نشر في أصوات عربية

تشجيع الشمول المالي للمرأة في اليمن وتمكينها من الحصول على الطاقة الشمسية

الصفحة متوفرة باللغة:
Photo of young women in Yemen Photo of young women in Yemen

ضجتّ الغرفة بطنين واضح أثناء تجمع لمجموعة من النساء والأطفال للتعرف على المزيد عن فرص الحصول على الطاقة الكهربائية والشمسية في ريف حضرموت بوسط شرقي اليمن. استولى الفضول على الجميع، حيث بدأت النسوة في توجيه المزيد من الأسئلة عن الكهرباء وكيف تعمل ومنافعها. 

وقد نظمنا جلسة تشاور ميدانية حول المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن الذي يعمل على زيادة فرص الحصول على الطاقة الشمسية الكهروضوئية من خلال منح حزم تمويل صغرى مدعومة للمجتمعات المحلية في سائر المناطق الريفية وشبه الحضرية المنسية في البلاد، وجاءت المرأة في قلب هذه الأجندة. 

ومع هذا، فإن بلوغ أهداف المشروع يتطلب تسلق جبل ذي قمتين، حيث إن الحصول على الكهرباء في المناطق الريفية مازال محدودا للغاية، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه نسبة اليمنيين الذين يمتلكون حسابات بنكية 6.4% (2% نساء و 11% رجال). وهناك نقص في إدخال التيار الكهربائي على نطاق واسع في اليمن، بل إن الكهرباء المتاحة من مصادر عامة تكاد تكون منعدمة في العديد من مناطق البلاد. ووفقا للمسح النوعي الذي أجراه البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في سائر محافظات إب وحضرموت وصنعاء، يمضي 56% من الأسر أياما بدون أي مصدر للكهرباء.  

وللتأقلم مع هذا الوضع، يعتمد الناس على جيرانهم في إعادة شحن البطاريات، أو اللجوء إلى بدائل مثل الشموع والكيروسين والحطب. وبالنسبة لأولئك الذين يستطيعون الحصول على أنظمة الطاقة الشمسية المتاحة في السوق وتحمل كلفتها، غالبا ما تكون المنتجات رديئة الصنع.

والنساء أكثر عرضة للمعاناة بشكل خاص ولا تتوفر أمامهن سوى خيارات أقل للحصول على مصادر للطاقة الكهربائية. ونظرا لتحملهن المسؤولية عن تأمين الوقود والطهي باستخدام أنواع الوقود البديلة، فإنهن يضطررن لقطع مسافات طويلة وحمل أحمال ثقيلة من الحطب، مما يعرضهن لمخاطر صحية مثل استنشاق الدخان الأسود. وفي كثير من الأحيان يتخلف الأطفال- خاصة الفتيات- عن المدرسة أو يهجرنها تماما لمساعدة ذويهم على جمع الحطب. وتحول الأعراف السائدة في اليمن دون ذهاب المرأة إلى الأماكن العامة، مثل المقاهي أو المساجد أو حتى بيوت الجيران، ما لم يكن بصحبة أحد المحارم، مما يقيد قدرتهن على شحن البطاريات للإنارة أو شحن الهواتف المحمولة، ويحد من قدرتهن على الحصول على المعلومات حول الخيارات البديلة لمصادر الطاقة التي يمكن أن تخفف من أعبائهن اليومية.  

وحتى إذا كانت المرأة على علم بالخيارات الأفضل، فكثيرا ما تعدم سلطة اتخاذ القرار والقدرة المالية للحصول عليها. إذ أفادت نسبة لم تتجاوز 15% من النساء اللائي شملهن المسح في المشروع أن بإمكانهن المشاركة في اتخاذ القرار بشأن الطاقة في منازلهن (بالمقارنة بنحو 57% من الرجال الذين قالوا إن المرأة قادرة على المشاركة). علاوة على ذلك، لا تتوفر لدى العديد من النساء وثائق هوية سليمة أو سبل الحصول على سجلات العائلة أو ولا يملكن سوى القليل من الأصول، إذا كان هناك أي منها، لكي تفي بشروط الأهلية لدى مؤسسات التمويل الأصغر. وبدورها، فإن مؤسسات التمويل الأصغر لا تمتلك القدرة ولا الموارد التي تلبي احتياجات مختلف العملاء، بينما لا يعي أغلبها أهمية الاستثمار في المرأة. ومن ثم، لا يوجد غير القليل من الخدمات المالية وغير المالية المكرسة للنساء في المناطق الريفية وشبه الحضرية والتي قد تتباين احتياجاتها. 

