أمضيت خلال العطلة، أسبوعين في زيارة العائلة والأصدقاء في فلسطين.وقمت خلال تلك الفترة بزيارة رام الله وبيت لحم وأريحا ونابلس والخليل والعديد من قرى ومدن الضفة الغربية.لحظات لا يمكن أن تُمحى من ذاكرتي وهي لحظات قضائي ليلة عيد الميلاد بساحة المهد في بيت لحم التي يقدسها المسيحيون كوّنها المكان الذي ولد فيه المسيح. مشيتُ في رحاب مدينة القدس القديمة. سرتُ عبر الشوارع الضيقة وتنشقت عبق التوابل الطازجة وتناولت بعض الحلويات الفلسطينية اللذيذة. زرتُ أيضا المسجد الأقصى (الحرم الشريف) وكنيسة المهد والعديد من المواقع التاريخية الأخرى. شعرت وأنا أسير هناك أنني أمضي عبر دروب التاريخ.فرأيتُ القدس فتاة فلسطينية غيداء تختال في ثوبها العتيق، وقد اغرورقت عيناها بالدموع وهي تصلي من أجل السلام لكل أهالي القدس... مسلمين ومسيحيين ويهود.
عند عودتي إلى صنعاء، توجهت إلى المدينة القديمة. وسرتُ عبر طرقات صنعاء القديمة، بدايةً من باب اليمن الذي ذكرني إلى حدّ كبير بباب دمشق في القدس القديمة.فالمدينة في غاية البهاء، بل تكاد تكون متحفا مفتوحا بما تضم من مبانٍ جميلة وبازارات ومواقع تاريخية. تجوّلتُ وتبادلت الأحاديث مع التجار – يا له من شعبٍ رائع. كالفلسطينيين، تنطقُ عيونهم والتجاعيدُ التي تكسو وجوههم بالصبر والأمل في المستقبل. ينتظرُ الكثيرون منهم وصول السياح، وكثيرا ما يطول انتظارهم... إذ للأسف لم أر في المدينة إلا القليل من السياح. وهذا أمر مفهوم: فالقليل من السياح يجرؤون على زيارة اليمن في هذه الفترات العصيبة.
كالقدس، تغرورق عيون صنعاء القديمة بالدموع، وتبكي من أجل السلام والاستقرار والعودة إلى طبيعتها. تبكي من أجل زمن يعيش فيه الناس في سلام كجيران طيبين. إذ ينبغي أن يكون اختلاف الرؤى مصدرا للقوة بدلا من كونه سببا للصراع. من خلال تعاملي مع اليمنيين، أصبحت أعي حقيقة أنهم يحبون بلدهم... كلٌ على طريقته. لا يستطيعُ إنسان أن يزعم أنه يحب اليمن أكثر من الآخر. ومع تأهب البلاد للدخول في حوار وطني، ينبغي أن يظل هذا التنوع في الرؤى محل اهتمام لاستنباط أفضل الأفكار لتحديد اتجاه جديد لليمن، ووضع دستور يوّحد البلاد ويُرسي أسساً راسخة ليمن جديد وحديث. كل هذا من أجل الشعب اليمني وأجياله القادمة.
بينما كنت أسير في ربوع مدينة القدس القديمة، راودتني أحلامي الخاصة بأن يخيّم على الأرض المقدسة سلام حقيقي. ورغم أن الحلم يبدو بعيد المنال، إلا أنني لم أفقد الأمل أبدا. صلّيتُ من أجل السلام والاستقرار وأنا كلّي أمل في أن يتمكن مواطنو مدينة صنعاء القديمة من زيارة مدينة القدس القديمة.
انضم إلى النقاش