وصلت للتو إلى صنعاء عائدا من الرياض. وأود أن أغتنم هذه الفرصة للتحدث إلى الشعب اليمني، صغارا وكبارا، رجالا ونساء، عن ما تم تحقيقه في مؤتمر المانحين هناك. فبالرغم من أن معظم تقارير وسائل الإعلام ركزت خلال الأيام القليلة الماضية على تعهدات سخية من المانحين، والتي وصلت إلى 6.4 مليار دولار أمريكي، أريد أن أتحدث إليكم عن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة والمجتمع الدولي لضمان أن هذه الأموال ستصل إليكم –إلى كل واحد منكم - بسرعة وبشفافية وبكفاءة.
بالإضافة إلى التعهدات، تبنى المؤتمر إطار المساءلة المتبادلة الذي حدد الإتزامات من جانب حكومة الوفاق الوطني ومن جانب مجتمع المانحين خلال المرحلة الانتقالية. وهنا أريد أن أقدم بعض الإيضاحات عن مضمون هذا الإطار وسوف أكون انتقائيا وأركز على النقاط التي تعتبر هامة جدا بالنسبة لكم وتشغل بال الكثيرين منكم. كما ستعرفون من قراءة إطار المساءلة المتبادلة، قدمت الحكومة العديد من الالتزامات الهامة. وفي هذه الجزئية أود أن أذكر تحديدا الحكم الرشيد، الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، كوني أعرف أن هذه النقطة تهم الكثير منكم.
ففي مجال الحكم الرشيد، التزمت الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق مع كبار المسئولين المتورطين في قضايا الفساد. وكما يعلم الكثير منكم، فان الإجراءات القائمة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أو رئيس الجمهورية للشروع في التحقيق عن أي شخص بدرجة نائب وزير فما فوق. وهذا هو السبب وراء عدم التحقيق مع أي مسئول رفيع المستوى في أي وقت مضى. أما الآن فقد التزمت الحكومة على إنشاء محكمة خاصة لتسريع محاكمة قضايا الفساد وضمان صدور أحكام بحق المدانين بقضايا الفساد. وهذه تعتبر رسالة واضحة للمسئولين الحاليين رفيعي المستوى أن عليهم أن يفكروا أكثر من مرة قبل التورط في الفساد.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، فقد التزمت الحكومة بتحسين بيئة الأعمال لتسهيل عملية تسجيل الشركات والمشاريع الصغيرة، وذلك من خلال إلغاء الروتين والممارسات الاحتكارية. كما أن الحكومة سوف تعمل أيضا على تسريع إنجاز القوانين الجديدة الهامة بشأن الشراكة بين القطاع العام والخاص في مجال البنية التحتية (مثل بناء محطات توليد الكهرباء والأنفاق والمطارات وغيرها) والمناطق الاقتصادية الخاصة وتقديمها إلى البرلمان. فأول قانون، إذا ما تم تنفيذه بنجاح، سوف يخفف بعض الضغط على ميزانية الحكومة وسيسمح بزيادة الإنفاق العام على الاحتياجات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم وشبكات الضمان الاجتماعي، مع ضمان أن يتم بناء المرافق الحيوية في البنية التحتية بسرعة وبشفافية. أما القانون الثاني فسوف يعمل على جذب الاستثمارات في قطاع الصناعة والتي من شأنها خلق فرص العمل المطلوبة بشكل عاجل.
وأخيرا، التزمت الحكومة بالشراكة الكاملة مع المجتمع المدني. وسوف تعمل الحكومة على تسريع الانتهاء من وضع التشريعات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني وإشراكها كشركاء ولاعبين رئيسيين في المرحلة الانتقالية وجدول الأعمال على المدى القصير والمتوسط.
فيما يتعلق بإهتمام المجتمع الدولي، فقد قطعنا على أنفسنا وعدا للحكومة بسرعة الوفاء بتعهداتنا وتخصيص التمويل للبرامج المحددة في البرنامج الاقتصادي خلال المرحلة الانتقالية، مع قيام كل جهة مانحة في غضون 90 يوما بتحديد القطاعات التي سوف تمولها، وتقديم المساعدة والدعم الفني بما يضمن للحكومة القدرات اللازمة لإجراء الإصلاحات التي التزمت بها.
ويشمل إطار المساءلة المتبادلة عناصر هامة أخرى وسوف نقوم بنشرها على الإنترنت بحيث يستطيع الجميع قراءتها.
هذه ليست سوى البداية.
نحن هنا لا نعلن النجاح بأي طريقة. فتنفيذ الالتزامات الواردة في إطار المساءلة المتبادلة يتطلب الكثير من العمل الشاق. فما أسهل الكلام ولكننا سوف نعلن النجاح فقط عندما تفي الحكومة والجهات المانحة بجميع التزاماتهم. وهذا هو السبب في مووافقنا على وضع آلية لرصد ومراقبة مستوى تنفيذ كلا من الحكومة والجهات المانحة لالتزاماتهم. ونحن نأمل أن هذا سيجعل الحكومة أكثر مسؤولية وتخضع للمساءلة، وتعم التنافسية بين الوزارات لتحسين الخدمات للمواطنين.
وسوف نعقد اجتماعا كل ثلاثة أشهر لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ إطار المساءلة المتبادلة، وسوف ندعو ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني ليكونوا جزءا من عملية الإشراف والمراقبة. كما أننا أيضا ملتزمون بنشر تقارير حول عملية المراقبة بحيث يستطيع كل مواطن يمني أن يرى ذلك ويحكم عليه بنفسه.
انضم إلى النقاش