ذات مرة قال أحد الحكماء إن التعليم هو أساس تقدم البلاد. وكما يعلم ويشعر كل أفغاني، فبعد أربعة عقود من الصراع والعنف، بات التقدم هو بالضبط ما يحتاج إليه هذا البلد للوقوف على قدميه مرة أخرى.
لدي على الدوام اهتمام عميق بتحسين إطاري الاجتماعي، وهذا هو السبب في انضمامي إلى برنامج تحسين جودة التعليم الذي يرمي إلى تحسين سبل الحصول على التعليم والارتقاء بجودته في أفغانستان. التحقت بفريق البرنامج في المرحلة الثانية له، والتي بدأت في يناير/كانون الثاني عام 2008.
من خلال برنامج تحسين جودة التعليم، نعمل مع المجتمعات المحلية لتغيير آرائها وتصوراتها عن التعليم، خاصة في القرى. أتذكر حينما التحقت بالفريق عام 2010، كان يأتيني العديد من الناس ويخبروني إنهم لا يرغبون في إرسال فتياتهم إلى المدارس. إلا أن البرنامج ما لبث أن أثناهم بالتدريج.
الآن نستطيع أن نقول بكل فخر إننا نحظى بالدعم الكامل للمجتمعات المحلية في جميع أنحاء بلخ. على سبيل المثال، لم نضطر في أي حال من الأحوال إلى شراء قطعة أرض لبناء مدرسة في أي ضاحية من ضواحي بلخ. ففي كل مرة، كان الناس هم الذين يشترون الأرض أو يتبرعون بها، ويدعوننا إلى إنشاء المباني، حتى في أشد المناطق فقرا.
أتذكر في ضاحية تشار سانغ، كانت هناك قرية لم تكن بها مدرسة. وكان سكانها المحليون يعيشون تحت خط الفقر، إلا أنهم تكاتفوا معا واشتروا قطعة أرض لإقامة المدرسة. ثم أقام البرنامج المبنى عام 2012، والآن يذهب أطفالهم- جميعا- إلى المدرسة.
في الحقيقة، تبرع سكان بلخ أو اشتروا من مالهم الخاص ما يقرب من 2.4 جيريب (نحو نصف هكتار) من الأرض لإقامة مدارس عليها. وثمة مثال جيد على ذلك هو مدرسة السلطان غيث الدين الثانوية للبنين. فمدرسة الأولاد هذه التي تعد أقدم المدارس في مزار الشريف تأسست عام 1937. انضمت المدرسة إلى برنامج تحسين جودة التعليم عام 2008 وحصلت على إحدى منح تحسين الجودة وقدرها 275 ألف أفغاني في عام 2009 ومنحة أخرى بقيمة 141 ألف أفغاني عام 2011. وفي عام 2013، كرمت المدرسة باعتبارها مدرسة نموذجية وحصلت على منحة المدرسة النموذجية وقدرها 15 ألف دولار لإنشاء مختبر علمي، ومكتبة، ومعمل كمبيوتر. إلا أن عدم وجود مبنى مناسب للمدرسة كان محط قلق بالنسبة للطلاب والمعلمين.
ثم قدم البرنامج منحة تطوير البنية الأساسية لمساندة إنشاء عشرة فصول، إلا أن هذا لم يكن كافيا لاستيعاب كل الطلاب. فاتصل مجلس شورى المدرسة (الإدارة) بالحاج محمد شريف، أحد رجال الأعمال في إقليم بلخ للمساعدة. وتوجهت أنا وأعضاء مجلس الشورى إلى منزله لطلب المساعدة في إنشاء المبنى. وأخيرا، تم إنشاء مبنى مدرسة السلطان غيث الدين الثانوية للبنين بمساعدة الحاج شريف الذي قدم تبرعا بقيمة 400 ألف دولار.
في اختبار كانكور عام 2015، وهو امتحان الثانوية الإجباري الذي يدخله كل طلاب الجامعات في أفغانستان، كان الطالبان اللذان حصلا على المركزين الأول والثاني من طلاب هذه المدرسة. إن الابتسامة والنجاح جعلاني سعيدا للغاية، فالتعليم هو السبيل للتقدم وأنا جزء من تطور بلادي، والفضل يعود إلى برنامج منح تحسين الجودة.
تتولى وزارة التعليم تنفيذ البرنامج، وكان يُمول في البداية من المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق مجموعة البنك الدولي لمساعدة أشد البلدان فقرا. ثم تولى صندوق إعادة إعمار أفغانستان التمويل باعتباره شريكا في تمويل البرنامج.
انضم إلى النقاش