أزمة نفايات خانقة وغير قابلة للحل في المدى المنظور، إنقطاع التيار الكهربائي لساعات وساعات، وندرة المياه، تزامنت مع صعوبات إقتصادية يعاني منها أكثر المواطنون لتفضح التقصير المزمن للطبقة السياسية الحاكمة المنهمكة بمحاصصاتها الضيقة من دون أن أي إكتراث لمطالب المواطنين اللبنانيين الملحة.
حالة سخط دفعت بالمواطنين للنزول إلى الشارع خلال الأسابيع القليلة الماضية للمطالبة بحقوقهم الأساسية.
هذه الحالة نجمت عن تراكم معاناة اجتماعية، سياسية واقتصادية، فجرتها أزمة النفايات. جميع هذه المطالب محقة، لكنها طغت على أزمة أخرى وشيكة قادمة مع حلول أواخر شهر أيلول، موسم العودة إلى المدارس الذي يضع على المحك 1.5 مليون لاجئ سوري، ثلثهم من الأطفال والمراهقين (خمس إلى سبعة عشر عاماً)، الأمر الذي شكل تحدياً آخر.
وصل الشلل السياسي في لبنان إلى مستوى غير مسبوق من الانحدار. فسُدة الرئاسة الفارغة لخمسة عشر شهراً على التوالي، ناهيك عن التمديد الغير دستوري للمجلس النيابي، إضافةً إلى بلوغ مجلس الوزراء ذروة تعطيله، جعل من الصعب، لا بل من المستحيل، معالجة أي من القضايا الملحة والطارئة التي صدح فيها صوت الشعب في الشارع، وكذلك مواجهة التحديات الناجمة عن تدفق اللاجئين السوريين.
يعكس التلامذة السوريين الأطفال وجها من "أكبر كارثة إنسانية لهذا العصر"، ألا وهي الحرب في سوريا، فمع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، تزداد المصاعب أمام التسويات المحلية والدولية، كما يستنزف إستمرار الأزمة موارد التمويل من المجتمع الدولي، مما يضاعف معاناة السوريين.
تقدر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 400,000 من الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان هم في سن الدراسة، 50% منهم محرومين من أي شكل من أشكال التعليم. هذا الواقع المرير أعاد إحياء عبارة همغنواي ألا وهي : "الجيل الضائع " ؛ التي أصبحت الآن واقعية التطبيق في تظهير معاناة الأطفال السوريين .
هناك جملة عوائق تحول دون التحاق هذا "الجيل الضائع" في أي نمط من أنماط التعليم، بدءاً من اختلاف المناهج الدراسية، وصولاً إلى تكاليف التعليم الباهظة والهواجس الأمنية. لذلك، فإن عدداً كبيراً من الطلاب السوريين يواجهون صعوبات جسيمة للإندماج ويبذلون قصارى جهدهم للالتحاق بالمدرسة بعد انقطاعهم عن الدراسة لسنوات، خاصةً المراهقين منهم، الذين يرزحون تحت ضغط تقديم الدعم المادي لأسرهم الهشة. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع وطأة التسرب المدرسي بين الطلاب السوريين. ومع ازدياد أعداد تلاميذ المدارس المتسربين، يدق ناقوس الخطر منذراً بحالة طوارئ لمواجهة قضايا تزايد العنف والتطرف والزواج المبكر وعمالة الأطفال .
إن كانت الأرقام كافية للإشارة إلى خطورة الأزمة، فإن عدد الطلاب السوريين الذين هم بحاجة إلى تعليم أكثر بنسبة 25% من الطلاب اللبنانيين البالغ عددهم 300,000 المسجلين في نظام التعليم الرسمي. وبطبيعة الحال، فإن نظام التعليم الرسمي اللبناني يواجه صعوبات في التمويل تحدّ من قدرته على استيعاب أعداد إضافية من الطلاب .
في عام 2014، أطلقت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وبالشراكة مع المنظمات الدولية، والجهات الدولية المانحة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، مبادرة توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان. وقد استهدفت هذه المبادرة دعم الموارد الوطنية من أجل تعزيز قدرة المدارس الحكومية اللبنانية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الملتحقين بالعام الدراسي.
ولقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم العالي نظام الدوامين، فتم توزيع دوام بعد الظهر في المدارس لتوفير التعليم لعدد أكبر من الأطفال اللاجئين السوريين حصراَ. في العام الدراسي الماضي، التحق 106,000 من الأطفال السوريين في المدارس الحكومية في أحد الدوامين، كما توفّر التعليم لما يقارب90,000 طالب من خلال برامج التعلم المسرّع ومن برامج تعليم غير رسمية، بإدارة منظمات غير حكومية دولية وشركائها في قطاع التعليم .
إن الهدف الأساسي، مع قدوم العام الدراسي الحالي، هو تأمين خدمات التعليم لحوالي 200,000 طفل من الاجئين السوريين، وفقاً لأحد الدوامين المعتمدين، في حال توافر التمويل الكافي. وذلك بالإضافة إلى الأطفال السوريين الذين سيتلقون برامج تعليم غير رسمية.
