تميزّت المرأة الكويتية على مر التاريخ بأدوارها الهامة في المجتمع على مدى العديد من العقود، وحالياً، أظهرت عزيمة وشجاعة حقيقية وروح عالية خلال أزمة كوفيد 19. إنها تلك المرأة ذاتها التي اهتمت ببيتها وأطفالها وحافظت على مدينتها عند غياب الرجل لشهور طويلة خلال رحلات الصيد والغوص على اللؤلؤ. إنها المرأة التي نهضت لمواجهة التحديات خلال هذه الأزمة. فقد شهدنا الكثير من التحركات للمرأة الكويتية في مختلف أوجه الحياة بدءاً من كونها من أوائل ملبي النداء سواء من مهندسات وعالمات ومتطوعات لخدمة المجتمع. ففي الواقع، إن للمرأة الكويتية وقفة بارزة في الصفوف الأمامية خلال هذه المعركة.
ولعبت وزيرتان كويتيتان دوراً بارزاً في الصفوف القيادية وهما مريم العقيل - وزير الدولة للشؤون الاقتصادية ووزير الشؤون الاجتماعية، ورنا الفارس - وزير الاشغال العامة ووزير الدولة لشؤون الإسكان. فقد بادرت الوزيرتان بالوقوف في الساحة والعمل حتى ساعات متأخرة من الليل للإشراف على مشاريع الأشغال العامة وضمان فعالية الخدمات الاجتماعية وتقديمها لمن هم بأمس الحاجة إليها.
كما وتطوعت العديد من القياديات من النساء في المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني لضمان إنهاء أكبر قدر ممكن من المهام. وحول ذلك، قالت امتثال العنزي - رئيس أحد الفرق التطوعية التي تعمل مع الشركة الكويتية للمنتجات القطنية “عند فتح باب العمل التطوعي في المصانع، ذُهلت بحجم النساء المتطوعات حيث فاق عددهن بكثير عدد الرجال المتقدمين وذلك حرصاً منهن على تقديم الدعم المطلوب في عمليات المصنع وتصنيع الأقنعة الطبية".
كما وتلعب المرأة الكويتية دوراً قيادياً في القطاع الصحي في الإشراف على الأمن الغذائي، والصحة العامة وغيرها من المجالات الأخرى المتعلقة بالصحة خلال فترة الأزمة. وبذلت العالمات الكويتيات قصارى جهدهن لاستنباط وانتاج معدات الوقاية الشخصية وقد تطوعت الكثير من النساء في الجمعيات التعاونية لخدمة الشعب.
حيث أكدت اخصائية تقويم الأسنان، د. سارة ميرزا وهي أحد أوائل المتطوعين في الصفوف الأمامية في مطار الكويت الدولي "قمت بتسجيل بياناتي لأتطوع ضمن فريق العمل الصحي وذلك لمساعدة الكويت بأي طريقة كانت، وقمت بالتسجيل بمجرد إعلان مسئولي عن حاجة المنظومة إلى المتطوعين للمساعدة في الأزمة". تم نقل سارة فيما بعد إلى المطار لتكون جزءاً من فريق الإجلاء الذي يقوم بفحص المواطنين القادمين إلى الكويت من الخارج.
"سألني الكثيرون فيما لو كنت خائفة من التعامل مع القادمين والذين قد يكونون حاملين للمرض، إلا أنه وبسبب طبيعة عملي كأخصائية تقويم أسنان، فإنني غالباً ما أكون عرضة للبكتيريا والفايروسات بشكل يومي. وبهذا، فإنني أرتدي كامل المعدات اللازمة واتبع الإجراءات المطلوبة لضبط العدوى والأمل في الأفضل دائماً والعمل دون أي تردد." وتعتبر سارة أحد الأمثلة التي تجسد مواقف العديد من النساء الكويتيات في الصفوف الأمامية، حيث أكدت "لم أكن خائفة أبداً، لقد عملنا لساعات طويلة وقضينا ليالي دون نوم ولكننا تخطيناها سويةً."