ورغم هذه التحديات، فإننا ماضون بكل إصرار في عملنا في إطار هذا المشروع للمساعدة على إزالة الحواجز أمام حصول المرأة على التمويل والتغلب على قلة الوعي بمزايا الكهرباء التي تغير وجه الحياة. وبالمشاركة مع مؤسسات التمويل الأصغر بشأن مزايا الخدمات المصرفية للمرأة ودمجها من منظور المساواة بين الجنسين في القيمة المقترحة لهذه المؤسسات، مثل تعديل شروط الأهلية لمعالجة نقص المستندات، والعمل مع المرأة اليمنية نفسها من خلال جلسات التشاور لتوعيتها بمزايا منتجات الطاقة الشمسية، بمقدورنا إيجاد السبل لربط المرأة الريفية بحلول الطاقة المستدامة والرخيصة. 

ولتعزيز هذه المسارات، نتواصل مع الرجال من خلال قيادات مجتمعية مؤثرة يمكنها ترديد الرسائل الإيجابية عن دور المرأة في اتخاذ القرار فيما يتعلق بخيارات الطاقة الشمسية. لقد صممنا الدعوة لتقديم المقترحات وفقا لاحتياجات مؤسسات التمويل الأصغر وشركاء التوزيع المحتملين كي ينشروا بطريقة تصل أيضا إلى المنظمات النسائية والتعاونيات في المناطق الريفية والنائية التي يصعب الوصول إليها، وساعدنا هذه المنظمات على تقديم نفسها لمؤسسات التمويل ألأصغر أثناء التدريبات. كما وفرنا دعما ماليا أكبر في عروض مؤسسات التمويل الأصغر للنساء لخلق حوافز على جانب العرض وتمهيد السبيل أمام مشاركة النساء على قدم المساواة. 

 لقد أثبت العمل في بلد مزقته الحرب وتتحمل فيه المرأة وطأة الصراع أنه معركة صعبة للغاية، لكننا نصر على خوضها لأننا نعلم أن توفير فرص الحصول على الطاقة النظيفة والحديثة يفضي إلى نتائج أفضل للتعليم والصحة، ويشجع على المزيد من الأمان للمرأة والطفل. على سبيل المثال، نعلم أن الأطفال في المنازل المزودة بالكهرباء يذاكرون أكثر بمتوسط 70 دقيقة من الأطفال الذين يعيشون في منازل محرومة منها. وتشير الشواهد والدلائل العالمية أيضا إلى أنه كلما زاد نصيب السكان من الكهرباء في البلاد، زادت المساواة بين الجنسين، بغض النظر عن مستوى الدخل. ويحدونا الأمل في اليمن في أن نكون جزءا من حركة تحيل موجة المد لصالح إتاحة حصول المرأة على الطاقة والتمويل ومن ثم تمكينها.
 
شكر وتقدير

كل التقدير والامتنان للدعم الفني والمالي الذي قدمه برنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة (ESMAP)، وهو برنامج عالمي للمعرفة والدعم الفني يديره البنك الدولي، ويعمل على مساعدة البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على زيادة قدراتها المعرفية والمؤسسية للتوصل إلى حلول للطاقة مستدامة بيئيا للحد من الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي. ويحصل البرنامج على التمويل من كل من: أستراليا والنمسا والدانمرك والمفوضية الأوروبية وفنلندا وفرنسا وألمانيا وأيسلندا وإيطاليا واليابان وليتوانيا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج ومؤسسة روكفيلر والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والبنك الدولي.


بقلم

سمانثا كونستانت

استشاري أول في مجال المساواة بين الجنسين بالبنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000