فيما بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في تونس بعد أن شهدت أشد الهجمات الإرهابية دموية في تاريخها، غمرت التساؤلات حول أوضاع الشباب وظاهرة التطرف الفضاء العام.
ففي 18 مارس/آذار، اقتحم شابان عمرهما 19 و 27 عاما، متحف باردو الوطني في العاصمة التونسية وقتلا أكثر من 20 شخصا، أغلبهم من السياح. وقد أصاب الهجوم الإرهابي تونس بالذهول، وهي البلد الذي لم يشهد سوى القليل من مثل هذه الهجمات.
ومع هذا، وبعد شهور قليلة، في السادس والعشرين من يونيو/حزيران، قتل سيف الدين الرزقي، الطالب الذي يدرس الهندسة ويبلغ من العمر 24 عاما، 38 شخصا في أحد منتجعات سوسة البحرية. الهجوم كشف عن تونس أخرى تختلف عن قصة النجاح الديمقراطية التي ذاع صيتها: تونس التي خرج منها ثلاثة آلاف جهادي، أغلبهم من الشباب، يعتقد أنهم سافروا إلى سوريا والعراق وليبيا.
والتفسير الأكثر شيوعا للأسباب التي جعلت العديد من الشباب التونسي أكثر ميلا للتطرف، يتضمن تردي الأوضاع الاقتصادية، مع تعطل نحو 30 % من الشباب التونسي عن العمل، وتدني مستوى التعليم، والفشل في غرس التفكير النقدي، والشعور العام بخيبة الأمل التي بددت أمل الكثير من الناس في المستقبل.
تقول هند حساسي، مستشارة شؤون الشباب "الفقر والبطالة وخيبة الأمل تشكل عوامل مهمة. وفي تونس ما بعد الثورة، ساهمت هذه العوامل في تفشي الشعور بالتهميش بين الشباب الذين لم يجنوا بعد ثمرة كفاحهم الناجح للإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
لكن المحلل الأمني حبيب السياح يرى أن هذه العوامل في حد ذاتها لا تؤدي إلى التطرف. ويوضح قائلا إن الحركات الإسلامية المتطرفة، كأنصار الشريعة، سرعان ما استغلت فرصة الفراغ في السلطة الذي تلا سقوط ابن علي، فضلا عن الحريات الجديدة التي تكفلها الديمقراطية، و"تمكنت من جذب الشباب المحروم من حقوق المواطنة إلى الجهاد المسلح."
بالنسبة لشباب سيدي بوزيد، مهد انتفاضة الربيع العربي، كان التطرف يمثل مشكلة قبل الثورة. وقد تحدثت مع اثنين من المراهقين، فاكتشفت أن كلا منهما يعرف شخصا توجه إلى الجهاد. تقول إكرام إبراهيمي التي تبلغ من العمر 18 عاما وكانت تعرف شخصا عمره 23 عاما توجه إلى سوريا "أشعر بالقلق." وكالعديد من التونسيين، سارعت إبراهيمي إلى إلقاء اللائمة في هذه الظاهرة على الفقر المتفشي في المدينة وعلى ارتفاع معدلات البطالة.
وتضيف أنها كانت أحيانا تتحدث مع والديها أو مع مدرسيها عن ظاهرة التطرف. ولكن داخل الفصل، ليس مسموحا للمدرسين بمناقشة إغراء الجهاد باعتبار ذلك نوعا من السياسة - وتمثل منطقة "محرمة" للمعلمين.
ويوضح أحد مدرسي المدينة واسمه صلاح عفي ويبلغ من العمر 42 عاما أنه على الرغم من أن هذه المشكلة كانت قائمة منذ أكثر من عامين، فإنه يود أن يرى المزيد من الحوار والمناقشات حول الظاهرة، مضيفاً"من المهم نشر الأفكار المضادة. نريد أن ندحض دعاياتهم." بالنسبة لعفي، من المهم أيضا تنظيم المزيد من الأنشطة بعد انتهاء اليوم الدراسي، مثل المبادرات الثقافية أو الرياضية للشباب في المدن المهمشة مثل سيدي بوزيد. ووفقا لحساسي، مستشار شؤون الشباب، إذا كانت الحكومة جادة في معالجة المشكلة من جذورها فستحتاج إلى "وضع خطة حقيقية للتنمية الاجتماعية."
في العاصمة تونس، وبعد الهجوم الذي وقع في سوسة، احتشدت مجموعة من شباب رجال الأعمال لتتجاوز السياسات الحكومية وتجد حلولا مبتكرة لمكافحة الإرهاب والتطرف. وأطلقوا ملتقى "العمل الحر ضد الإرهاب." واجتمع نحو 50 شابا على مدى يوم كامل في لقاء العصف الفكري. وانقسموا إلى مجموعات، تلقت كل منها التدريب على القيادة، وتطوير النشاط، والطرق البديلة لمكافحة التطرف.
