نشر في أصوات عربية

ما أهمية المشاركة في منتدى حول البنية التحتية؟

الصفحة متوفرة باللغة:
World Bank | Arne Hoel

في مراكش، تجمع أكثر من 280 شخص من وزراء وحكومات ومختصين لمناقشة سياسات البنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودور القطاع الخاص، ولكن ما الدافع؟(بالتأكيد طبعا ليس انعقاد المؤتمر في مراكش لأن أحدنا لم يتمكن من مغادرة الفندق).

لقد ألهمني بالفعل الحماس الذي أثاره تدشين شبكة المساءلة الاجتماعية - العالم العربي في الرباط في مارس/آذار الماضي. فقد جمع الحدث العاملين في المجتمع المدني من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معا وأظهر قدرة حقيقية على إعادة تشكيل وإجراء المزيد من المناقشات حول قضايا المشاركة والشباب.

وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن تطوير البنية التحتية - وهو مجال تخصصي - أقل جاذبية كموضوع من المساءلة الإجتماعية، خصوصا وأن على المرء أن يبحث بعمق عن الدور المحتمل للقطاع الخاص مقابل دور القطاع العام وأن يتحدث عن جميع أنواع الأدوات التي تبدو غامضة مثل علاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

لكن البنية التحتية هي عنصر مهم. ولها علاقة قوية بالشباب: فسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أغلبهم من الشباب وأعدادهم في تزايد. ويحتاج كل الشباب إلى خدمات عالية الجودة لكي يحققوا ذاتهم اقتصاديا بشكل كامل. وسيتطلب الوصول إلى نوعية جيدة من البنية التحتية المتاحة للجميع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى طاقات وخبرات من الأطراف كافة: القطاعين العام والخاص والجهات المانحة.هذه الطاقة تحتاج إلى تركيز حاد على أسلوب الإدارة والشفافية حتى تقوم خيارات البنية التحتية على عقود اجتماعية مستدامة ومشروعات متوازنة تصلح لكل شخص.

لهذا السبب، قررنا في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي أخذ على عاتقنا محاولة إثارة الحماسة تجاه الاجتماع المقبل لمنتدى السياسات الخاص بصندوق التمويل العربي للبنية التحتية والتركيز عليه. وقد اعتقدنا أنه سيكون من الصعوبة بمكان حشد الآخرين  للمشاركة في مثل هذه المبادرة وإثارة اهتمامهم بها. لكننا كنا مخطئين تماما.

كنا مخطئين في التقليل من قيمة الاهتمام (ففي حين توقعنا حضور 130 شخصا إذا بنا نفاجأ بحضور أكثر من مثلي هذا العدد). وكان هناك حماس وكان هناك تركيز، كما أثارت الرغبة في التواصل إلهامنا. إن تحسين الخدمات للسكان - وبذل كل درهم ودينار في سبيل ذلك - يشكل تحديا رئيسيا لكل شخص يعمل في مجال أنشطة الأعمال في المنطقة. 

World Bank | Dale Lautenbach

وقد أنشئ صندوق التمويل العربي للبنية التحتية والذي انبثق عنه منتدى السياسات، خلال العام الماضي بمساهمة من البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية. وكان التمويل جزءا من الخطة لكنه لم يكن السبب الوحيد لإنشائه. ومع إدراك ما سلف، فإن اتباع نهج إقليمي لمواجهة تحديات البنية التحتية المشتركة من خلال شراكة مفتوحة ربما كان أكثر الطرق فاعلية لتوسيع مثل هذا الحوار. بالطبع، ربما تثمر بعض المشروعات على الأرض في بلد واحد فقط، إلا أن القدرة على إشاعة هذا النهج على المستوى الإقليمي هو عنصر رئيسي في تعظيم الأثر وإتاحة الفرصة للتفكير بين البلدان.

وقد فهم المشاركون في منتدى السياسات ذلك وجاءوا بأعداد كبيرة. وتثبت الشراكة في إطار الصندوق العربي لتمويل مشروعات البنية التحتية نفسها على مستويات عديدة.أولا، كشراكة بين المانحين لأن البرنامج المفتوح يتيح للقادمين الجدد، مثل بنك الاستثمارالأوروبي، الانضمام للداعين إلى المشروع، أي مؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية والبنك الدولي.

ثانيا، كشراكة بين الحكومات، لأنه سواء كان من منظور وزير الاقتصاد والمالية في المغرب، أو وزير التعاون الدولي في تونس ووزير الموارد المائية في العراق أو وزير النقل في الأردن، فإن مطلب إقامة مرافق للبنية التحتية أكثر عددا وأفضل حالا لمواطنيهم هو قضية محورية ومشتركة. وكما قال نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية في المغرب، خلال مؤتمر صحفي: "تحتاج بلدان المنطقة إلى تعزيز التعاون فيما بينها من أجل تسريع وتيرة تطوير البنية التحتية وتمكين السكان من الحصول على خدمات عامة جيدة، وقد تمت دعوة القطاعين العام والخاص لتنسيق جهودهما من أجل إنجاز المشروعات الإقليمية المتكاملة."

وثالثا، كشراكة بين القطاعين العام والخاص، لأن كلا منهما يدرك أن دوره الجديد يجري تشكيله ونحن نتحدث حاليا، مما يضع الغاية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وبات من الواضح لي خلال المنتدى أن ما كنا نفعله كان على نفس القدر من أهمية اللقاء الذي بدأه زملائي في الرباط مع الأصوات الشابة من المجتمع المدني. ويتمثل دورنا في توفير المكان وجمع المشاركين والإصغاء إلى الأصوات في حين يجري تبادل التجارب والبحث عن الحلول.هذا ما يتطلبه وضع أساس صلب للسياسات والمشاريع، وربما يكون تسهيل هذه الشراكة المفتوحة هو أحد السبل التي يمكننا من خلالها أن نحدث أثرا حقيقيا في هذا الصدد. إن البنية التحتية تحتاج أموالا هائلة، إلا أن المال وحده لا يمكن أن يؤدي إلى بنائها بالشكل الصحيح. 


بقلم

ريمون بوردو

كبير أخصائيي البنية التحتية بإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000