نشر في أصوات عربية

ماذا بعد تعزيز رأس المال البشري في دول مجلس التعاون الخليجي؟

الصفحة متوفرة باللغة:
?????? ?????? ??? ?????? ??? ?????? ?????????? ?? ??????? ???????? ??????? ?? ???? ??????? ?????. وستركز الكويت على احتواء ذوي الخاصة الاحتياجات في المدارس الحكومية والخاصة من خلال تشريعات جديدة.

في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، عقدت أنا وزملائي في البنك الدولي ندوة عبر الإنترنت مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حول تسريع تكوين رأس المال البشري وتوسيع نطاق التعاون الإقليمي في زمن كورونا. وتقف بلدان مجلس التعاون الخليجي، التي تواجه الصدمات المزدوجة الناجمة عن هذه الجائحة وانخفاض أسعار النفط، على مفترق طرق أمام التحول الاقتصادي والاجتماعي. ويعتمد مستقبل المنطقة على مدى قدرتها على مواصلة تعزيز تنمية رأس المال البشري للأجيال الجديدة.

وقد أحرزت معظم دول مجلس التعاون الخليجي تقدماً في مؤشر رأس المال البشري على مدى السنوات العشر الماضية. لكن لا يزال أداء المنطقة متخلفاً مقارنة بالبلدان ذات مستوى الدخل نفسه. وبناء على المعلومات التي قدمناها في العروض التقديمية، فإنتاجية الطفل المولود اليوم في دول مجلس التعاون الخليجي ستبلغ ما بين 56% و67% عندما يكبر مقارنة مع نسبة إنتاجية كاملة اذا تمتع بقدر كامل من التعليم والصحة الجيدة في عمر 18 سنة. وحتى يتسنى المساعدة في تحسين هذا المؤشر، يحتاج مجلس التعاون الخليجي بشكل عام إلى التركيز على هذه الركائز:

  1. إعطاء الأولوية للاستثمار العام في تنمية الطفولة المبكرة وتوسيع نطاق الالتحاق بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.
  2. التركيز على تعلم المهارات وليس مجرد الحصول على الشهادات.
  3. تعزيز مشاركة النساء في القوى العاملة والحد من الفجوة في المهارات المطلوبة في مجال العمل.
  4. الحد من عوامل المخاطر الناجمة عن الأمراض غير المعدية (غير السارية)، لا سيما بين الشباب.
  5. تطوير العمل على مستوى الحكومة بكل قطاعاتها والمجتمع بأسره لتحفيز التغييرات السلوكية وزيادة القيمة مقابل المال في هذه الاستثمارات.

وفيما يلي مناقشة لبعض النقاط البارزة في هذه الندوة.

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الاستثمار في رأس المال البشري وتكوينه في المنطقة. وقامت إحدى المشاركات في الندوة، وهي صاحبة السعادة الأستاذة حنان منصور أهلي المدير العام بالإنابة للهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعرض استثمارات واستراتيجيات الإمارات العربية المتحدة. وفي 2020، خصصت حكومة الإمارات أكبر نسبة من الموازنة العامة للدولة لقطاعي الرفاهية البشرية والتنمية الاجتماعية بنسبة 42.3%. وتضمن ذلك 17% من الموازنة المخصصة للصحة و 7.3% للتعليم.

كما ناقشت الأستاذة حنان أهلي استراتيجية الابتكار في مجال الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2019-2021 مع التركيز مجددا على الطب الوقائي وأنماط الحياة الصحية. وتركز بعض البرامج على مكافحة السمنة لدى الأطفال والمراهقين من خلال سجل وطني لمعدلات نمو الطلاب، وإنشاء ملفات تعريف إلكترونية للمرضى من خلال نظام وريد (Warid System)، وتحسين سلامة المرضى واستخدام الأدوية باستخدام تطبيق ذكي "هو رادار الإمارات (UAE RADR) ودعم مهنة التمريض باستخدام اللعبة "سند ورحمة" على الهاتف المحمول. كما أضافت الإمارات تدابير تنظيمية إضافية في مجال الرعاية الصحية مثل فرض ضريبة بنسبة 100% على أجهزة ومعدات التدخين الإلكترونية، وضريبة بنسبة 50% على المشروبات المحلاة بالسكر.