وفي ما يخص هذا الجانب، فلقد التزم البنك الدولي بتقديم الدعم لوزارة التربية والتعليم العالي وشركائها في قطاع التعليم، لتوفير فرص الوصول إلى التعليم المتكافئ لأكبر عدد ممكن من التلاميذ في المدارس الحكومية اللبنانية. فعلاوةَ عن كونه شريك في مبادرة التعليم لجميع الأطفال في لبنان، فقد أعد البنك الدولي لدعم برنامج استقرار النظام التربوي في حال الطوارئ للبنان بمبلغ 32 مليون دولار أمريكي بتمويل من الصندوق الائتماني الخاص بدعم لبنان لمواجهة تداعيات الازمة السورية، والذي يهدف إلى تعزيز ودعم الاستقرار في نظام التعليم الرسمي اللبناني للاستجابة لحالات الطوارئ التي خلفتها الأزمة السورية.
وفي هذا السياق قدم البنك الدولي المعونة الفنية من خلال دراسة تداعيات الأزمة السورية على ميزانية الوزارة، محدداً التكلفة الفردية لكل تلميذ إضافي يلتحق بنظام التعليم الرسمي، كما حددت الدراسة الفجوات التمويلية للوصول إلى العدد المستهدف من الطلاب السوريين المسجلين في نظام التعليم الرسمي في العام الدراسي المقبل . ونظرا لتفاقم حالة الطوارئ، يبذل البنك الدولي، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي والشركاء الآخرين، جهداً غير مسبوق لتأمين الشراكة بالمسؤولية تجاه الأزمة السورية وتأمين الموارد اللازمة عبر زيادة مساهمة الدول والجهات المانحة لتمويل الطلاب اللاجئين السوريين في المدارس الحكومية في لبنان .
إن أزمة التعليم هي أزمة بعيدة المنال أمام الحلول المزرية. ومع تقلص موارد التمويل كل عام قياساً على السنوات السابقة، فإن تراجع هذه الموارد يحبط الآمال المرجوة لتأمين مستقبل واعد للأطفال السوريين.
عندما يصبح التعليم عنصر رفاهية وليس حق طبيعي نكون قد بلغنا قِمة الإذلال بحق الإنسانية.ويبقى التعليم السلاح الفعّال في مواجهة التطرف و البراميل المتفجرة. وإن كان أثر الأزمة على اللاجئين السوريين يتجلى بشكل أبرز على الأراضي اللبنانية، فأن مسؤولية مواجهته تقع على عاتق المجتمع العربي والدولي كاملاَ . إن الأطفال السوريين هم في حاجة ماسة للدعم لإعادة بناء مستقبلهم، دعونا نكون دعاة سلام لتأمين حقوقهم وتجنيبهم المصير المجهول المحفوف بالمخاطر .
حالة سخط دفعت بالمواطنين للنزول إلى الشارع خلال الأسابيع القليلة الماضية للمطالبة بحقوقهم الأساسية.
هذه الحالة نجمت عن تراكم معاناة اجتماعية، سياسية واقتصادية، فجرتها أزمة النفايات. جميع هذه المطالب محقة، لكنها طغت على أزمة أخرى وشيكة قادمة مع حلول أواخر شهر أيلول، موسم العودة إلى المدارس الذي يضع على المحك 1.5 مليون لاجئ سوري، ثلثهم من الأطفال والمراهقين (خمس إلى سبعة عشر عاماً)، الأمر الذي شكل تحدياً آخر.
وصل الشلل السياسي في لبنان إلى مستوى غير مسبوق من الانحدار. فسُدة الرئاسة الفارغة لخمسة عشر شهراً على التوالي، ناهيك عن التمديد الغير دستوري للمجلس النيابي، إضافةً إلى بلوغ مجلس الوزراء ذروة تعطيله، جعل من الصعب، لا بل من المستحيل، معالجة أي من القضايا الملحة والطارئة التي صدح فيها صوت الشعب في الشارع، وكذلك مواجهة التحديات الناجمة عن تدفق اللاجئين السوريين.
يعكس التلامذة السوريين الأطفال وجها من "أكبر كارثة إنسانية لهذا العصر"، ألا وهي الحرب في سوريا، فمع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، تزداد المصاعب أمام التسويات المحلية والدولية، كما يستنزف إستمرار الأزمة موارد التمويل من المجتمع الدولي، مما يضاعف معاناة السوريين.
تقدر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 400,000 من الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان هم في سن الدراسة، 50% منهم محرومين من أي شكل من أشكال التعليم. هذا الواقع المرير أعاد إحياء عبارة همغنواي ألا وهي : "الجيل الضائع " ؛ التي أصبحت الآن واقعية التطبيق في تظهير معاناة الأطفال السوريين .