ثم كلفت هذه المجموعات باقتراح طرق بديلة ومبتكرة للمساهمة في نضال البلاد ضد التطرف. وفي نهاية اليوم، عرضت كل مجموعة أفكارها أمام لجنة مؤلفة من قيادات العمل الحر في البلاد.
وقالت أمل عمارة البالغة من العمر 20 عاما "إحدى المشاكل التي تواجهها تونس هي أننا لا نفهم المشاكل الاجتماعية التي نعاني منها." وتقول أمل أنها جاءت إلى اللقاء لتوسيع مداركها بالاستماع إلى وجهات نظر جديدة. وهي تود أن ترى سياسات تركز بدرجة أكبر على قطاع التعليم، مضيفة: "يجب إصلاحه. آمل أن تصغي الحكومة إلينا نحن الشباب."
يقول غليس محمد صلاح البالغ من العمر 25 عاما "الأمن لا يشفي من المرض. نحتاج إلى سياسات أطول أمدا." كان صلاح ضمن مجموعة فائزة طرحت فكرة تطبيق هاتفي يجعل من الأيسر على الناس الإبلاغ عن أي أنشطة مريبة أو تخريبية محتملة- كالتحريض على العنف. .
ويؤكد صلاح أن العديد من الناس يشعرون بالرعب من التقاط الهاتف والإبلاغ. وأوضح أن هذا التطبيق سيجعل هذا أسهل- فبضغطة واحدة، يمكن للشهود أن يبلغوا عن حادث وأن يحددوا موقعه الجغرافي بالضبط. وعن اللقاء أضاف "يسعدني أن أرى الشباب التونسي يشارك."
من جهتها، تقول ليلى الشريف، سيدة الأعمال وإحدى القائمين على تنظيم اللقاء، إن الانخراط مع الشباب والاستفادة من ابتكاراتهم في البحث عن حلول كان هو الغاية المنشودة بالضبط. وأكدت على ضرورة فهم الظروف المحلية والأسباب الجذرية بشكل أفضل. وأضافت "يجب أن تنبع الحلول من الداخل وليس من الخارج." لكنها مع ذلك تشعر بالسعادة لأن هذا اللقاء كان أول خطوة نحو تكوين مجتمع ضد التطرف.
ففي 18 مارس/آذار، اقتحم شابان عمرهما 19 و 27 عاما، متحف باردو الوطني في العاصمة التونسية وقتلا أكثر من 20 شخصا، أغلبهم من السياح. وقد أصاب الهجوم الإرهابي تونس بالذهول، وهي البلد الذي لم يشهد سوى القليل من مثل هذه الهجمات.
ومع هذا، وبعد شهور قليلة، في السادس والعشرين من يونيو/حزيران، قتل سيف الدين الرزقي، الطالب الذي يدرس الهندسة ويبلغ من العمر 24 عاما، 38 شخصا في أحد منتجعات سوسة البحرية. الهجوم كشف عن تونس أخرى تختلف عن قصة النجاح الديمقراطية التي ذاع صيتها: تونس التي خرج منها ثلاثة آلاف جهادي، أغلبهم من الشباب، يعتقد أنهم سافروا إلى سوريا والعراق وليبيا.
والتفسير الأكثر شيوعا للأسباب التي جعلت العديد من الشباب التونسي أكثر ميلا للتطرف، يتضمن تردي الأوضاع الاقتصادية، مع تعطل نحو 30 % من الشباب التونسي عن العمل، وتدني مستوى التعليم، والفشل في غرس التفكير النقدي، والشعور العام بخيبة الأمل التي بددت أمل الكثير من الناس في المستقبل.
تقول هند حساسي، مستشارة شؤون الشباب "الفقر والبطالة وخيبة الأمل تشكل عوامل مهمة. وفي تونس ما بعد الثورة، ساهمت هذه العوامل في تفشي الشعور بالتهميش بين الشباب الذين لم يجنوا بعد ثمرة كفاحهم الناجح للإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
لكن المحلل الأمني حبيب السياح يرى أن هذه العوامل في حد ذاتها لا تؤدي إلى التطرف. ويوضح قائلا إن الحركات الإسلامية المتطرفة، كأنصار الشريعة، سرعان ما استغلت فرصة الفراغ في السلطة الذي تلا سقوط ابن علي، فضلا عن الحريات الجديدة التي تكفلها الديمقراطية، و"تمكنت من جذب الشباب المحروم من حقوق المواطنة إلى الجهاد المسلح."
