بقلم المدون الضيف هارم باندهولتس، الخبير الاقتصادي الأول لدى مجموعة يوني كريديت
الإنسان الآلي (الروبوت) هو أحدث مراحل التقدم التكنولوجي. في السنوات الأخيرة، زاد بسرعة عدد ماكينات الإنسان الآلي المستخدمة في أنشطة الأعمال لتعزيز الإنتاجية. وليس هناك من سبب للاعتقاد بأن وتيرة الميكنة هذه ستهدأ عن قريب. على العكس، ومع استمرار التراجع في تكلفة الروبوت وتزايد قدراته، ومع التدني النسبي في كثافة هذه الآلة بأغلب الصناعات، فإن الاتحاد العالمي للروبوت IFR يتوقع استمرار التزايد في استخدام هذه الآلة بمعدل يزيد على 10 في المائة في الوقت الحالي.
قد يكمن التحدي الرئيسي أمام الاقتصاد في القرن الحادي والعشرين في زيادة التفاوت وتدني مكاسب الإنتاجية. ولابد أن يؤثر الاستخدام المتزايد للروبوت على هذه التطورات- سلبا وإيجابا. إذا كانت الأدبيات العملية المتعلقة بتأثير الإنسان الآلي مازالت في مهدها، فهناك الآن عدد متزايد من الدراسات التي ما فتئت تدعم فكرة أنه يزيد الإنتاجية ويرفع الأجور بل ويؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة إجمالا، وإن كان يفيد في الغالب العمالة الأكثر مهارة. ومع تزايد استخدام الإنسان الآلي وأجهزة الكمبيوتر والآلات الأخرى، فإن أحدث جولة من التقدم التكنولوجي تأتي إلى حد كبير على حساب العمالة متوسطة ومنخفضة المهارة.
ووفقا لهذه الدراسات، فإن تأثير الإنسان الآلي على الإنتاجية يضاهي بالفعل مساهمة المحركات البخارية. وإذا كان تأثير الإنسان الآلي ما زال أدنى بكثير من تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصال، فيتعين أن يأخذ المرء في الحسبان أن القيمة الإجمالية لرأس مال هذه التكنولوجيا تفوق بكثير القيمة الحالية لخدمات الإنسان الآلي. وينال العمال بعض المكاسب التي يدرها الإنتاج نتيجة كثافة استخدام الإنسان الآلي في شكل زيادة للأجور.
ومع ذلك، فإن المسألة هي أن فئات الدخل والمهارات المختلفة لا تستفيد بنفس القدر، وهو ما يعني أن استبدال الإنسان بالماكينة يزيد التفاوت في الدخل. ولكي يتاح لأكبر شريحة من السكان جني ثمار هذا التقدم التكنولوجي، يتعين اتخاذ حزمتين من الإجراءات.
المهارات والتعليم
نحتاج إلى إعادة النظر في نظامنا التعليمي. وإذا كانت أجهزة الإنسان الآلي والآلات قادرة على الاضطلاع بالمزيد من المهام، فإن على البشر التركيز على المزايا النسبية لديهم، بما فيها القدرات غير الإدراكية. وعلاوة على ذلك، ينبغي على الدول المتقدمة، (خاصة الولايات المتحدة) أن توقف وتعكس الاتجاه المتمثل في أن تعليم الطلاب يتحدد بشكل أساسي بدخل وثروة الوالدين حيث أن هذا يؤدي بلا شك إلى تعميق هوة التفاوت السلبي. بل حتى لو تبنى الساسة التغيرات الضرورية في نظام التعليم، فإن زيادة التقدم التكنولوجي سيظل يؤدي على الأرجح إلى زيادة التفاوت في الدخول مع اختلاف مستوى المهارات لدى البشر وأيضا أحوالهم المالية.
نشر الملكية
بسبب هذا التفاوت، هناك حاجة متزايدة إلى إعادة نقل الثروة من الأغنياء إلى الفقراء و/أو من أرباب العمل إلى العمال. نظريا، هناك ثلاثة احتمالات للوقف الجزئي في تقلص نصيب العامل من الدخل أو الحد من هذا التقلص: (1 أجور أعلى من خلال مفاوضات جماعية أو حد أدنى للأجور. إعادة توزيع الثروة والدخل من خلال سياسات فرض الضرائب والإنفاق. توسيع نطاق ملكية رأس المال لضمان التوزيع العادل للعائد من الإنسان الآلي.
تمثل أول خيارين في الطرق التقليدية لإعادة توزيع مكاسب الأرباح والدخل، وسيستخدمان مجددا بالتأكيد هذه المرة. ومع هذا، فهناك حدود ضيقة لما يمكن تحقيقه من خلالهما. بالفعل، إذا نافس الإنسان الآلي العمالة متدنية ومتوسطة المهارة،، فإن زيادة الأجور (الحد الأدنى) سيكثف ويسرع من وتيرة استبدال العمالة برأس المال.
ومن ثم، فإننا نتفق مع فريمان (2015) في أن أحد الحلول الواعدة للتحدي طويل الأجل الذي يشكله استبدال البشر بالآلة "هو أن يحصل جميعنا على نصيب كبير في ملكية الآلة...وإذا لم يتمكن العمال من الحصول على دخل من رأس المال وأيضا من العمل، فسيستمر على الأرجح الاتجاه نحو التفاوت في توزيع الدخل، وسيتحول العالم باطراد إلى شكل جديد من أشكال الإقطاع الاقتصادي. علينا أن نوسع ملكية رأس مال النشاط إذا كنا نأمل في منع مثل هذا الاستقطاب في اقتصادنا." في اعتقادنا، فإن ملكية العمال هي أحد الحلول الواعدة للتحدي طويل الأمد الذي يشكله استبدال البشر بالآلة في العمل. فهذا يتيح للعمال الحصول على مكاسب من العمل وأيضا من رأس المال.
ملحوظة: هذه المدونة هي نسخة منقحة من تقرير بحثي نشر في 31 أغسطس آب بعنوان صعود الآلة.
انضم إلى النقاش