نشر في أصوات عربية

ربتة على كتف العالم العربي

الصفحة متوفرة باللغة:

تذكروا هذه الحروف ش- م- م فهي الحروف الأولى لكلمات الشفافية والمساءلة والمشاركة وهي هنا لتستمر فترة طويلة.فهي كناية بسيطة عن خارطة طريق معقدة للغاية للانتقال العربي إلى "الكرامة، والحرية، والعدالة الاجتماعية".

لكن هل هذه الحروف هي العلاج حقا لحالة الفوضى التي تجتاح الشرق الأوسط؟  وحتى لو لم يكن الأمر كذلك، فقد كانت بالتأكيد الحروف الرنانة في ندوة إقليمية نظمها البنك الدولي تحت عنوان "العمليات الانتقالية  وإصلاحات نظام الإدارة العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في العاصمة المغربية الرباط مؤخرا.  وبدا أن هذه الحروف كانت بمثابة مبدأ حظي بحفاوة جميع المشاركين الذين يمثلون مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية في المنطقة والعالم بأسره:  من صناع السياسات السابقين والحاليين، والقطاعين العام والخاص، وشركاء التنمية، وممثلي المجتمع المدني.وباعتباري مواطنة من العالم العربي، شعرت برغبة في الانضمام إلى هذه الحفاوة.

Imageفإذا ما كان للمرء أن يبالغ في تبسيط الصعوبات التي تواجه المنطقة والتي تبدو مستعصية على الحال، ستظهر تلك الحروف بالتأكيد كحل يناسب جميع المآسي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.   وكانت قصص العمليات الانتقالية الناجحة في سلوفينيا ورومانيا والتي عرضت في المؤتمر بمثابة حافز لما وصفه الرئيس السلوفيني السابق ميلان كوكان بأنه "نهر متعدد الروافد".  في الواقع، تعتبر العملية الانتقالية في العالم العربي نهرا هائجا تغذيه عدة ينابيع، بعضها يتسم بالعنف وبعضها أكثر هدوءا.وخلال الاضطرابات التي تجتاح المنطقة منذ 20 شهرا أقبلت بعض الأنظمة على تنفيذ إصلاحات وقائية للحيلولة دون وصول التوترات إليها، لكن لا تزال أنظمة أخرى في حالة إنكار، أو ما هو أسوأ فهي مقتنعة بشكل قاطع أنها ستنجو من رياح التغيير.

نعم، الشفافية والمساءلة والمشاركة أمور ضرورية لانتقال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صوب الديمقراطية والمساواة والازدهار الاقتصادي، بصرف النظر عن خصوصيات كل بلد من البلدان المتأثرة.إذ توفر الشفافية الأدلة والمعرفة المطلوبة لقياس من هم المستفيدون ومن هم الخاسرون من السياسات العامة.  فالوصول إلى المعلومات بدون أي قيود يمكّن الشعوب من ممارسة المساءلة الاجتماعية، وهو حق لا يمكن إنكاره لتحميل الحكومات المسؤولية عن الظلم الاجتماعي وتردي الخدمات العامة والفساد.  وتتضافر الشفافية والمساءلة في تحسين المشاركة أو الاحتواء في عملية رسم السياسات كما أنهما الركيزتان الأساسيتان للعقد الاجتماعي الجديد الذي يقوم على العدالة الاجتماعية والثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطن.

والشفافية والمساءلة والمشاركة ليست بدون مقابل بأي حال من الأحوال.  لكن خفض التكلفة يتطلب الوصول إلى تسوية.إذ تحتاج الحكومات إلى التخلي عن سياسات البقاء التي تخدم مصالح ذاتية بهدف بناء المصداقية والفوز بالثقة، في حين يحتاج المواطنون إلى التحلي بالواقعية والتسامح.  ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال حوار شامل.  لكن كما أشار رئيس الوزراء الروماني السابق بتري رومان، يجب أن تنبع الحلول الانتقالية من الداخل، ولا تفرضها عوامل خارجية.وعلى هذا الأساس، لا يملك المرء إلا أن يتساءل:هل الحكومات والمواطنون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على استعداد لإبداء التسامح والدخول في حوار؟هذه مهمة شديدة الصعوبة.كما أنها تحد كبير أكثر جاذبية من أي شي آخر مطروح. 


بقلم

منى زيادة

مسؤولة للاتصالات والشؤون الخارجية

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000