منذ عدة سنوات، يدمر فيروس الإيبولا قارتنا لا سيما المجتمعات المحلية في وسط وغرب أفريقيا. ويسبب خسائر بشرية واقتصادية كبيرة في أماكن تنوء بالفعل تحت وطأة الفقر المدقع. ويخوض بلدي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الآن معركته العاشرة مع الوباء منذ عام 1976.
ينظر العديد من المراقبين إلى الدمار الذي أحدثه هذا المرض على أنه انعكاس لضعف أنظمتنا الصحية، غير القادرة على الاستجابة لمثل هذه الصدمات. ويشير آخرون إلى الصعوبة التي يواجهها الشركاء في تنسيق أنشطتهم. ويطلق كل تفشٍ وبائي جديد سلسلة معروفة من الاستجابات: يحشد مقدمو الرعاية الصحية الشركاء التقنيين والماليين، ويتم نشر الموارد المادية والبشرية الهائلة، وتبدأ وسائل الإعلام في الحديث عن الأمر، وما إلى ذلك.
ما هي الدروس التي يمكن أن نتعلمها من هذه الأوبئة التي تتعاقب علينا؟ قبل الانضمام إلى البنك الدولي كأخصائي في الصحة العامة، كنت أعمل طبيبا في المناطق الريفية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث كنت أتعامل مع سادس وباء أواجهه. لقد تعلمت ثلاثة دروس أساسية من تجربتي.
أولا، لكل وباء خصائصه المميزة الخاصة به. وتعد مراعاة السياق الجغرافي أو الاجتماعي-الثقافي أو الاقتصادي وتصميم استجابتنا وفقا لذلك أمرا له أهمية قصوى. ثانيا، لا يكفي جمع الموارد - رغم أنها قد تكون كبيرة - إذا لم تكن هناك آليات سليمة لتسهيل التنسيق بين الشركاء الذين يعملون على احتواء الوباء. وثالثا - الدرس الأكثر أهمية في رأيي- يجب أن تتولى المجتمعات المحلية زمام الاستجابة من أجل القضاء على الإيبولا.
في عام 2007، بينما كنت في مهمة تفتيش على المستشفيات الريفية في مويكا، وهي بلدة في إقليم كاساي، سمعت من العاملين في المجال الصحي عن تدفق غير عادي للمرضى الذين يعانون من الحمى والإسهال وآلام المعدة المصحوبة بالقيء. وخلال زيارة لأحد المستشفيات، علمنا بحالة فتى صغير توفي قبل بضع ساعات وقد ظهرت عليه أعراض نزفية. وبمجرد ذكر هذه الأعراض تقفز إلى الذهن على الفور كلمة "الإيبولا"، لكن رد فعلك الأول هو رفض هذه الفكرة. ومع ذلك، اقترح أحد الزملاء في منظمة الصحة العالمية بالمستشفى أخذ عينة دم. كان التشخيص لا لبس فيه. ومع ذلك، أظل أسأل نفسي سؤالا واحدا: على الرغم من تكرار حدوث الوباء في البلد، لماذا لا نزال نحن - العاملون في المجال الطبي - نأخذ الكثير من الوقت لاكتشاف فيروس الإيبولا؟
كل من عملوا أطباء في أفريقيا جنوب الصحراء يعرفون أن هذه الأعراض جزء من الحياة اليومية ويمكن أن تكون مرتبطة بالملاريا أو حمى التيفود وهما مرضان شائعان. عندما تم رصد تفش جديد للإيبولا في مويكا عام 2008، شارك المجتمع المحلي مع ظهور علامات المرض الأولى، مما ساعد على اكتشاف الوباء والقضاء عليه بسرعة. وبمجرد زيادة الوعي المجتمعي واعتبار المجتمعات المحلية شركاء كاملين لا ضحايا فقد تولت زمام المبادرة في الاستجابة. وراقبت بفاعلية كل من خالطوا المرضى، وبحثت بكل همة عن المرضى الذين اختفوا عن الأنظار، وقدمت الدعم الاجتماعي والنفسي للأشخاص المتضررين.
ومن ثم، من المهم للغاية أن تلعب المجتمعات المحلية دورا رائدا في تخطيط برامج الرعاية الصحية. ونحن نعلم أن المقاومة المجتمعية أعاقت جهود أخصائي الصحة في بيني بإقليم كيفو الشمالي بؤرة التفشي العاشر الذي تشهده جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا. لكن المجتمعات المحلية هي أفضل حليف لنا إذا كنا نأمل في وضع نهاية للوباء. ويلعب العاملون الصحيون المحليون دورا رئيسيا، ويتبادلون المعلومات مع مختلف المجتمعات المحلية ويرصدون العلامات الأولى للمرض.
تميل جهودنا لمكافحة الإيبولا إلى المبالغة في التشديد على الجانب الطبي للاستجابة وتركز بشكل أساسي على مواردنا المالية واللوجستية والتقنية. المفارقة مع الإيبولا هي أنه في حين أننا نحتاج إلى موارد كبيرة، بما في ذلك مراكز العلاج الحديثة والأطباء وأطقم التمريض في ملابسهم الواقية، فإن الاستفادة من المجتمعات المحلية لاحتواء الوباء لها نفس الأهمية إن لم يكن أكثر. ولهذا السبب تركز مجموعة البنك الدولي وهي أحد المساهمين الرئيسيين في الجهود الرامية لمكافحة الإيبولا على المشاركة المجتمعية كعنصر حاسم في مكافحة هذا الوباء.
ومع ذلك، يجب ألا نكون ساذجين. فالعمل المجتمعي جهد طويل الأجل، وبناء الثقة بين المجتمعات المحلية ومقدمي الرعاية في المرافق الصحية أمر بالغ الأهمية. كما أن استمرار ممارسات النظافة الشخصية وسلامة الأغذية - التي عادة ما تتوقف عند القضاء على الوباء - سيعتمد إلى حد كبير على درجة المشاركة المجتمعية. عندما أزور أسرا أصيب أحد أفرادها بالإيبولا أشعر بالصدمة أحيانا عندما أعرف أن بعض مواطنينا ما زالوا يأكلون لحوم حيوانات الأدغال في مناطق شديدة الخطورة. لكن هذا هو الواقع أيضا: يجب على المجتمعات المحلية التي تعيش في فقر مدقع أن تفعل ما في وسعها من أجل البقاء.
وأخيرا، يعد فيروس الإيبولا أيضا وقبل كل شيء تحديا إنمائيا. إن مساعدة المجتمعات على كسب قوتها من خلال خلق فرص عمل أو فرص أخرى لتوليد الدخل مع تحسين الحصول على الخدمات الصحية والتعليم هو أفضل خط دفاع لنا في مواجهة الإيبولا في نهاية المطاف.
انضم إلى النقاش