في الوقت الذي يشهد اليمن حرباً طاحنة منذ حوالى عام ، يعاني أزمة مياه مقلقة تهدد السكان بالعطش وتضع خطر الأمن المائي الى جانب المخاطر الرئيسية الأخرى التي تهدد البلد الغارق في الصراعات والأزمات. كانت اليمن الى ما قبل الحرب تصنف كواحدة من أكثر الدول التي تواجه أزمة في المياه ، وكان الخبراء يحذرون من نضوب المياه الجوفية في اليمن بحلول عام 2017 ، لكن الحرب فاقمت المشكلة الى حد كبير ، ففي ظل الاضطرابات وغياب الدولة وانتشار النزاعات المسلحة ، زاد الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية ، وانهارت مؤسسات المياه الحكومية.
يقول مسؤول في وزارة المياه اليمنية ، "أن الحكومة أصدرت قانون يمنع الحفر العشوائي للآبار الجوفية وكانت تتابع تنفيذه عبر الاجهزة الأمنية والمجالس المحلية ، حيث يجب الحصول على ترخيص قبل حفر اي بئر ، لكن الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام أدت الى الفوضى والى حفر عدد كبير من الآبار الجوفية بشكل عشوائي وفي عدة مناطق ".
تعد مدينة تعز ( جنوبي اليمن) أكثر المناطق اليمنية معاناة ، حيث كانت المياه تصل الى المنازل كل 40 يوماً ، لكن الصراع فاقم المعاناة وتوقفت مؤسسة المياه الحكومية عن ضخ المياه الى المنازل منذ بداية الحرب . و حولت أزمة المياه في تعز الأطفال الصغار للعمل في جلب المياه الى منازلهم ، حيث ينتشر مئات الأطفال في شوارع المدينة رغم المواجهات المسلحة محملين بغالونات و يذهبون لجلب المياه من المساجد القريبة أو من براميل وضعها فاعلو خير ومنظمات مدنية في الحارات فيما يعرف ب( مياه السبيل)، وقد سقط أطفال قتلى وجرحى وهم في طريقهم لجلب المياه.
تقول ميرا حزام ( 8 أعوام ) :" في ظل توقف الدراسة ترسلني أمي لجلب الماء من مسجد الحي أو من مياه السبيل ، أنا أذهب خمس مرات في الصباح ومرتان في المساء اذهب مع أمي وأحيانا بمفردي ، لأجلب الماء من المسجد حيث توجد حنفيات خارجه وضعت كسبيل ، وعندما سمعنا بمقتل أطفال ذهبوا لجلب المياه منعتني أمي من الخروج ليومين ، لكنها بعد ذلك طلبت مني الخروج بعد نفاذ المياه المتوفره للشرب وغسل الثياب".
وتؤكد تقارير المنظمات الدولية ، بأن مدينة تعز تعيش أزمة مياه حادة ومزمنة، وهي الآن أكثر حدة مع استمرار المواجهات المسلحة في المدينة.
وأفاد تقرير لائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، أن نسبة انعدام خدمتي الكهرباء والمياه، بلغت 100 بالمائة ، وأن 1.6 مليون نسمة يحتاجون إلى إغاثة عاجلة في مياه الشرب. وبحسب ناشطين محليين ، فإن أسعار المياه التي تحضرها الشاحنات ارتفعت إلى 3 أضعاف، بينما تحتاج الشاحنات إلى 4 أو 5 أيام لتوصيل المياه إلى داخل مدينة تعز. وأن سكان المدينة أصبحوا يعتمدون في مياه الشرب ، على المساعدات الاغاثية التي تقدمها منظمات محلية ودولية تقوم بتوزيع المياه في الأحياء عبر صهاريج.
واكدت منظمة أجيال بلا قات المحلية ، انها بدأت منتصف مارس الجاري، في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توزيع المياه الصالحة للشرب لسكان مدينة تعز، وسيعمل المشروع على توزيع 99 الف لتر من المياه الصالحة للشرب وبشكل يومي لـ 33 منطقة بمعدل 3000 لتر لكل منطقة، على مدى اربعة اشهر. و لا تقتصر أزمة المياه على مدينة تعز ، اذ تعاني العديد من مناطق اليمن أزمةً حادةً في مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الاخرى، وتتفاقم الازمة بشكل مقلق للغاية في وقت تشهد فيه البلاد حرباً طاحنة منذ مارس 2015 .
وتصنف اليمن ضمن مؤشّرات البلدان الأكثر فقراً عالمياً في حصة الفرد من المياه، والمقدرة سنوياً بـ120 متراً مكعباً، مقارنة بـ7500 متر مكعب في دول العالم و1250 متر مكعّب لدول أفريقيا والشرق الأوسط.
انضم إلى النقاش