بالنسبة لشباب سيدي بوزيد، مهد انتفاضة الربيع العربي، كان التطرف يمثل مشكلة قبل الثورة. وقد تحدثت مع اثنين من المراهقين، فاكتشفت أن كلا منهما يعرف شخصا توجه إلى الجهاد. تقول إكرام إبراهيمي التي تبلغ من العمر 18 عاما وكانت تعرف شخصا عمره 23 عاما توجه إلى سوريا "أشعر بالقلق." وكالعديد من التونسيين، سارعت إبراهيمي إلى إلقاء اللائمة في هذه الظاهرة على الفقر المتفشي في المدينة وعلى ارتفاع معدلات البطالة.
وتضيف أنها كانت أحيانا تتحدث مع والديها أو مع مدرسيها عن ظاهرة التطرف. ولكن داخل الفصل، ليس مسموحا للمدرسين بمناقشة إغراء الجهاد باعتبار ذلك نوعا من السياسة - وتمثل منطقة "محرمة" للمعلمين.
ويوضح أحد مدرسي المدينة واسمه صلاح عفي ويبلغ من العمر 42 عاما أنه على الرغم من أن هذه المشكلة كانت قائمة منذ أكثر من عامين، فإنه يود أن يرى المزيد من الحوار والمناقشات حول الظاهرة، مضيفاً"من المهم نشر الأفكار المضادة. نريد أن ندحض دعاياتهم." بالنسبة لعفي، من المهم أيضا تنظيم المزيد من الأنشطة بعد انتهاء اليوم الدراسي، مثل المبادرات الثقافية أو الرياضية للشباب في المدن المهمشة مثل سيدي بوزيد. ووفقا لحساسي، مستشار شؤون الشباب، إذا كانت الحكومة جادة في معالجة المشكلة من جذورها فستحتاج إلى "وضع خطة حقيقية للتنمية الاجتماعية."
في العاصمة تونس، وبعد الهجوم الذي وقع في سوسة، احتشدت مجموعة من شباب رجال الأعمال لتتجاوز السياسات الحكومية وتجد حلولا مبتكرة لمكافحة الإرهاب والتطرف. وأطلقوا ملتقى "العمل الحر ضد الإرهاب." واجتمع نحو 50 شابا على مدى يوم كامل في لقاء العصف الفكري. وانقسموا إلى مجموعات، تلقت كل منها التدريب على القيادة، وتطوير النشاط، والطرق البديلة لمكافحة التطرف.
ثم كلفت هذه المجموعات باقتراح طرق بديلة ومبتكرة للمساهمة في نضال البلاد ضد التطرف. وفي نهاية اليوم، عرضت كل مجموعة أفكارها أمام لجنة مؤلفة من قيادات العمل الحر في البلاد.
وقالت أمل عمارة البالغة من العمر 20 عاما "إحدى المشاكل التي تواجهها تونس هي أننا لا نفهم المشاكل الاجتماعية التي نعاني منها." وتقول أمل أنها جاءت إلى اللقاء لتوسيع مداركها بالاستماع إلى وجهات نظر جديدة. وهي تود أن ترى سياسات تركز بدرجة أكبر على قطاع التعليم، مضيفة: "يجب إصلاحه. آمل أن تصغي الحكومة إلينا نحن الشباب."
يقول غليس محمد صلاح البالغ من العمر 25 عاما "الأمن لا يشفي من المرض. نحتاج إلى سياسات أطول أمدا." كان صلاح ضمن مجموعة فائزة طرحت فكرة تطبيق هاتفي يجعل من الأيسر على الناس الإبلاغ عن أي أنشطة مريبة أو تخريبية محتملة- كالتحريض على العنف. .
ويؤكد صلاح أن العديد من الناس يشعرون بالرعب من التقاط الهاتف والإبلاغ. وأوضح أن هذا التطبيق سيجعل هذا أسهل- فبضغطة واحدة، يمكن للشهود أن يبلغوا عن حادث وأن يحددوا موقعه الجغرافي بالضبط. وعن اللقاء أضاف "يسعدني أن أرى الشباب التونسي يشارك."
من جهتها، تقول ليلى الشريف، سيدة الأعمال وإحدى القائمين على تنظيم اللقاء، إن الانخراط مع الشباب والاستفادة من ابتكاراتهم في البحث عن حلول كان هو الغاية المنشودة بالضبط. وأكدت على ضرورة فهم الظروف المحلية والأسباب الجذرية بشكل أفضل. وأضافت "يجب أن تنبع الحلول من الداخل وليس من الخارج." لكنها مع ذلك تشعر بالسعادة لأن هذا اللقاء كان أول خطوة نحو تكوين مجتمع ضد التطرف.
انضم إلى النقاش