نشر في أصوات عربية

أهمية تركيز الكويت على الشباب والنساء للانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة

الصفحة متوفرة باللغة:
Photo of artist sketchbook of hourglass and professional camera. Photo of artist sketchbook of hourglass and professional camera.

تسعى حكومة الكويت إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط كما ورد في رؤيتها الوطنية - "كويت جديدة 2035".  ففي حين أحرزت بعض التقدم الملموس في مؤشراتها الاجتماعية والاقتصادية، فإن ثمة إجماع واسع على أن الكويت تواصل الأداء دون إمكاناتها الفعلية ولا تزال خلف الركب بالنسبة للاقتصادات المجاورة واقتصادات البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويرجع ذلك أساساً إلى الضعف الذي يشوب أداء القطاع العام في البلاد.

تُقر حكومة الكويت بأنّ تحسين إدارة المعرفة هو حجر الأساس في تحسين أداء القطاع العام ويمكن أن يساعده بقوة على أداء دور مهم في الإشراف على الاقتصاد بأكمله، إذ إنّ كل اقتصاد تقريباً من الاقتصادات التي حافظت على نمو سريع على مدى عدة عقود حقق مستوى عالياً من الأداء في مجال الإدارة العامة استناداً إلى ممارسات محمودة في مجال إدارة الموارد البشرية.

وقد دخلت حكومة الكويت في شراكة مبتكرة مع البنك الدولي لقياس قدرة القطاع العام على دعم بناء اقتصاد المعرفة وصياغة مؤشر إدارة المعرفة الوطني للقطاع العام.  ومن أجل تحديد الثغرات والعقبات الرئيسية في إدارة المعرفة التي تواجه الانتقال من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع يقوم على المعرفة، تم وضع استبيان يتضمن 50 سؤالاً وتم توزيعه على 20 هيئة من هيئات القطاع العام. وتَمَثل الهدف من هذا الاستبيان فيما يلي: (1) مراجعة ممارسات إدارة الموارد البشرية وإدارة المعرفة في القطاع العام وقياس تأثيرها على إنتاج المعرفة وسهولة الوصول إليها وحفظها ودرجة تغلغلها في القطاع العام، و(2) قياس كيفية تقييم إدارة المعرفة ودعمها في القطاع العام.

وتشير نتائج الدراسة الاستقصائية الخاصة بمؤشر إدارة المعرفة الوطني للقطاع العام إلى أنه على الرغم من أن إدارة المعرفة لا تزال مهملة إلى حد كبير في جوانب العمل اليومي للمسؤولين الكويتيين، فإن هناك "مراكز تميز" تشمل مؤسسات كويتية اعتمدت ممارسات عالمية المستوى لإدارة المعرفة. ومن الأمثلة على ذلك العديد من شركات النفط التابعة للقطاع العام في الكويت، حيث تؤكد إستراتيجيات الموارد البشرية لديها على أن الموظفين يمثلون أهم أصول المؤسسة من خلال الاستثمار في تدريبهم وتطوير مهاراتهم وتوفير بيئة عمل إيجابية لهم، فضلاً عن مكافأة المتميزين منهم في أداء أعمالهم.

وتمثل هيئة الاستثمار الكويتية قصة نجاح أخرى، حيث يتمتع الصندوق السيادي بقاعدة قوية لتكنولوجيا المعلومات تدعم الجوانب الحرجة لإدارة الأعمال وتغطي البنية التحتية وأنظمة الأعمال المالية وأنظمة الدعم والحفاظ على أمن المعلومات. وكذلك يعد بنك الكويت المركزي نموذجاً يحتذى به لتعزيز التحسينات من خلال التكنولوجيا وذلك عبر تنفيذ نظام شهادات ديناميكي واعتماد تدابير الأمن السيبراني لحماية استقرار القطاع المالي الكويتي.

