هذه المدونة كتبتها شيرين علام، وهي من رائدات العمل الحر ومحبي المغامرة ومؤسِّسة شركتين ناشئتين في مصر. وقامت أيضا بتأسيس أوتاد (المؤسَّسة التنموية للسيدات المصريات للعمل الحر) وهي منظمة غير ربحية في مصر تهدف إلى مساندة المشتغلات بالأعمال الحرة وتمكينهن لإطلاق العنان لطاقاتهن كاملة.وأسست شيرين أيضا بيبي بوم BabyBoom وهي شركة لصناعة ملابس الأطفال، وإيكو تكEco-Tek وهي شركة لإعادة تصنيع علب أحبار الطابعات ونجحت في تنمية وتطوير إيكو تك في فترة زمنية قصيرة جدا.وتشغل حاليا منصب رئيسة شركة أوتاد، وتعمل على تدريب أصحاب العمل الحر في مصر وتمكينهم وتقديم التوجيه والنصح والمشورة لهم.
بعد أن تصفحت الدراسة الشاملة للبنك الدولي عن المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أجد لزاما عليَّ أن أقول أن المساواة بين الجنسين اكتسبت بعدا جديدا في ذهني. فقد شملت هذه الدراسة كل جوانب المساواة بين الجنسين، أو فلنقل عدم المساواة، وذلك حسب الجزء الذي تنظر إليه من الكوب، هل هو النصف الممتلئ أم النصف الفارغ.
وسأبدأ هنا بالحديث عن الوضع في مصر لأنه قريب من قلبي.فكل الحقائق تظهر أن المرأة خطت خطوات واسعة على طريق المساواة أو بالأحرى في الحصول على التعليم حتى المستوى الجامعي.ولكن انتظر! لا يأخذك الحماس بعيدا. فهذه المساواة تنتهي هنا.فقد انخفض عدد النساء في القوة العاملة ومما يبعث على الدهشة أن عددهن الآن أقل من ذي قبل. ويجعلني هذا أتساءل: هل النساء يطلبن الكثير في أهدافهن وطموحاتهن، أم أن الأمر مجرد عدم اهتمام من جانبهن بالعمل؟
إني أعتقد أن النساء نوعان: فئة تحتاج إلى مساندة اقتصادية، ولذلك فمن المرجح أن يقبلن أي وظيفة بأي راتب وبأي شروط (وفي رأيي أن هؤلاء النساء يجب علينا الاهتمام بهن لكن هذا في حد ذاته يمثل مناقشة كاملة ولذا سأؤجله إلى وقت لاحق). ومن ناحية أخرى، من النساء من يقضين على الأقل 16 عاما من حياتهن وهن يحلمن بمنصب معين أو هدف معين، وإذا لم يتحقق لهن ذلك، فإنهن يفضلن البقاء في البيت أو الاستمرار في البحث لتحقيق حلمهن مفضلات ذلك على القبول بحل وسط. وهكذا، فإن الاحتياجات الاقتصادية تحكم مستوى المساواة الذي تشهده النساء، لأنه يؤثر على ما تقبله النساء أنفسهن وما لا يقبلنه.
وتتعرض النساء لقيود أخرى تفرضها القواعد الثقافية والاجتماعية واللوائح التنظيمية وتؤثر أيضا على مشاركتهن ومستوى المساواة. والخيارات المتاحة للنساء محدودة لأن المجتمع سيأبي عمل المرأة في وقت متأخر من الليل في أماكن بعيدة، بل أن بعض أنواع الوظائف تعتبر مخصصة للرجال وحدهم. وللتغلب على هذه الحواجز الثقافية والاجتماعية، ينبغي ألا ننسى القيود التي فرضها على النساء غيرهن من النساء. وأعتقد أن ما يعوق تقدم المرأة نحو المشاركة على قدم المساواة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي هو التصورات النمطية لا في أذهان الرجال فحسب وإنما أيضا في أذهان النساء أنفسهن.
فهل النساء مستعدات للتصدي للتحديات التي أُلقيت في طريقهن اليوم على نحو أكبر من أي وقت مضى؟هل هن مستعدات لتحدي المجتمع وتحدي بعضهن بعضا للتغلب على الحقائق التي أوردتها هذه الدراسة التي أعدها البنك الدولي؟هل يستطعن استخدام هذه الدراسة كأداة لمراجعة الذات للوقوف على مقدار ما يمكن تغييره من مظاهر عدم المساواة الحالية بأيدي النساء أنفسهن وإلى أي مدى يجب تغيير عدم المساواة من خلال برامج تنطوي على حوافز مثل البرنامج الذي تعرضه الدراسة عن الأردن؟وأي هذه البرامج يساعد على تغيير العقلية؟
للنساء الشابات قلوب جريئة وأحلام تصل إلى عنان السماء، وإذا عرفن الحقائق فسوف يكون بمقدورهن أن يجعلن الغد مكانا أفضل. والشبان يريدون الوظائف ومع أن الكثير منهم عاطلون ويفضلون الحصول على وظيفة على إعطائها لامرأة، فإني أعتقد أنهم أكثر استعدادا لقبول أن يفوز بالوظيفة أي منهما على ألا يفوز بها أحد. وهكذا فإن تغيُّر العقلية بدأ بالفعل لكن هل نظامنا ومجتمعنا مستعد لهذه القفزة الكبيرة، وهل سيكون الجيل القادم من الرجال والنساء كذلك؟حتى نلتقي المرة القادمة أترككم للتفكُّر والتأمُّل في دعوة وردت في دراسة البنك الدولي - وهي التفكير بالمساواة!
انضم إلى النقاش