في ظل قسوة الظروف في بلد كاليمن، تصارع الآمالُ فيه التحدّيات، يجد كثير من المواطنين صعوبة في البحث عن مساحة للصحّة تحت قهر معاناة مستمرّة مع المرض، عندها يصبح من المتعذّر البحث عن معاني الحياة في ظل هيمنة مفردات الموت.
وأروي هنا قصة مؤلمة لسيدّةٍ فضّل زوجها أن يطلق عليها اسم "زهرة الزنبق"، الشابّة التي عاشت مع أسرتها الفقيرة في منطقه ريفيّة نائية، واعتادت أن تساعد أبويها في أعمال المنزل والزراعة. فهي لم تستطع أن تكمل دراستها لأسباب عدّة، كان منها أن أسرتها الفقيرة لا تستطيع التكفّل بمصاريف الدراسة، بالإضافة إلى ضغط العادات الاجتماعية التي تفرض قيوداً على حركة المرأة خاصّة في المناطق الريفيّة. لكن ذلك لم يكن ليمنع حلمها بمستقبل أكثر إشراقاً.
وفي يوم لم يكن له نصيب من أحلامها المبكّرة تقدّم لخطبتها صالح الذي يوافق عمره عمر أبيها. ونظراً لفقر الأسرة التي تتكون من ستة أفراد، وجد والدا "زهرة الزنبق" فرصةً في تخفيف العبء عليهما، فأقنعاها بالزواج أملاً في مستقبل أفضل، وذلك رغم ضيق حال الزوج المنتظر.
وبعد مرور سنة على زواجها وجدت نفسها في سجن أكبر من ذاك الذي نشأت فيه. سجنٌ لم يتّسع حتى لأحلامها الورديّة التي بدّدتها مسؤوليّات جمّة تبدأ برعاية أسرة ممتدّة تتكوّن من عشرة أفراد، ولا تنتهي عند أعمال الزراعة التي أنهكت قواها. وبعد أن أنجبت ثلاثة أطفال فوجئت "زهرة الزنبق" بأنها حامل للمرّة رالابعة خلال ست سنوات من عمر زواجها. وكما كان الحال في حالات الحمل السابقة لم يشفع لها حملها الرابع كي تُعفى من مهامها اليوميّة، فقد كانت مجبرة على القيام بكل ما اعتادت فعله. ونظراً لعدم معرفة الزوج وأهله بالمضاعفات التي يتسبب بها الإنجاب المتتابع فلم يعيروا بالاً لحاجتها إلى الراحة.
وحين بلغت "زهرة الزنبق" الشهر السابع من الحمل ازدادت آلامها حدّة، حتى أنها لم تعد تقوى على السير، ولم يستطع الزوج نقلها إلى المستشفى نظراً لظروفه الماليّة الصعبة، واكتفى بدعوة المولّدة الشعبية لمعاينة زوجته. وعندما أفادت المولّدة الشعبيّة بعدم وجود مشكلات مرضيّة وإنما آلام اعتيادية تصاحب الحمل اطمأنّ الزوج لذلك. غير أنّ المعاناة ازدادت، وشحب لونها، فاضطر زوجها لنقلها للمركز الصحّي الأقرب لتصل إلى هناك بعد حوالي ساعتين من السفر في طرقات ريفيّة غير معبّدة، وهناك تمّت إحالتها إلى مستشفى المديريّة لتنقل إلى غرفة عمليّات الولادة وصوتها يتعالى بصراخٍ يخترق الأسماع، ولكنّه سرعان ما خفت تدريجياً لتعلن الطبيبة وفاة زهرة الزنبق مع جنينها. وبيّن تشخيص الطبيبة لسبب الوفاة عدم القدرة على تحمّل مضاعفات الحمل، بالإضافة إلى ضعف التغذية الحاد الذي عانت منه إلى جانب الإجهاد الشديد.
قضت "زهرة الزنبق" وهي لا تزال في ريعان شبابها، مخلّفة ثلاثة من الأيتام، ورقمين جديدين في سجلّ وفيات الأمّهات والأطفال في بلادنا. وكل يوم تموت في اليمن ست نساء بسبب مضاعفات الحمل والولادة، وتعكس إحصائيات الأجهزة الوطنيّة، ومنها إحصاءات وزارة الصحة العامة والسكان، وتقديرات المنظمات الدوليّة العاملة في اليمن، ومنها منظمة الصحة الدولية، أن وفيّات الأمومة في اليمن تمثّل الرقم الأعلى في إقليم شرق المتوسط. كما أن ما يقرب من 65% من النساء في جميع المحافظات لا يتلقين الرعاية الصحيّة أثناء الحمل. وتشير الدلائل الراهنة إلى أن غالبية الولادات تتم في المنازل، بما يبلغ معدّل 75%، وهو ما يعتبر سبباً إضافيّاً لوفيّات الأمّهات. وعلاوة على ذلك، يصل معدّل الولادات التي يشرف عليها كادر مؤهّل وماهر إلى مستوى متدنٍ جداً يبلغ 36% فقط، أي أنّ ما نسبته 64% من النساء يلدن تحت إشراف كوادر غير مؤهّلةـ وفي ظروف غير مهيّأةـ وبذلك تتعرض حياتهن لخطر الوفاة.