وتُبين الدراسة الاستقصائية الخاصة بمؤشر إدارة المعرفة الوطني للقطاع العام أنّ النساء والشباب يتخلفون عن الركب في بعض الأحيان في مسيرة السعي نحو تحسين إدارة المعرفة. وعموماً، كانت وجهات نظر النساء أقل إيجابية بشأن بيئة العمل وفرص التدريب وآفاق الترقية. وبالنظر إلى أن الإناث يشكلن أغلبية العاملين في الخدمة المدنية، فإن التحول نحو ممارسات أفضل لإدارة المعرفة يحتاج إلى سياسات أكثر مراعاة للمساواة بين الجنسين.

وأبرز تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعنون "المرأة في الحياة العامة: النوع الاجتماعي والقانون والسياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2014"، نماذج جيدة عن المساواة بين الجنسين في القطاع العام. فعلى سبيل المثال، تجري كل من البحرين ومصر والمغرب تقييمات دورية للتوازن بين الجنسين داخل القوى العاملة في الحكومة المركزية. وأدرج المغرب أهدافاً للمساواة بين الجنسين في اتفاقات أداء الإدارة العليا لضمان المساواة في الحصول على فرص قيادية. وبالتالي يمكن للمؤسسات العامة في الكويت أيضاً استخدام تقنيات القطاع الخاص مثل تقييمات الأجور السنوية للقضاء على فجوة الأجور بين الجنسين واعتماد عمليات توظيف شاملة للجنسين.

وتوثق الدراسة الاستقصائية أيضاً أن الموظفين الأصغر سنًا هم أكثر براعة في استخدام التكنولوجيا من زملائهم الأكبر سناً. ويفضل المهنيون الشباب الاجتماعات غير الرسمية وقنوات التواصل ويحرصون على تبادل معارفهم. وتظهر الأبحاث أن المؤسسات الناجحة يمكن أن تجمع الموظفين الأكبر سناً والأكثر خبرة بشكل رائع مع الموظفين الأصغر سناً لضمان إشراكهم في صنع القرار والشعور بالتمكين والمشاركة في أنشطة التوجيه والإرشاد.

وتعد الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة مثالاً ممتازاً للثقافة المناصرة للشباب، حيث تعتبر الشركة المتخصصة في الصناعات النهائية للنفط والغاز والتي تأسست في عام 2016 بمثابة بوتقة تجمع التجارب والمعارف الخاصة بالصناعة والمعرفة المستمدة من قطاع النفط. وتعتمد الشركة سياسة البيانات المفتوحة لتبادل المعرفة، ويتوافر لديها تحفيز قوي للإبداع والابتكار مدفوعًا بمجموعة المواهب الشابة وبدعم من الإدارة العليا وبيئة تعلم ديناميكية، وبيئة عمل مريحة. وتُعد ثقافة التنوع القوية لدى الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة محركاً للتغيير وتبادل المعرفة.

ويتطلب وضع خريطة طريق لإدارة المعرفة رقابةً حكومية دقيقة لتحديد الأولويات والتركيز على التنفيذ. ولكن من المؤكد بلا ريب أن القطاع العام ينبغي أن يركز على إزالة الحواجز المتعلقة بالنوع الاجتماعي وتمكين قدرات المرأة واستخدام الشباب والمواهب الشابة لترسيخ منظومة بيئية وطنية مبتكرة. وختاماً، وكما ورد في تقرير البنك الدولي عن بناء اقتصادات المعرفة، فإن "على كافة البلدان أن تركز على "العقول الذكية" التي يحوزها رأسمالها البشري باعتبارها المعين الذي لا ينضب في البلاد." وستواصل حكومة الكويت شراكتها مع البنك الدولي من أجل صياغة خريطة طريق لإدارة المعرفة وترجمتها إلى سياسات ملموسة وبرامج إصلاح يتم تنفيذها على أرض الواقع.


بقلم

نادية كرم

مسؤول عمليالت إدارة المخاطر الحضرية ومخاطر الكوارث وإدارة الأراضي- مجموعة البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000