مسيرة التحول في المملكة العربية السعودية نحو تمكين المرأة في التدريب التقني والمهني

الصفحة متوفرة باللغة:
مسيرة التحول في المملكة العربية السعودية نحو تمكين المرأة في التدريب التقني والمهني نساء سعوديات يشاركن في التدريب المهني. (صورة: البنك الدولي/دانا الريس)

قبل عقد من الزمن، كان ينظر إلى التعليم والتدريب التقني والمهني على أنه مسار تعليمي من الدرجة الثانية للمرأة السعودية، مقيداً بالتصورات المجتمعية وبمجموعة محدودة من المهن التي تُعتبر مناسبة للمرأة. وفي عام 2016، وهو العام الذي شهد إطلاق المملكة رؤيتها لعام 2030، كانت نسبة النساء الملتحقات بالتعليم والتدريب التقني والمهني من بين النسب الأدنى على مستوى العالم، بالنسبة للشابات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و24 عاماً، مع اقتصار نطاقه على إدارة المكاتب والأزياء والتجميل. وبحلول عام 2019، تم تسجيل 17,959 طالبة سعودية في التعليم والتدريب التقني والمهني في 29 كلية تضم 14 تخصصاً متاحاً.

واليوم، وبعد التنفيذ الناجح لرؤية عام 2030، تحول مشهد التعليم والتدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية بالكامل وأصبح متوائماً مع متطلبات أرباب العمل في القطاع الخاص. وتعمل المرأة السعودية حالياً في قطاعات مثل صيانة الطائرات والأمن السيبراني (أمن الفضاء الإلكتروني) والطاقة المتجددة، حيث يسهم التعليم والتدريب التقني والمهني بدورٍ محوري في بناء المهارات اللازمة لهذا العهد الجديد. وأدت الإصلاحات التشريعية والإصلاحات الخاصة بالسياسات العامة وسوق العمل إلى إعادة تشكيل الفرص المتاحة للمرأة، وإزالة الحواجز التي كانت تعوق التحاقها بسوق العمل. ويمكن للمرأة في السعودية الآن العمل في أي صناعة تناسبها، فقد شهد عام 2024 ارتفاعَ معدل مشاركتها في القوى العاملة إلى 35.8%، وهو ما يتجاوز المستهدف الأصلي البالغ 30%.

ويتجلى أثر هذه الإصلاحات في التعليم والتدريب التقني والمهني، حيث أدى ما لا يقل عن 13 تغييراً رئيسياً في السياسات العامة إلى إنشاء 14 كلية تقنية دولية للبنات، و37 كلية تقنية للإناث، وثلاث كليات تقنية رقمية، مما يتيح مجموعة موسعة من الدرجات العلمية التي أدت إلى تسجيل أكثر من 41 ألف طالبة في عام 2022.

The World Bank

رؤية للتمكين: دور رؤية السعودية 2030

انطلاقاً من رؤيتها لعام 2023، قامت السعودية بإصلاح القوانين المدنية وأنظمة العمل لتعزيز مجتمع ينبض بالحياة، مع التركيز على تصميم منظومة تكفل تنمية المهارات وتمكين المرأة في سوق العمل من خلال التدريب ورفع مستوى المهارات. ويتسق توجه قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني مع الأهداف الإستراتيجية للمملكة المتمثلة في التنويع بعيداً عن صناعات النفط والغاز، والتركيز على بناء قوة عاملة ماهرة تتواءم مع متطلبات أرباب العمل في القطاع الخاص. ويعكس التوسع في التعليم والتدريب التقني والمهني ليشمل صناعات إستراتيجية مثل الطاقة المتجددة والطيران والضيافة والتكنولوجيا التطلعاتِ المتغيرة للمرأة السعودية.

