
بعد ثلاثين عاما من الآن سيقترب سكان العالم من 9.7 مليار نسمة، وسيعيش ثلثا السكان في مناطق حضرية مكتظة بالسكان، وسيواجه كوكب الأرض طفرة غير مسبوقة في البناء. وستتطلب المنازل والمستشفيات والمدارس والمكاتب والطرق وعدد لا يحصى من الهياكل الأخرى المزيد من الأسمنت والصلب والزجاج والبلاستيك أكثر مما كان يتم إنتاجه من قبل. . وفي مواجهة الطلب المتوقع، سيكون ا .
ومع ذلك، فإن الحد من الانبعاثات الكربونية في صناعة البناء سيكون صعبا. فمن الآن حتى عام 2050، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الصلب بنسبة 30% والطلب على الأسمنت بنسبة 12% إلى 23%. إذ يتطلب تصنيع هذه المواد الحيوية للبناء درجات حرارة مرتفعة للغاية، وبالتالي كميات كبيرة من الوقود الأحفوري. فالخطوة الأولى لإنتاج الصلب الأولي هي كسر الارتباط الكيميائي بين الحديد والأكسجين في فرن الصهر في درجة حرارة 1000 درجة مئوية أو أعلى. ويتطلب إنتاج الأسمنت تسخين الحجر الجيري في قمينة إلى درجة حرارة تصل إلى حوالي 1300 درجة مئوية. وفي الوقت الحالي، فإن الطريقة الرئيسية لتحقيق درجات الحرارة القصوى هذه هي بحرق الوقود الأحفوري - ومعظمه الفحم الذي ينبعث منه كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون. ويتم إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون في وقت لاحق في دورات الإنتاج للصلب والإسمنت من خلال انبعاثات العمليات، وهي نتيجة التفاعلات الكيميائية في عملية التصنيع.
وبالنظر إلى هذه الظروف، من الأهمية بمكان أن تدعم الاقتصادات اليوم نمو شركات التصنيع وقدرتها التنافسية التي تعطي الأولوية للاستدامة البيئية، وتنفذ عمليات إعادة التدوير، وتمارس المسؤولية الاجتماعية والحوكمة الرشيدة، وتستثمر في أنشطة البحوث والتطوير اللازمة لإعادة توجيه صناعاتها لتصبح محركات خضراء للتنمية. وتدرس شركات الصناعات التحويلية والمستثمرون تكنولوجيات مبتكرة مثل أنواع الوقود المتجدد، ومعالجة الكربون، واحتجاز الكربون وتخزينه كطرق للحد من الانبعاثات الكربونية. وسيتطلب طرح هذه الحلول المتطورة على نطاق واسع استثمارات رأسمالية ضخمة بشروط تجارية جذابة. وسيتعين على التكنولوجيات التي لا تزال في مراحلها الأولى أن تحظى بقبول أوسع نطاقا. وقد تساعد العمليات الدائرية، على سبيل المثال، في الحد من الانبعاثات الكربونية بنحو 80٪ من إجمالي انبعاثات الأسمنت والخرسانة بحلول عام 2050، وذلك وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن ماكينزي. وستكون هناك حاجة أيضا إلى مزيد من البحوث والتطوير لمساعدة الصناعات الثقيلة على الحد من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب النظم الإيكولوجية الداعمة. ولكن إذا استوفيت هذه الشروط، فإن الأثر قد يكون هائلا.
ويمكن أن تساعد الإستراتيجيات المختلفة في دفع عجلة التغيير فيما بين الشركات وعملائها والمستثمرين. و
- وتحقيق وفورات مالية وميزة تنافسية. وفي هذا العام، أتاحت المؤسسة 120 مليون يورو لأكبر شركة لتصنيع الأسمنت في السنغال، وهي شركة Sococim، لتحديث مرافقها لتصبح من أدنى شركات صناعة الأسمنت في العالم من حيث الانبعاثات. وسيعمل ذلك أيضا على تسريع وتيرة خلق فرص العمل والتنمية في غرب أفريقيا، حيث يزيد الطلب على البنية التحتية الجديدة بسبب زيادة النمو السكاني والتوسع العمراني.ويعتبر تحديث الشركة خطوة في الاتجاه الصحيح. لكن هناك حاجة إلى المزيد لمواجهة هذه التحديات. مذكرة للاستدامة بشأن الحد من الانبعاثات الكربونية للصناعات الثقيلة العديد من التحديات والمسارات الممكنة للحد من الانبعاثات الكربونية بنجاح.
. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، زادت الكثافة المباشرة لإنتاج الأسمنت بنسبة 1.5٪ سنويا بين عامي 2015 و2021، لكنها ستحتاج إلى الانخفاض بنسبة 3٪ سنويا حتى عام 2030 لتصل إلى مستوى الصفر. وينطبق الشيء نفسه على مصنعي الصلب، الذين حققوا بعض التقدم، ولكن ليس بما فيه الكفاية. وتحدد أحدثويمكن للحكومات أن تدفع عجلة الابتكار من خلال تقديم إعفاءات ضريبية ودعم للتعويض عن تكاليف ومخاطر الحد من الانبعاثات الكربونية، وعن طريق وضع لوائح تنظيمية متوازنة، ومعايير للطاقة النظيفة، وضخ استثمارات بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية التي تدعم إعادة الاستخدام وإعادة التدوير. تمويل إمدادات التجارة العالمية - وهو تعاون بين الموردين المحليين والشركات العالمية والبنوك ومؤسسة التمويل الدولية - الذي يستخدم تمويل الحوافز لجعل سلاسل الإمداد أكثر ملاءمة للبيئة ووضع معايير وإصدار شهادات لإضفاء الطابع المؤسسي على الممارسات الصديقة للمناخ وبيئات العمل المنصفة. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي الحد من الانبعاثات الكربونية إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز سمعة العلامات التجارية نظرا لأن المستهلكين ومجالس الإدارة يصرون بصورة متزايدة على التحرك نحو منتجات أكثر نظافة وخضرة.
. وتتمثل إحدى هذه المبادرات في برنامجمع نمو الاقتصادات الناشئة اليوم في المناطق الحضرية والصناعية الأكثر ثراء واكتظاظا بالسكان، هناك فرصة هائلة لمساعدتها على الانتقال إلى مستقبل إنتاجي أكثر مراعاة للبيئة دون إلحاق الضرر البيئي والمناخي الذي شهدناه في الماضي.
انضم إلى النقاش