هناك جملة عوائق تحول دون التحاق هذا "الجيل الضائع" في أي نمط من أنماط التعليم، بدءاً من اختلاف المناهج الدراسية، وصولاً إلى تكاليف التعليم الباهظة والهواجس الأمنية. لذلك، فإن عدداً كبيراً من الطلاب السوريين يواجهون صعوبات جسيمة للإندماج ويبذلون قصارى جهدهم للالتحاق بالمدرسة بعد انقطاعهم عن الدراسة لسنوات، خاصةً المراهقين منهم، الذين يرزحون تحت ضغط تقديم الدعم المادي لأسرهم الهشة. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع وطأة التسرب المدرسي بين الطلاب السوريين. ومع ازدياد أعداد تلاميذ المدارس المتسربين، يدق ناقوس الخطر منذراً بحالة طوارئ لمواجهة قضايا تزايد العنف والتطرف والزواج المبكر وعمالة الأطفال .
إن كانت الأرقام كافية للإشارة إلى خطورة الأزمة، فإن عدد الطلاب السوريين الذين هم بحاجة إلى تعليم أكثر بنسبة 25% من الطلاب اللبنانيين البالغ عددهم 300,000 المسجلين في نظام التعليم الرسمي. وبطبيعة الحال، فإن نظام التعليم الرسمي اللبناني يواجه صعوبات في التمويل تحدّ من قدرته على استيعاب أعداد إضافية من الطلاب .
في عام 2014، أطلقت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وبالشراكة مع المنظمات الدولية، والجهات الدولية المانحة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، مبادرة توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان. وقد استهدفت هذه المبادرة دعم الموارد الوطنية من أجل تعزيز قدرة المدارس الحكومية اللبنانية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الملتحقين بالعام الدراسي.
ولقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم العالي نظام الدوامين، فتم توزيع دوام بعد الظهر في المدارس لتوفير التعليم لعدد أكبر من الأطفال اللاجئين السوريين حصراَ. في العام الدراسي الماضي، التحق 106,000 من الأطفال السوريين في المدارس الحكومية في أحد الدوامين، كما توفّر التعليم لما يقارب90,000 طالب من خلال برامج التعلم المسرّع ومن برامج تعليم غير رسمية، بإدارة منظمات غير حكومية دولية وشركائها في قطاع التعليم .
إن الهدف الأساسي، مع قدوم العام الدراسي الحالي، هو تأمين خدمات التعليم لحوالي 200,000 طفل من الاجئين السوريين، وفقاً لأحد الدوامين المعتمدين، في حال توافر التمويل الكافي. وذلك بالإضافة إلى الأطفال السوريين الذين سيتلقون برامج تعليم غير رسمية.
وفي ما يخص هذا الجانب، فلقد التزم البنك الدولي بتقديم الدعم لوزارة التربية والتعليم العالي وشركائها في قطاع التعليم، لتوفير فرص الوصول إلى التعليم المتكافئ لأكبر عدد ممكن من التلاميذ في المدارس الحكومية اللبنانية. فعلاوةَ عن كونه شريك في مبادرة التعليم لجميع الأطفال في لبنان، فقد أعد البنك الدولي لدعم برنامج استقرار النظام التربوي في حال الطوارئ للبنان بمبلغ 32 مليون دولار أمريكي بتمويل من الصندوق الائتماني الخاص بدعم لبنان لمواجهة تداعيات الازمة السورية، والذي يهدف إلى تعزيز ودعم الاستقرار في نظام التعليم الرسمي اللبناني للاستجابة لحالات الطوارئ التي خلفتها الأزمة السورية.
وفي هذا السياق قدم البنك الدولي المعونة الفنية من خلال دراسة تداعيات الأزمة السورية على ميزانية الوزارة، محدداً التكلفة الفردية لكل تلميذ إضافي يلتحق بنظام التعليم الرسمي، كما حددت الدراسة الفجوات التمويلية للوصول إلى العدد المستهدف من الطلاب السوريين المسجلين في نظام التعليم الرسمي في العام الدراسي المقبل . ونظرا لتفاقم حالة الطوارئ، يبذل البنك الدولي، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي والشركاء الآخرين، جهداً غير مسبوق لتأمين الشراكة بالمسؤولية تجاه الأزمة السورية وتأمين الموارد اللازمة عبر زيادة مساهمة الدول والجهات المانحة لتمويل الطلاب اللاجئين السوريين في المدارس الحكومية في لبنان .
إن أزمة التعليم هي أزمة بعيدة المنال أمام الحلول المزرية. ومع تقلص موارد التمويل كل عام قياساً على السنوات السابقة، فإن تراجع هذه الموارد يحبط الآمال المرجوة لتأمين مستقبل واعد للأطفال السوريين.
عندما يصبح التعليم عنصر رفاهية وليس حق طبيعي نكون قد بلغنا قِمة الإذلال بحق الإنسانية.ويبقى التعليم السلاح الفعّال في مواجهة التطرف و البراميل المتفجرة. وإن كان أثر الأزمة على اللاجئين السوريين يتجلى بشكل أبرز على الأراضي اللبنانية، فأن مسؤولية مواجهته تقع على عاتق المجتمع العربي والدولي كاملاَ . إن الأطفال السوريين هم في حاجة ماسة للدعم لإعادة بناء مستقبلهم، دعونا نكون دعاة سلام لتأمين حقوقهم وتجنيبهم المصير المجهول المحفوف بالمخاطر .
انضم إلى النقاش