراجعت الحاجة لزيادات كبيرة في التعرفة- وهي السعر الذي تبيع به المياه وأنابيب الري للمستهلكين، مثل المزارعين.
ويجمع التقرير بين تحليل سيناريو التعرفات وتحليل أنماط المحاصيل ليبيّن كيف يمكن للمزارعين – كما للبيئة- الإستفادة من التغيرات في أنواع المحاصيل المنتَجة في بعض المناطق. فزراعة المحاصيل الأقل كثافة استخدام المياه من شأنه أن يحسّن قدرة المزارع على الصمود أمام ندرة المياه على المدى الطويل.
ويوضح تحليل للتأثيرات التوزيعية للتعرفات العالية أنها متواضعة نسبياً. فباعتبار أن عدد المزارعين في وادي الأردن أقل من 10000، وأن عدد المزارعين الفقراء أقل حتى من ذلك، يكون من السهل نسبيا على الحكومة الأردنية توفير المساندة أو الدعم للمزارعين الفقراء في الوادي، في حال تم اعتماد زيادة في تعرفات مياه الري.
إن الدروس المستفادة من هذه الدراسة يمكن أيضاً استخدامها خارج وادي الأردن. فالكثير من هيئات الري حول العالم تواجه قيوداً مماثلة نتيجة الطلب المتزايد الذي يسببه النمو السريع في الدخل والتوسع الحضري، والبنية التحتية القديمة، وقيود المالية العامة التي تزداد سوءاً. ويعد اتخاذ نهج للري أكثر استناداً إلى المرافق ذا جدوى أكبر، خاصة لأن في الأردن على الأقل يمكن للكثير من المزارعين في الحقيقة تحمل التعرفات العالية التي تعكس بدقة التكلفة الفعلية لإمدادات المياه عند استخدامها. وهذا هو النهج الذي سيكون له الأثر الأقل على المستهلكين. وبالنسبة للكثير من المزارعين، حتى في ظل رفع تعرفة المياه، فإن كلفة الري تجنح لأن تكون صغيرة نسبياً مقارنة بتكاليف الكثير من مدخلاتهم الأخرى.
انضم إلى النقاش