وتهدف استراتيجية التعليم في الإمارات 2021 إلى بناء تعليم شامل ومنصف وذي جودة للجميع. وحتى يتسنى رفع مستويات القراءة والكتابة للناطقين باللغة العربية في جميع أنحاء العالم، أطلقت الهيئة منصة التعليم الإلكتروني "المدرسة" في عام 2018. وتقدم منصة "المدرسة" أكثر من 5000 فيديو تعليمي مجاني باللغة العربية، مع التركيز على الفيزياء والكيمياء والبيولوجي (علم الأحياء) والرياضيات والعلوم العامة. وقد وصلت منصة المدرسة إلى أكثر من 1.5 مليون طالب في 20 بلدا، من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر.

وللتخفيف من الأُثر السلبي لجائحة كورونا على التعليم، تعمل حكومة الإمارات على توفير التعليم الفعال عن بعد للجميع، وخاصة للفتيات، وهو ما أشارت إليه الأستاذة حنان أهلي باعتزاز. وتقدم "مبادرة المدرسة الرقمية" التعليم الإلكتروني المعتمد من خلال الإنترنت للطلاب في جميع أنحاء العالم، وتبدأ مرحلتها التجريبية بنحو 20 ألف طالب، ومن المتوقع أن تصل إلى مليون طالب في 2026.

وشهدت الكويت بعض الثبات في مؤشر رأس المال البشري في السنوات العشر الماضية، لكن تجدر الإشارة أن لديها الموارد المالية والشباب الذين يتمتعون بروح الابتكار والطاقات الكاملة. وأشار صاحب السعادة معالي الدكتور خالد مهدي، الأمين العام للأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، إلى أن مؤشر البنك الدولي كان بمثابة نقطة تحول لاستراتيجية الكويت الخاصة برأس المال البشري. وقبل هذا المؤشر الخاص برأس المال البشري، كانت السلطة الكويتية تركز على معدلات  الإنفاق بدلاً من النواتج. غير أن مؤشر التنمية البشرية يتيح الآن لواضعي السياسات منظورًا جديدًا لتحديد المشكلات الحقيقية، وتحويل تركيز السياسات على نحو يؤدي إلى تعزيز الأداء على صعيد تحقيق النواتج.

وحتى يتسنى الحد من الفجوات في الأداء، تهدف الخطة الوطنية في الكويت إلى اتباع نهج أكثر شمولية. وتشمل التدابير الرئيسية الحالية على مستوى السياسات إحراز تقدم على صعيد مبادرات المدن الصحية، والحد من انتشار الأمراض غير المعدية ومعدلات الوفيات المرتبطة بها، ودمج برامج تنمية الطفولة المبكرة في وزارة التربية، وإعادة تطبيق تطوير المناهج الدراسية القائمة على الكفاءة، ووضع استراتيجية وطنية للتوظيف، بمساندة من البنك الدولي، تركز على تمكين الشباب، والتحول الرقمي، وتوطين الوظائف، وخلق فرص العمل في القطاع الخاص. وستركز الكويت على احتواء ذوي الإحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية والخاصة من خلال تشريعات جديدة.

أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فقد جعلت تطوير الرعاية الصحية حجر الزاوية الرئيسي لرؤية السعودية 2030. ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للإصلاح والتطوير في الحد من ارتفاع معدل انتشار الأمراض غير المعدية (غير السارية) وعوامل المخاطر. وعرضت الدكتورة عذا القنيّبط، مديرة بحوث الصحة العامة والإحصاءات الصحية باﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﻮﻗﺎﯾﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض وﻣﻜﺎﻓﺤﺘﻬﺎ، استراتيجية المملكة لدمج المعارف العالمية في قدرات التكيف المحلية. وتخطط السعودية لتقليص معدلات التدخين وتشجيع اتباع نظام غذائي صحي. وتشمل الإجراءات التدخلية الأخرى التي تم تطبيقها على المستوى الوطني فرض الضرائب على منتجات التبغ والمشروبات السكرية، و وضع الضوابط الرامية إلى ترويج  المنتجات الغذائية الصحية ، وتوفير أغذية أكثر صحة في المدارس وأماكن العمل الحكومية. وعلى المدى الطويل، سيعزز إصلاح الرعاية الصحية الصحة العامة وجودة الحياة لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة.

وكما تقول العرب: "كن كالصقر متجدداً لا ترضى إلا بالقمم"،  فقد تواجه المنطقة تحديات، ولكنها سترتفع مجددا إلى آفاق جديدة إذا تضافرت جهود البلدان لتعزيز رأس المال البشري.


بقلم

د. سامح السحرتى

رئيس برنامج التنمية البشرية بدول مجلس التعاون الخليجي

أفيفا تشنغتشنغ ليو

مستشارة التنمية البشرية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000