نشر في أصوات

تحويلات الأموال والحد من المخاطر: كشف أسطورة "المعاملات الأساسية"

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
بنك  سوسيتيه جنرال موريتانيا فرع نواكشوط ©️ Arne Hoel


نحتفل يوم السبت 16 يونيو/ حزيران باليوم الدولي للتحويلات الأسرية للاعتراف بـ "المساهمات المالية الكبيرة التي يقدمها العاملون المهاجرون لرفاه أسرهم في الوطن وللتنمية المستدامة في بلدانهم الأصلية".

ونجد أن هذا هو الوقت المثالي للحديث عن اتجاه يواجهه مقدمو خدمات التحويلات الذين يعتمد عليهم المهاجرون لتحويل أموالهم عبر الحدود إلى أوطانهم.

خضعت صناعة خدمات التحويلات الدولية في السنوات الأخيرة لظاهرة ما يُسمى "الحد من المخاطر". وتعتقد البنوك أن قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وممارسات إنفاذها جعلت خدمة مكاتب تحويل الأموال محفوفة بالمخاطر بشكل كبير من منظور قانوني وما يتعلق بمسألة السمعة. وباتت البنوك لا ترى أن الأرباح المتأتية من هذه المكاتب كافية لتبرر قدر الجهد المطلوب لإدارة هذه المخاطر المتزايدة.

ومن بين الشواغل التي يعرب عنها بصورة متكررة بعض البنوك والخبراء افتقار البنوك لرؤية جيدة بشأن هذه المعاملات الأساسية. ووفقًا لهذا الرأي، تُجمّع مكاتب تحويل الأموال معاملات التحويلات الفردية من عملائها لإرسالها على دفعات من خلال حساباتها المصرفية إلى وكلائها في بلد المقصد، حيث يتم صرف الأموال للمُرسل إليهم. وبما أن البنوك ليس لديها أي معلومات عن المعاملات الفردية – بحسب هذا الرأي – فلا يمكنها أن تضمن عدم استخدام الأموال المُحوّلة في هذه الدفعات في غسيل الأموال أو تمويل أنشطة غير مشروعة مثل الإرهاب.

بيد أن مفهوم المعاملات الأساسية يفتقر إلى الدقة. فهو يفترض وجود تطابق بين مجموعة محددة من معاملات التحويلات الفردية وتحويل بنكي محدد يقوم به أحد هذه المكاتب كدُفعة مجمّعة لكل هذه المعاملات الفردية. وفي معظم الحالات، تكون شبكة مكاتب تحويل الأموال أكثر تعقيدا.

وعادة ما تتولى مكاتب تحويل الأموال إرسال أو استلام التحويلات الثنائية من العديد من البلدان مع وجود بعض الاستثناءات (ما يُطلق عليها "المكاتب المتخصصة" التي تغطي ممرًّا واحدًا أو منطقة بعينها). وتغطي بعض مكاتب التحويل العالمية أي بلد تقريبًا، ويمكن أن يكون معظمها سوقًا للإرسال والاستقبال على السواء. بالإضافة إلى أن غالبية هذه المكاتب تتعامل بعدة عملات سواء بالبيع أو الشراء.

ومن بين الخصائص الأساسية للأموال أنه قابل للتداول والاستبدال، لذا وبعكس السيارات أو الأثاث، مثلا، يمكن أن تصفية مراكزها. ويعني ذلك أنه بإمكان مكتب التحويل الذي يتسم بالحصافة أن يخصم في نهاية اليوم جزءًا من الدفعة التي جمعها في هذا اليوم من البلد (ألف) لإرسالها إلى البلد (باء)؛ وفي الوقت نفسه، يرسل من البلد (باء) إلى البلد (ألف) المبلغ المطلوب منه دفعه في الاتجاه العكسي. وبدلًا من ذلك، يمكن للمكتب أن يحسب المراكز الصافية في كل بلد يغطيه ويقوم بأدنى عدد ممكن من التحويلات البنكية الدولية لسداد جميع معاملاته.

وتستطيع مكاتب تحويل الأموال في بلد ما توظيف وكلاء رئيسيين، يتولون بدورهم توظيف وكلاء فرعيين، وذلك لنشر شبكاتها في جميع أنحاء البلد المعني بمزيد من الفعالية. في ظل هذا النموذج، سيقوم الوكلاء الرئيسيون أنفسهم بتصفية المعاملات التي تمت عبر شبكة وكلائهم، مع إضافة طبقة أخرى بين معاملة التحويلات الفردية والمعاملات التي تتم عبر البنك.

من الناحية المفاهيمية، تعمل هذه الأنشطة على كسر الارتباط بين معاملات تحويل الأموال والتحويلات البنكية التي تقوم بها المكاتب ضمن عملياتها.

ويتضح هذا الموضوع بصورة أكبر عند اعتبار أن بعض التحويلات البنكية التي تقوم بها المكاتب قد تحدث قبل إجراء معاملة التحويل الفردية. على ﺳﺑيل اﻟﻣﺛﺎل، ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم المكاتب ﺑتمويل ﺣﺳﺎﺑﺎت اﻟوﮐﻼء ﻓﻲ البلد المتلقي ﺑﺷﮐل ﻣﺳﺑق لتمتص ﻣﺧﺎطر اﻟﺳﯾوﻟﺔ - الأمر الذي قد تقضي به اللوائح أو تم الاتفاق عليه بين المكتب المعني ووﮐﻼﺋﮫ.

وللأسباب المذكورة، فإن أي رأي يستند إلى افتقار البنك لرؤية واضحة بشأن المعاملات الأساسية التي تقوم بها مكاتب تحويل الأموال ينبغي طرحه جانبًا من حيث المبدأ. وبدلًا من ذلك، ينبغي أن يكون من بين متطلبات البنوك ضمان أن يكون لدى مكاتب تحويل الأموال أنظمة فحص وإجراءات مناسبة بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لتجنب التعرض للاستغلال.

وانطلاقًا من كون هذه المكاتب هي العميل، فيجب على البنك أن يقدم العناية الواجبة للتحقق من هوية العملاء ليكون راضيًا عن سلامة أنشطة المكاتب والتأكد من أنها لا تقوم بتحويل الأموال إلى أفراد أو كيانات مدرجة في قوائم العقوبات أو الاستبعاد.

فمن الواجب ألا يكون البنك معنيًّا أو مسؤولًا عن معاملات تحويل الأموال الفردية. فليس هناك على مستوى المفاهيم أي صلة بين التحويلات البنكية التي تجريها مكاتب التحويل لتسوية المراكز الصافية ومعاملات تحويل الأموال الفردية. فهي على العكس مسؤولية مكاتب التحويل في أن تتخذ تدابير ملائمة وتمنع استغلال شبكتها لأغراض غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000