نشر في أصوات

حماية الأرض مسؤولية يتحملها الجميع

الصفحة متوفرة باللغة:
Photo by CIAT via CIFOR Flickr

عندما أنظر إلى معدل استنزاف الموارد، وتآكل التربة، وتقلص المخزون السمكي، وإلى آثار تغير المناخ على كل الأنظمة الإيكولوجية تقريبا، فإنني أرى عالما ماديا يمضي حتما نحو التدهور ببطء. أنا أسمي ذلك "الواقع المتردي"- وهو الواقع الجديد- للظواهر القادمة ببطء التي تجعلنا نركن إلى السلبية والقبول بعالم أقل ثراء وتنوعا.

لقد رأيت في حياتي المياه الزاخرة بالأسماك متعددة الألوان تتحول إلى مياه آسنة كأحواض السمك الفارغة. رأيت شوارع مدينة بوغوتا، مسقط رأسي، تفقد آلاف الأشجار في عدة سنوات. إن الركون إلى القنوط أمر مغر. لكن مع اجتماع المتخصصين في المناطق المحمية وأنصار الحفاظ على الطبيعة ومتخذي القرار بالعالم في مدينة سيدني الأسترالية هذا الأسبوع بالمؤتمر العالمي للمتنزهات، ثمة الكثير أيضا مما يأمله المرء. منذ انعقاد المؤتمر الأول في ديربان بجنوب أفريقيا قبل أحد عشر عاما، حققنا تقدما ملموسا في توسيع مظلة المناطق اليابسة والمائية الداخلية المحمية على كوكب الأرض من نسبة 3 في المائة عام 2003 إلى 15 في المائة اليوم. وأسهم البنك الدولي في هذا التحسن بمشاريع عديدة ساعدت على ترسيخ وتدعيم التمويل للمناطق المحمية، من الأمازون البرازيلي، إلى مستعمرات الشعاب المرجانية في إندونيسيا وغابات الأمازون في البرازيل. كما أحرزنا تقدما مهما في نظرة الناس إلى الطبيعة. بات الناس يدركون بالتدريج أن كوكب الأرض هو بيتهم، وأنهم يستطيعون- بل ينبغي عليهم- لعب دور نشط في الحفاظ عليه. ليس هذا من المسلمات كما يوحي ذلك، إذ يظل هناك الكثير مما يتعين عمله.

وفي الوقت الذي ينتقل فيه الناس إلى المدن وتنحوا البلدان نحو التصنيع، نرى أربعة أجيال جديدة تعدم الفهم الأساسي للصلات بين الأنظمة الإيكولوجية السليمة والطعام والماء التي يعتمدون عليها من أجل البقاء على قيد الحياة. (اسأل طفلا من أين تأتي الدجاجة وسيشير على الأرجح إلى مبرد السوبر ماركت). كما أن الحياة البرية، من الأفيال إلى نحل التلقيح المتواضع، تواجه خطر التعامل معها باعتبارها مخلوقات ترفيهية يمكن الاستغناء عنها ولا ترى إلا في حدائق الحيوان أو الأفلام الوثائقية، بدلا من أن تعامل كشركاء وجيران أساسيين في المنظومة الإيكولوجية.

ويدخل المحاسبون كأبطال غير متوقعين في معركة الحفاظ على الطبيعة. فقبل عشر سنوات، كان القليل من البشر يفهمون فكرة حساب رأس المال الطبيعي. واليوم، ثمة طلب متنام على ذلك النوع من العمل الذي تؤديه نظم حساب الثروة وتقييم الأنظمة الإيكولوجية، على سبيل المثال: يطلب المزيد من البلدان المساعدة في تقييم حساباتها الطبيعية (ماهي كميات المياه لدينا؟ ما الذي يحدث لمخزونات الكربون بالغابات؟). ويهتم المزيد من البلدان والشركات الخاصة بالذهاب إلى ما وراء إجمالي الناتج المحلي وصافي الأرباح المالية، لفهم الضمان طويل الأجل لنموهم وسلاسل التوريد الخاصة بهم. ويكتشف متخذو القرار والمستثمرون من جديد أن صحة الأصول الطبيعية تمثل الركيزة للثروة والرفاهة على المدى الطويل. وفي سيدني هذا العام، يركز جانب كبير من المناقشات على قيمة المناطق المحمية في الأراضي الريفية الأوسع نطاقا وكجزء لا يتجزأ من الاقتصاد الفاعل الذي يتضمن موارد كسب الرزق والوظائف وخدمات النظام الإيكولوجي.

وقد أدى الوعي بتغير المناخ، والذي كان عند أدنى مستوى له قبل عشر سنوات، أيضا إلى مساعدة الناس على تركيز أذهانهم على الموارد المحدودة على كوكب الأرض. وقد أدت البرامج التي تسعى إلى خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات) وإلى التخفيف من آثار تغير المناخ إلى إفساح المجال السياسي في العديد من البلدان لمناقشة استغلال الأراضي في مختلف القطاعات والتفاوض حول سبل الحفاظ على بقاء المزيد من الغابات. وقد أكدت الظواهر المناخية الشديدة على قيمة العوازل الطبيعية كأشجار المانغروف الساحلية وسفوح التلال الشجرية للحفاظ على القدرة المادية والاقتصادية على التكيف والصمود.

يقولون إن المعرفة قوة. والآن، حان الوقت لتحويل الفهم إلى عمل على كافة مستويات المجتمع وفي جميع القطاعات الاقتصادية. إن لدينا الفرصة لنقل الاستمرارية البيئية من قلق أخلاقي هامشي إلى جزء محوري من إستراتيجيات التنمية، ولاستثمار التحسن في توفير المياه، وفي الأمن الغذائي، وفي النقل ومجالات أخرى لا تحصى، وبوتيرة مستمرة.

ورغم أن الاتجاهات البيئية تبدو مضنية، فإن العديد من الحلول تبدو عادية نسبيا- من إدارة الثروة الحيوانية من أجل السماح بالنمو الطبيعي للأشجار والحشائش، إلى حماية الشعاب المرجانية التي توفر جيوبا مائية للتكاثر؛ ومن تحسين ممارسات صيد الأسماك إلى فرض القوانين البيئية والتحقيق في جرائم الحياة البرية، ومن التخطيط لزيادة تقليص نمو المناطق الحضرية، إلى بناء شبكات النقل بالحافلات السريعة.

إننا نعيش في عصر الأنثروبوسين الذي يشير إلى الحقبة الأخيرة التي بدأت حينما شرعت الأنشطة البشرية تؤثر بدرجة كبيرة في الأنظمة الإيكولوجية للأرض. دعونا نتوقف عن التظاهر بأن الحد من تدهور كوكب الأرض هو مهمة شخص آخر.


بقلم

Paula Caballero

Former Senior Director, Environment and Natural Resources Global Practice

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000