ومن جهة أخرى، تقدم المتطوعات في الخدمة المجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني الدعم لضحايا العنف المنزلي والذي قد تتعرض له بعض النساء بفعل العزل والبعد الاجتماعي والذي قد يجعل العديد منهن عرضة للاضطهاد. وقد تم جمع كل هذه الأمثلة التي تصوّر أعمال نساء الكويت عن طريق "غبقة افتراضية" نظمها مكتب البنك الدولي في الكويت الاسبوع الماضي بالشراكة مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية ومركز الدراسات والبحوث حول المرأة في جامعة الكويت.
وحملت هذه الفعالية عنوان "المرأة و كوفيد 19" والذي جمع العديد من قيادي الفكر النسائي تحت رعاية معالي الوزيرة مريم العقيل إلى جانب كبار المسئولين الحكوميين وغيرهم من المسئولين الإقليميين. وقد تطرقت الغبقة الافتراضية إلى موضوعات دولية وإقليمية ومحلية تتعلق بتأثير النوع الاجتماعي وأزمة جائحة كوفيد 19. وتم من خلالها تسليط الضوء على كيفية تأثر النساء والفتيات بطرق وجوانب محددة ترتبط بمواجهة الآثار السلبية الناتجة عن الأزمة مقارنةً بالرجال.
وأشارت معالي الوزيرة بأن المرأة الكويتية قد لعبت دوراً بارزاً وشاركت بفعالية في مواجهة الظروف الاستثنائية التي تمر به الكويت. وأضافت لقد "رفعت المرأة الراية" جنباً إلى جنب لزملائها الرجال وتطوعت لتحقيق واجبها الاجتماعي في الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين في البلاد. وكانت كارين غرون من ضمن أحد المتحدثين، وهي مدير أول لشؤون النوع الاجتماعي والتي بدورها أكدت بأن النساء حول العالم قد تحملن العبء الأكبر من الأزمة مما فاقم الفجوات الموجودة سابقاً والمتعلقة بالنوع الاجتماعي في مجالي الصحة والتعليم والفرص الاقتصادية. وأضافت غرون بأن وجود المرأة ضمن طاولة صنع القرار يعتبر أمراً ضرورياً كما وتحتاج منظمات المرأة أن تكون جزءاً من الاستجابة. كما وإن الاهتمام بتداعيات النوع الاجتماعي لكوفيد 19، يمكن أن يسمح بتقديم استجابات وإجراءات أكثر فعالية في المستقبل.
وأكد أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، خالد مهدي بأن الكويت قد وضعت تمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً ضمن جوهر خطة التنمية الوطنية للكويت والتشجيع على مضاعفة عدد النساء في المناصب القيادية في القطاع العام خلال فترة الخمس سنوات القادمة وفي الوقت ذاته تعزيز تمثيلهن في مجلس الأمة وفي مجالس إدارة الشركات.
وقد اتفق جميع المشاركون في الغبقة على أنه لم يقتصر دور المرأة الكويتية على الأدوار القيادية في الصفوف الأمامية خلال الأزمة، بل وأنها لا تزال كذلك تتحمل عبء المهام المنزلية وواجبات رعاية الأطفال. كما واتفق المشاركون بأن جميع الجهود المطلوبة للإنعاش تتطلب مشاركة المرأة على المستويين القيادي والتشغيلي، والتأكيد بأن القرارات المستقبلية يجب أن تتضمن المزيد من المرونة في ما يتعلق بإعدادات العمل من المنزل في القطاعين الخاص والعام. كما ووافق المشاركون على ضرورة تشريع قانون خاص بالعنف المتعلق بالنوع الاجتماعي. ومن أحد أهم الموضوعات المطروحة خلال المناقشة كانت ضرورة تعزيز الصحة العقلية وتقديم الخدمات الاستشارية للنساء والتخلص من وصمة العار المرتبطة بالحصول على مثل هذه الخدمات.
______________________________________________
"الغبقة" عبارة عن تجمع في الساعات المتأخرة من مساء رمضان "ما بين المغرب والسحور" يتضمن الأصدقاء وأعضاء المجتمع ضمن بيئة يسودها السرور والسعادة والاستمتاع بالأطعمة في أجواء مسترسلة يتم من خلالها مناقشة العديد من الموضوعات والتي تختلف ما بين اقتصادية واجتماعية وسيا
انضم إلى النقاش