نشر في أصوات

سد الفجوة التمويلية بين الرجل والمرأة

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
© ?????? ?????? / ????? ??????
© ستيفان غلاديو / البنك الدولي


قال ماو تسي تونج ذات مرة إن "النساء يحملن نصف السماء". فكّر في أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وأخواتنا وعماتنا وجداتنا – إننا نعلم أن هذه الكلمات تصدق في الواقع. ولكن في عالم الأعمال، لا تزال مشاركة المرأة وتأثيرها لا ترقى إلى هذا المستوى، وذلك على حساب الجميع.

وأحد الأسباب الرئيسية لذلك هو ضعف إمكانية الحصول على التمويل. فعلى الصعيد العالمي، تمثل الكيانات المملوكة للنساء أكثر من 30% من الشركات المسجلة رسميا. ولكن في البلدان النامية، فإن 70% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء إما أنها لا تستطيع الوصول إلى المؤسسات المالية أو لا تستطيع الحصول على رأس المال الذي تحتاجه.

وفي حين أن 65% من الرجال كان لديهم حساب مصرفي عام 2014، فإن 58% فقط من النساء لديهن حساب بفارق 7 نقاط مئوية. أما في البلدان النامية، فإن الفجوة بين الجنسين تزيد عن ذلك 9 نقاط مئوية.

ومع ذلك، تتوافر الشواهد التي تثبت أن دعم المشاركة الاقتصادية للمرأة يحقق أرباحا هائلة للأسرة والمجتمع والاقتصاد. فإذا توفرت للمرأة الفرص نفسها التي يتمتع بها الرجل في أسواق العمل، فإن اقتصاد بعض البلدان يمكن أن ينمو بنسبة تصل إلى 34%. ويمكن أن يكون هناك عدد أكبر بكثير من منشآت الأعمال المملوكة للنساء، مع خلق المزيد من فرص العمل. وسنستطيع بلوغ هدفنا المتمثل في إنهاء الفقر المدقع بوتيرة أسرع.

إننا بحاجة إلى تضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المتعددة الأطراف - بما في ذلك مجموعة البنك الدولي - لسد الفجوة بين الجنسين في التمويل وتسريع النمو الاقتصادي المستدام.

لذلك، أشعر بالارتياح لأن 13 بلدا أيدت قبل بضعة أيام فقط في قمة مجموعة العشرين في هامبورج بألمانيا مبادرة جديدة لإطلاق أكثر من مليار دولار لتمويل منشآت الأعمال المملوكة للنساء في البلدان النامية.

وتشكل مبادرة تمويل رائدات الأعمال (We-Fi) أداة عالمية رئيسية لزيادة فرص الحصول على رأس المال. وسوف تستثمر في المشاريع والبرامج التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء حول العالم. وفي الوقت نفسه ستتيح الشبكة لنا العمل مع الحكومات لتحسين القوانين واللوائح التي تعيق رائدات الأعمال.

وتكمل المبادرة بعض الأمور التي نقوم بها بالفعل. وسوف تستفيد مما تعلمناه من العمل مع الشركاء من القطاعين العام والخاص.

فعلى سبيل المثال، تساعدنا التكنولوجيا الجديدة في التغلب على مشكلة قديمة يواجهها العديد من النساء، وهي تقديم الضمانات. إذ تستند الضمانات عموما إلى الأصول العقارية، لكن يصعب بوجه خاص على النساء توفيرها لأنهن في كثير من الأحيان لا تُسجل أسماءهن على سندات ملكية الأصول.

ونعمل مع شركة أنت فينانشيال Ant Financial في الصين على أول برنامج لتمويل المرأة على شبكة الإنترنت يبحث في بيانات معاملات المرأة وبيانات سلوكها لتقييم جدارتها الائتمانية بدلا من المطالبة بالأوراق المالية والأصول - كالمباني أو المخزونات - كضمانات للقروض.

ونختبر التكنولوجيا المالية في إثيوبيا، وذلك باستخدام اختبارات على أجهزة الكمبيوتر اللوحية تتيح التنبؤ باحتمالات سداد المقترضة القرض. إذا كان هذا النوع من الابتكار يمكن أن ينجح في أماكن مختلفة مثل الصين وإثيوبيا، لا يوجد سبب يجعلها لا تنجح في مكان آخر. لذلك نعمل على تكرار ذلك في بلدان أخرى.

وفي إثيوبيا، وجدنا أيضا أن العديد من رائدات الأعمال عالقات في "الوسط المفقود"، إذ كانت القروض التي يحتجن إليها كبيرة جدا للتمويل الأصغر، لكنها صغيرة جدا للبنوك التقليدية. لذلك ساعدنا المقرضين في مجال التمويل الأصغر علی التوسع، والبنوك التجارية على خفض حجم قروضها. واليوم، فإنها تمنح على نحو مستدام ما بين مليونين و4 ملايين دولار شهريا لرائدات الأعمال التي لم يكن لديها في السابق إمكانية الحصول على الائتمان. لقد نجحنا في تحقيق الدروس المستفادة في إثيوبيا إلى إندونيسيا، والعمل مع الحكومة لمساعدة رائدات الأعمال على الوصول إلى رأس المال لبدء النشاط التجاري أو التوسع فيه.

ومن الضروري إيجاد حل لمسألة الضمانات وتحديد حجم القروض لتلائم رائدات الأعمال على نحو أفضل، ولكن ذلك لا يكفي. وتواجه المرأة طائفة من التحديات، مثل الوصول إلى تنمية المهارات والشبكات المختلفة، والمعايير الثقافية المقيّدة، والافتقار إلى الوقت المخصص للأعمال التجارية.

ومن أجل التغلب على بعض هذه القيود، أطلقنا تدريبا على المبادرة الشخصية في توجو، وهو بلد منخفض الدخل، واختبرنا كم يساعد على بناء السمات التي تمكن شخص ما من التفاعل بفعالية مع الآخرين، مثل الانطلاق الذاتي والمثابرة.

ووجدنا أن التدريب على المبادرة الشخصية ساعد على زيادة أرباح المنشآت التجارية المملوكة للنساء بنسبة تصل إلى 40% - أي أكثر بكثير من التدريب الإداري التقليدي. واستنادا إلى ما تعلمناه في توجو، نقوم الآن بتصميم مشاريع لتنمية المهارات في المكسيك وموريتانيا وموزامبيق وإثيوبيا.

هناك العديد من التحديات. ولكن هناك أيضا العديد من الحلول لسد الثغرات الاقتصادية. كل يوم، نحن نتعلم المزيد عما يعمل على زيادة فرص الحصول على التمويل، وإعادة توزيع أعمال الرعاية، وتسريع التقدم نحو تعميم الخدمات المالية، وتدريب رائدات الأعمال، ومساعدتهن على النفاذ إلى أسواق ذات قيمة أعلى.

إن التمكين الاقتصادي للمرأة مسألة أخلاقية، ولكنها مسألة اقتصادية حيوية أيضا. ونحن نعلم أنه مع الوصول إلى رأس المال والأسواق، تبدأ النساء الأعمال التجارية، وتنمو، وينمو الاقتصاد بأكمله. فلا يمكن لأي بلد أو منظمة أو اقتصاد أن يصل إلى كامل إمكاناته ويواجه تحديات القرن الحادي والعشرين دون المشاركة الكاملة المتكافئة للمرأة والرجل. ومن شأن تحقيق تقدم أسرع على هذه الجبهة أن يرفع الكثير من الناس من براثن الفقر.


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000