أم عماد، رائدة أعمال عراقية، أنشأت مشروعا صغيرا يُطلق عليه طعام الأرامل والذي تقوم من خلاله بتوزيع الطعام على المحتاجين في الموصل والتي تعتبر إحدى أكبر مدن العراق. بدأ تشغيل المشروع بامرأتين، وأصبح يعمل فيه الآن 30 امرأة.
عُلا ليث التي تبلغ من العمر 30 عاما هي رائدة أعمال أخرى تنتج في الوقت الحالي كمامات يدوية الصنع للمساعدة في تلبية الطلب الكبير على الكمامات بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). وكانت قد عادت من تركيا بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش، وترأس الآن جمعية أهلية.
بيد أن المشروعين واجها مشكلة كبيرة، وهي تدمير عدة جسور مهمة خلال الصراع مع داعش عام 2016. مما أدى محدودية التنقل بين شرق وغرب الموصل، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، وبالتالي إلى إعاقة وصول المواد لأصحاب المشاريع بالإضافة إلى إعاقة توزيع منتجاتهم النهائية.
وفي 10 يونيو/حزيران 2020، احتفلت الموصل بافتتاح جسر "الحرية" الذي أُعيد إنشاؤه بتمويل من البنك الدولي. وسيؤدي إعادة افتتاح هذا الجسر إلى تغيير حياة كثير من الناس من أمثال عُلا وأُم عماد، ونحو ثلث سكان الموصل.
وحتى الآن، ساهم مشروع البنك الدولي (العملية الطارئة للتنمية) الذي تبلغ تكلفته 750 مليون دولار في إعادة بناء ثلاثة جسور حيوية على نهر دجلة، وأسهمت في أعادة الحياة الاقتصادية إلى مدينة الموصل. وأعاد المشروع أيضا تأهيل أكثر من 400 كيلومتر من الطرق، و25 جسرا آخراً في الموصل ومناطق أخرى من العراق، ويجري في الوقت الحالي تنفيذ مشروعات أخرى.
فكيف استطاع مشروع البنك الدولي تحقيق هذا النجاح لإعادة إنشاء البنية التحتية على الرغم من الصراع والبيئة الهشة في العراق؟ لم يكن ذلك أمرا سهلا. فمنذ عام 2015، تعرض الكثير من أجزاء العراق لمستويات مختلفة من الانفلات الأمني. ومما يبعث على الأسف أن المقاولين الذين يعملون في مشروع العملية الطارئة للتنمية تعرضوا للعديد من المخاطر من ضمنها تدمير معداتهم. وزادت حواجز التفتيش العسكرية وحظر التجول من التحديات التي واجهت تنفيذ المشروع. ويواجه خبراء البنك الدولي أيضاً الذين يعملون في العراق ويشرفون على تنفيذ المشروع طائفة متنوعة من التحديات، من بينها المخاطر على سلامتهم الشخصية.
وفي الأشهر الأخيرة، واجه المشروع تحدياً إضافياً بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا التي أوقفت كل شئ. وبسبب الحجر الصحي وإبقاء الناس في منازلهم، بات من الصعب للغاية على موظفينا متابعة ما يجري ميدانيا، وسير العمل في مشروعاتهم.
وهذا هو المجال الذي كان فيه لمشاركة المواطنين العراقيين حقا دورٌ مؤثِّرٌ مع بعض الإبداع من جانب البنك الدولي. و لقد أحدث نهجان رئيسيان استخدمهما البنك الدولي فرقا حاسما.
1) من أجل تعزيز الشفافية حول المشروع، توصلنا إلى آلية للمتابعة مبتكرة، إذ تواصل فريق عمل المشروع مع مجموعات من الشباب المحليين الذين يعيشون في مناطق تنفيذ المشروع لمعرفة آرائهم التقييمية وملاحظاتهم بشأن التنفيذ.
وبمساعدة من صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من الأعمال الإرهابية بالعراق، تشكلت مجموعات المتابعين من خلال تطبيق واتس آب في كل محافظة. وعبَّرت هذه المجموعات عن الاحتياجات ذات الأولوية لمجتمعاتهم، وأبدوا تعليقاتهم بشأن سير العمل في تنفيذ مشروعات البنية التحتية. الصور التالية التي التقطها علي منصور الخياط مثال لسير الأعمال الذي قام بتصويره ونشره في إطار مجموعة ديالى على تطبيق واتس آب.
وأعطت هذه الصور ومقاطع الفيديو معلومات تقييمية جيدة عن مشروع مهم قد يعود بالخير الوفير على العراقيين. ويُشجِّع هذا النوع من الشراكة مع مجموعات الشباب على التفاني والعمل حتى يصبح العراق أكثر أمنا ورخاء.
2) من خلال الابتكار والمرونة في التنفيذ تمكنا من مواصلة العمل أثناء جائحة كورونا: كما قام فريق عمل البنك الدولي بترتيب العديد من مصادر الآراء التقييمية الموثوق بها عن سير العمل، مثل مؤتمرات الفيديو التي تعقد كل أسبوعين، بين البنك والفريق الحكومي. ويقوم مهندس ميداني بإعداد تقارير شهرية عن سير العمل، ويزور استشاري استعان به البنك الموقع ويقدم تقارير عن سير العمل. وتستعين الحكومة أيضا بمدقق فني لاستعراض سير العمل في المشروع والتحقق من استيفائه المعايير الموضوعة.
وسنبدأ قريبا العمل في إعادة إنشاء جسرين رئيسيين آخرين، بينهما جسر بالغ الأهمية على الطريق بين الموصل ودهوك، وهو ضروري للتجارة مع تركيا. ونحن نتطلع إلى مواصلة عملنا على الرغم من التحديات التي نجابهها على أرض الواقع ونعرف جيداً أننا سنواجة المزيد من الصعوبات. ولهذا فإنَّ اعتماد أساليب إشراك المواطنين، واستخدام التكنولوجيا كعامل تمكين مثل مجموعات تطبيق واتس آب، والمرونة في تصميم المشروع، والابتكار في ترتيبات التنفيذ قد تجعل من الممكن تحقيق الكثير.
بالإضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية، ساعد مشروع العملية الطارئة للتنمية في خلق الوظائف التي تشتد الحاجة إليها، واستعادة إمكانية الوصول إلى الخدمات والأسواق والمستشفيات والمدارس والجامعات. لقد استطاعت آلاف الأسر المشردة العودة إلى ديارها، وساعدت إعادة فتح الجسورعلى تخفيف معاناة الناس، وبعثت في نفوسهم الأمل في مستقبل أفضل. إن توفير الفرص للمواطنين هو جوهر ما نسعى إليه في البنك الدولي.
انضم إلى النقاش