وفي الواقع، انتشرت شراكات البنية التحتية بين القطاعين العام والخاص باستخدام التمويل الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط، وازدهرت في بلدان أخرى في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا. وتلتزم مؤسستينا بالاستفادة من مزاياهما التنافسية، والقيام بإجراءات تدخلية فاعلة، وتحقيق نتائج يمكن قياسها في تعزيز وتوسيع نطاق استخدام التمويل الإسلامي. وفي هذا الصدد، أشار الدكتور منصور مختار، نائب رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إلى أن ذلك لا يمكن أن يتحقق في القريب العاجل، مضيفا قوله: "تواجه معظم البلدان الأعضاء في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تحديات هائلة في اجتذاب رؤوس الأموال لتطوير بنيتها التحتية، وهو ما يُعد ضروريا لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. فلا يقتصر الأمر على قلة الموارد المالية الكافية لمساندة الاستثمارات في مجال البنية التحتية التي تمس الحاجة إليها، بل إنها تواجه، إلى جانب هذه العقبة، تحدياً يتمثل في ضمان جاهزية بنيتها التنظيمية والقانونية لمساندة تدفقات رؤوس الأموال الخاصة."
وقال هارتفيغ شافر نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون محاور التركيز العالمية، "نظراً لخبرتنا في هذا المجال الخاص، تمتلك مجموعة البنك الدولي قدرة فريدة على توجيه الأموال التي تلبي احتياجات المستثمرين واحتياجات الأفراد العاديين من خلال تطوير البنية التحتية... وكذلك تطوير المعارف بشأن التمويل الإسلامي وقدراته وأدواته ومنتجاته لتعظيم مساهمته في تحقيق التنمية".
وتتسق تعبئة التمويل الإسلامي وتتوافق بشكل جيد مع التأكيد الحالي على تحقيق نمو مستدام وشامل للجميع من خلال اجتذاب التمويل من القطاع الخاص، وهي إستراتيجية تعتمدها بنوك التنمية متعددة الأطراف ويُشار إليها باسم تعظيم تمويل التنمية. ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يمكننا العمل على الاستفادة من قرابة تريليوني دولار من الموارد المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية المتاحة في مختلف أنحاء العالم.
لكن ما أهمية ذلك؟ لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بدون توافر البنية التحتية، والتمويل التقليدي بمفرده لا يمكنه حتى الاقتراب من تلبية الطلب على البنية التحتية الحيوية، لاسيما في بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وأشار الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، في الكلمة التي ألقاها: "يجب أن يكون مستقبل التمويل الإسلامي أكثر ارتباطاً بأهداف التنمية المستدامة. فهو يتوافق بدرجة كبيرة للغاية مع ما تمثله هذه الأهداف من حوكمة رشيدة ومسؤولة، ونمو شامل للجميع، ومجتمع منصف، واستدامة الموارد والبيئة في العالم. "
لماذا التمويل الإسلامي؟
كما تُظهر نتائج التقرير:
- التمويل الإسلامي شريك طبيعي لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية. والسمة المميزة لهياكل التمويل الإسلامي هي أنها مدعومة بالأصول بطبيعتها. أي أنه لابد من وجود أصل مادي ملموس تقوم عليه المعاملة. وقد تطورت ممارسات التمويل الإسلامي وتطبيقها لتمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية، وبلغا مرحلة النضج. ويمكن تطبيق التمويل الإسلامي لتمويل طائفة واسعة من هذه المشاريع من بينها الطرق، وتوليد الكهرباء، والمطارات، والموانئ البحرية، والمستشفيات.
- هناك طرق تم اختبارها على نطاق واسع للجمع بين التمويل التقليدي والتمويل الإسلامي في نفس مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية، مع إحراز نجاح كبير في العديد من البلدان والقطاعات والسياقات. فهذان النوعان من التمويل يكمِّلان بعضهما بعضاً لسد الفجوة العالمية في تمويل مشاريع البنية التحتية.
- في معظم البلدان التي جرى فيها تطبيق التمويل الإسلامي للشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنية التحتية، فقد قامت بنوك التنمية متعددة الأطراف أو مؤسسات التمويل الإنمائي بتمويل المشاريع القليلة الأولى. وأتاح ذلك نموذجا أوليا ليتبعه المقرضون التجاريون. لكنه يلزم بذل المزيد من الجهود لتعريف الممارسين بهياكل التمويل الإسلامي لتمويل مشاريع البنية التحتية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
طريق المضي قدماً
ستستفيد هذه الصناعة بشكل كبير إذا أمكن توحيد الوثائق المتعلقة بالتمويل الإسلامي. وعلى الرغم من أن كل معاملة تختلف عن غيرها كما يتعيَّن تعديلها لتلائم السياق المحلي، فإن التوحيد سيساعد العديد من ممارسي التمويل الإسلامي على فهم الجوانب الائتمانية والقانونية الأكثر شيوعاً المتعلقة بالتمويل الإسلامي للشراكات بين القطاعين العام والخاص. فهذه الأدلة الإرشادية ومحافظ العقود الموحدة وغيرها من الوثائق يمكن أن توفر نقطة انطلاق وإطاراً للممارسين.
وتماشياً مع نتائج التقرير، ستولي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية اهتماما خاصا للحاجة الملحة لتهيئة بيئة مواتية قوية لمساندة مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لاسيما أفضل السبل التي تستطيع من خلالها البلدان الأعضاء معالجة الحاجة إلى إزالة العوائق المتصورة أمام دخول رؤوس الأموال الخاصة للاستثمار في قطاع البنية التحتية.
نرى أن هذا التقرير والشراكة خطوة رئيسية أولى على طريق التعاون في مجال التمويل الإسلامي والشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية، وسنستمر في تطوير المعارف بهدف تفعيل هذه الأجندة والمضي قدماً في تنفيذها، وذلك في إطار الشراكة مع مجموعة البنك الدولي.
للمزيد من المعلومات، يمكن قراءة التقرير ومشاهدة إعادة عرض الفعالية هنا.
أُعد تقرير تعبئة التمويل الإسلامي لشراكات البنية التحتية بين القطاعين العام والخاص بتمويل من البرنامج الاستشاري للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية، وهو أول جهد منهجي لجمع ونشر المعارف المتعلقة بتطبيق التمويل الإسلامي، كمصدر تمويل إضافي، في مشاريع البنية التحتية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. واشتملت هذه المطبوعة على الجهود والمشاورات مع أوساط التمويل الإسلامي الأوسع نطاقا، وكذلك دراسات حالات مستفيضة اُختيرت بعناية من بين طائفة واسعة من القطاعات والبلدان.
إخلاء المسؤولية: لا يعكس محتوى هذه المدونة بالضرورة وجهات نظر مجموعة البنك الدولي، أو مجلس مديريه التنفيذيين أو جهاز موظفيه، أو الحكومات التي يمثلونها. ولا تضمن مجموعة البنك الدولي دقّة البيانات أو النتائج أو التحليلات التي تتضمّنها هذه المدونة.
موضوعات ذات صلة:
انضم إلى النقاش