وفي فبراير/شباط 2025، أتيحت الفرصة لفريق من البنك الدولي لزيارة الكلية التقنية العالمية لعلوم الطيران بالرياض، وكانت فيما سبق تقبل الطلاب الذكور فقط، وهي إحدى الكليات العديدة في ربوع المملكة التي بدأت في قبول الطالبات للدراسة فيها. وتقوم دفعات الطالبات أيضاً بإقامة شراكات مع أرباب العمل المستقبليين في القطاع الخاص، مثل طيران الرياض وشركة تعمل في مجال الطائرات المسيَّرة. وقالت واحدة من أوائل مهندسات الطائرات ممن التحقن بهذا البرنامج الجديد: "أنا أول مهندسة في عائلتي، وهذا يجعل عائلتي فخورة ومملوءة بالحماس." وأضافت أخرى: "أعتقد أن والدي فخور بي أكثر مني، فهو الشخص الذي دفعني للتقدم بطلب الالتحاق بالكلية." وقالت طالبة ثالثة: "كان والدي يعمل فنياً للطائرات لسنوات عديدة، ولهذا أردت أن أعمل في هذا المجال." وتمثل هذه المجموعة المكونة من 47 امرأة عهداً جديداً للمرأة السعودية في التعليم والتدريب التقني والمهني.

شراكة لمساندة تمكين المرأة في التعليم والتدريب التقني والمهني

يقوم البنك الدولي بمساندة المملكة العربية السعودية في مجال التعليم والتدريب الفني والمهني في إطار العلاقة الأوسع وطويلة الأمد مع المملكة، التي تحتفي هذا العام بمرور 50 عاماً على تأسيس الشراكة بينهما لدفع عجلة إصلاح السياسات في العديد من قطاعات الاقتصاد.

ويُعد تقرير "إتاحة الفرص: تمكين المرأة في التعليم والتدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية" من الأمثلة الحديثة التي تبرز قوة التعاون بين الطرفين، حيث اشترك البنك الدولي ومؤسسة التدريب التقني والمهني في إعداده. ويتناول التقرير بالبحث التحولَ الجاري في التعليم والتدريب التقني  والمهني في المملكة، ويقدم رؤى ثاقبة حول الإجراءات التي أثبتت نجاحها، والتحديات المتبقية، وكيف يمكن للبلاد الحفاظ على هذه المكاسب وتوسيع نطاقها. كما يوفر إطارا توجيهياً وأفضل الممارسات الدولية لتعزيز مشاركة الإناث في التعليم والتدريب التقني والمهني وإزالة الحواجز المستمرة التي كانت تحد فيما مضى من التحاق المرأة بهذا المجال. ويمثل التقرير مورداً قيماً لواضعي السياسات ومسؤولي التعليم وقادة الصناعة الذين يتطلعون إلى البناء على هذا الزخم وزيادة ترسيخ التعليم والتدريب التقني والمهني كقوة ذات أثر تحويلي لتمكين المرأة والنمو الاقتصادي داخل المملكة وخارجها.

تندرج العوامل التي تؤثر على مشاركة المرأة في التعليم والتدريب التقني والمهني تحت ثلاث مظلات، ألا وهي: (1) الحواجز على المستوى المجتمعي مثل الأعراف الاجتماعية والسياسات العامة، و(2) الحواجز على المستوى المؤسسي مثل السياسات العامة والبيئة، والبنية التحتية للتعلم، وتنظيم سوق العمل، وغيرها، و(3) والعوامل على المستوى الشخصي، ومنها ما يرتبط بالاهتمامات والدوافع الشخصية للمتعلمة، ومنها  أيضاً ما يرتبط بتوقعات الأسرة والأقران.

 

The World Bank

 

الطريق نحو المستقبل

تُعد مسيرة المملكة العربية السعودية نحو تحسين مشاركة الإناث في القوى العاملة وتطوير القوى العاملة الشاملة شهادةً على قوة الرؤية الإستراتيجية والإصلاح القانوني والمبادرات الموجهة. ورغم استمرار التحديات، فإن التقدم المحرز حتى الآن كبير وملهم على حد سواء، ويضع هذه الجهود وبقوة في مصاف الممارسات الجيدة التي يتعين على البلدان الأخرى أن تحذو حذوها. ومن خلال بناء الشراكات، لا يزال البنك الدولي ملتزماً بمساندة المملكة في دفع عجلة هذه الإصلاحات والبناء على هذا التقدم نحو قوى عاملة أكثر شمولاً للجميع وأفضل استعداداً لما يحمله المستقبل من تحديات.


صفاء الطيب الكوقلي

مديرة البنك الدولي في دول مجلس التعاون الخليجي

إيكاترينا بانكاتوفا

منسقة برامج أولى في البنك الدولي لبرنامج التعاون الفني للحماية الاجتماعية والوظائف والمعاشات

دانا الريّس

خبيرة اقتصادية في مجال العمل بوحدة الحماية الاجتماعية والوظائف في البنك الدولي، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000