شباب فلسطيني في فعالية تحدي الإبداع للمياه في رام الله، أبريل/نيسان 2019.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، علمت ابنة أخي ميار، وهي طالبة فلسطينية تبلغ من العمر 17 ربيعا في عامها الأخير من المدرسة الثانوية، بقبولها في برنامج سنوي دولي يتسم بقدر عال من المنافسة. وبعد بضعة أشهر، حين بدأت بلدان العالم في منع السفر للسيطرة على تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، باتت خططها في مهب الريح. هذا لم يمنعها من البحث عن فرص أخرى، حتى لو كان عليها أن تفعل ذلك عن بعد من خلال شبكات الإنترنت.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2020، وعلى الرغم من جميع التعقيدات التي واجهتها في السفر، سافرت ميار إلى اليونان حيث التحقت بالجامعة لبدء دراستها. ووقت كتابة هذه المدونة، لم تكن قد انتهت بعد من قضاء فترة الحجر الصحي لمدة 14 يوما قبل أن تنضم إلى الطلاب الآخرين شخصيا.
تسلط قصة ميار، مثلها مثل العديد من أقرانها، الضوء على التحديات المتعددة التي يواجهها الشباب خلال هذه الجائحة: عدم اليقين بشأن مستقبلهم، وتفاقم ذلك بسبب العوامل المجهولة لجائحة كورونا.
ومع ذلك، سنحت فرصة: كيف يمكن للحكومات أن تستفيد من إمكانات الشباب في أوقات الأزمة؟
خلال الجائحة، شجع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الشباب على البقاء في منازلهم. لكنه دعاهم أيضًا إلى إرسال أفكار جديدة يمكن أن تساعد الحكومة على معالجة هذا الوضع. كانت أهمية مشاركة الشباب في عملية اتخاذ القرار شيئًا تدعمه مجموعة البنك الدولي، وخاصة في إطار إستراتيجيتها لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يمثل الشباب والشابات فرصة عظيمة لدعم تنمية بلدانهم.
الشباب وقطاع المياه
في الأراضي الفلسطينية، حيث تقل أعمار أكثر من نصف السكان عن الثلاثين، يُنظر إلى إشراك الشباب على أنه ضروري لخلق نمو مستدام وشامل. وفي إطار مبادرة إقليمية، بتمويل من الصندوق الاستئماني النرويجي، أطلق البنك الدولي برنامجًا رائدًا لمساندة الهيئات الحكومية الفلسطينية لتقنين مشاركة الشباب في القطاعات ذات الصلة. وكان من بين أكثر المبادرات تقدماً دعم سلطة المياه الفلسطينية في إنشاء لجنة شبابية بقطاع المياه تضم 18 مهنيًا من فئة الشباب، سيتطوعون في الجهد الرامي إلى تنمية القطاع.
كان دعمهم لتنظيم تحدي الإبداع للمياه، وهو الأول من نوعه في قطاع المياه الفلسطيني أحد المعالم البارزة لمشاركة لجنة الشباب من خلال دعمهم لتنظيم تحدي إبداع المياه. حدث ذلك في رام الله في أبريل/نيسان 2019، مع اتصال بشباب من غزة عن بعد وتوحيد المئات من الشبان والشابات الذين لديهم أمر واحد مشترك هو إبداعهم ورغبتهم في المشاركة في تنمية بلدهم.
شاهد الفيديو الذي يوثق الفعالية.
المهارات المائية (Wet-Skills competition).
وتقديرًا لنجاح تلك الفعالية، طلب وزير المياه الفلسطيني مازن غنيم، رئيس سُلطة المياه الفلسطينية، عقد منتدى أكبر العام المقبل، قائلا للمشاركين من الشباب: "أنتم مستقبل هذا البلد". علاوة على ذلك، دعا مكتب رئيس الوزراء أعضاء لجنة الشباب إلى المشاركة في المشاورات المتعلقة بأجندة التنمية الوطنية الفلسطينية 2020.
وعلى الصعيد الدولي، تمت دعوة ممثلين عن لجنة المياه لعرض تجاربهم وخبراتهم أمام ورشة العمل الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن الطاقة وتغير المناخ ومشاركة المواطن، والتي عُقدت هذا العام في الأردن. بالإضافة إلى ذلك، تمت دعوتهم للمشاركة في العديد من ورش العمل الدولية، ومنها أسبوع أمستردام الدولي للمياه.
لجنة شباب المياه — حل خلال أزمة فيروس كورونا
في الآونة الأخيرة، أدى البقاء في المنزل بسبب الجائحة، وغسيل الأيدي باستمرار إلى زيادة استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 15% في بعض المجتمعات المحلية بالضفة الغربية وقطاع غزة. وتحتاج سلطة المياه الفلسطينية الآن إلى منصة موحدة لزيادة الوعي العام باستهلاك المياه وأفضل السبل لإدارة هذا الاستهلاك.
في البداية، بدت مشاركة لجنة الشباب خلال جائحة كورونا غير مؤكدة مثل خطط ميار. ولكن بعد عقد العديد من الاجتماعات عبر برنامج Zoom خلال الإغلاق وبدعم من فريق البنك، اقترحت اللجنة تصميم تطبيق للهواتف الذكية "PalWater App" للمياه ليكون بمثابة منصة للتواصل بين المستهلكين ومقدمي الخدمة.
من السمات الرئيسية لهذا التطبيق نظام الإنذار الذي يمكنه تحميل صور حية ومواقعها لمساعدة المواطن في إخطار السلطات المحلية بالمشاكل في الوقت الحقيقي، مثل تسرب مياه الصرف من الشبكة. وسيكون هذا الحل الذكي كذلك ذا صلة بأرض الواقع في أعقاب تفشي الجائحة.
دمج الشباب في نظم الحوكمة — وضع يكسب فيه الجميع
بينما نتكيف مع واقعنا الجديد، نحتاج إلى التفكير بشكل خلاق جماعي. والشباب جزء لا يتجزأ من هذه العملية. ولا ترتبط تجربة تسخير أي حكومة قدرة الشباب على الإبداع أثناء الأزمات وبعدها بقطاع المياه فحسب، بل يمكن تكرارها في قطاعات أخرى وبلدان أخرى أيضًا. وتجري محاكاة مبادرة قطاع المياه بالفعل مع وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية لإنشاء مزيد من لجان الشباب على الصعيد المحلي. وفي برنامج المياه الفلسطيني، يجري حاليا توسيع نطاق هذا المشروع التجريبي لمساعدة سلطة المياه الفلسطينية على تقنين مشاركة الشباب بالقطاع في إطار جهود أوسع نطاقا لإشراك المواطنين. وخلال هذه الجائحة، أظهر الشباب مرة أخرى أنهم على استعداد لمواجهة هذا التحدي الجديد، إذا أتيحت لهم الفرصة للقيام بذلك.
انضم إلى النقاش