في ظل هذا الوضع يجب أن نسأل أنفسنا، أما آن لأمّهاتنا أن يتجنّبن مخاطر الموت وهنّ يهبن الحياة، ليكون الزواج والإنجاب لهن حقّاً واختيارا، لا قهراً واغتيالاً؟
وأروي هنا قصة مؤلمة لسيدّةٍ فضّل زوجها أن يطلق عليها اسم "زهرة الزنبق"، الشابّة التي عاشت مع أسرتها الفقيرة في منطقه ريفيّة نائية، واعتادت أن تساعد أبويها في أعمال المنزل والزراعة. فهي لم تستطع أن تكمل دراستها لأسباب عدّة، كان منها أن أسرتها الفقيرة لا تستطيع التكفّل بمصاريف الدراسة، بالإضافة إلى ضغط العادات الاجتماعية التي تفرض قيوداً على حركة المرأة خاصّة في المناطق الريفيّة. لكن ذلك لم يكن ليمنع حلمها بمستقبل أكثر إشراقاً.
وفي يوم لم يكن له نصيب من أحلامها المبكّرة تقدّم لخطبتها صالح الذي يوافق عمره عمر أبيها. ونظراً لفقر الأسرة التي تتكون من ستة أفراد، وجد والدا "زهرة الزنبق" فرصةً في تخفيف العبء عليهما، فأقنعاها بالزواج أملاً في مستقبل أفضل، وذلك رغم ضيق حال الزوج المنتظر.
وبعد مرور سنة على زواجها وجدت نفسها في سجن أكبر من ذاك الذي نشأت فيه. سجنٌ لم يتّسع حتى لأحلامها الورديّة التي بدّدتها مسؤوليّات جمّة تبدأ برعاية أسرة ممتدّة تتكوّن من عشرة أفراد، ولا تنتهي عند أعمال الزراعة التي أنهكت قواها. وبعد أن أنجبت ثلاثة أطفال فوجئت "زهرة الزنبق" بأنها حامل للمرّة رالابعة خلال ست سنوات من عمر زواجها. وكما كان الحال في حالات الحمل السابقة لم يشفع لها حملها الرابع كي تُعفى من مهامها اليوميّة، فقد كانت مجبرة على القيام بكل ما اعتادت فعله. ونظراً لعدم معرفة الزوج وأهله بالمضاعفات التي يتسبب بها الإنجاب المتتابع فلم يعيروا بالاً لحاجتها إلى الراحة.
وحين بلغت "زهرة الزنبق" الشهر السابع من الحمل ازدادت آلامها حدّة، حتى أنها لم تعد تقوى على السير، ولم يستطع الزوج نقلها إلى المستشفى نظراً لظروفه الماليّة الصعبة، واكتفى بدعوة المولّدة الشعبية لمعاينة زوجته. وعندما أفادت المولّدة الشعبيّة بعدم وجود مشكلات مرضيّة وإنما آلام اعتيادية تصاحب الحمل اطمأنّ الزوج لذلك. غير أنّ المعاناة ازدادت، وشحب لونها، فاضطر زوجها لنقلها للمركز الصحّي الأقرب لتصل إلى هناك بعد حوالي ساعتين من السفر في طرقات ريفيّة غير معبّدة، وهناك تمّت إحالتها إلى مستشفى المديريّة لتنقل إلى غرفة عمليّات الولادة وصوتها يتعالى بصراخٍ يخترق الأسماع، ولكنّه سرعان ما خفت تدريجياً لتعلن الطبيبة وفاة زهرة الزنبق مع جنينها. وبيّن تشخيص الطبيبة لسبب الوفاة عدم القدرة على تحمّل مضاعفات الحمل، بالإضافة إلى ضعف التغذية الحاد الذي عانت منه إلى جانب الإجهاد الشديد.
قضت "زهرة الزنبق" وهي لا تزال في ريعان شبابها، مخلّفة ثلاثة من الأيتام، ورقمين جديدين في سجلّ وفيات الأمّهات والأطفال في بلادنا. وكل يوم تموت في اليمن ست نساء بسبب مضاعفات الحمل والولادة، وتعكس إحصائيات الأجهزة الوطنيّة، ومنها إحصاءات وزارة الصحة العامة والسكان، وتقديرات المنظمات الدوليّة العاملة في اليمن، ومنها منظمة الصحة الدولية، أن وفيّات الأمومة في اليمن تمثّل الرقم الأعلى في إقليم شرق المتوسط. كما أن ما يقرب من 65% من النساء في جميع المحافظات لا يتلقين الرعاية الصحيّة أثناء الحمل. وتشير الدلائل الراهنة إلى أن غالبية الولادات تتم في المنازل، بما يبلغ معدّل 75%، وهو ما يعتبر سبباً إضافيّاً لوفيّات الأمّهات. وعلاوة على ذلك، يصل معدّل الولادات التي يشرف عليها كادر مؤهّل وماهر إلى مستوى متدنٍ جداً يبلغ 36% فقط، أي أنّ ما نسبته 64% من النساء يلدن تحت إشراف كوادر غير مؤهّلةـ وفي ظروف غير مهيّأةـ وبذلك تتعرض حياتهن لخطر الوفاة.
في ظل هذا الوضع يجب أن نسأل أنفسنا، أما آن لأمّهاتنا أن يتجنّبن مخاطر الموت وهنّ يهبن الحياة، ليكون الزواج والإنجاب لهن حقّاً واختيارا، لا قهراً واغتيالاً؟
انضم إلى النقاش