نشر في أصوات

وضع تصور للنظام المالي العالمي خلال عشر سنوات

الصفحة متوفرة باللغة:
Image
 

أربعة اضطرابات غير مسبوقة تؤثر على النظام المالي العالمي. التغيرات المناخية والهجرة وأعمال المصارف المراسلة وجرائم شبكة الانترنت تخلق ضغوطاً غير مسبوقة وغير متوقعة على الأسواق المالية العالمية. 

وهذه العناصر لا تعطّل النظام المالي العالمي فحسب، وإنما تؤثر أيضاً علي رؤيتنا للعمل الإنمائي الدولي.

ولنناقش كل من هذه التوجهات:

1- "التوجه نحو القطاع المالي المراعي للبيئة" يعد المصطلح الجديد الشائع لتمويل الانتقال نحو اقتصاد أكثر قدرة علي مواجهة التغيرات المناخية والتغلب عليها. وأصبح هذا الموضوع يحظى بالكثير من اهتمام مجموعة العشرين و مجلس الاستقرار المالي. ويحاول المجتمع الدولي أن يفهم ما يقتضيه هذا التحول: مدى قدرة القطاع المالي على الصمود إزاء المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، ومدى فعالية القطاع المالي في تخصيص الموارد المالية اللازمة لهذا الغرض. ما نعرفه هو أن الدعم الحالي للوقود الأحفوري وغياب ضريبة الكربون يعوقان دون تحويل السوق الموارد المالية اللازمة من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المراعي للبيئة.

2- على مستوى العالم، هناك نحو 65 مليون شخص يتم تهجيرهم قسراً. وبالطبع فإن الهجرة أو إعادة التوطين أو الترحيل تؤثر على مكان إيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها ووسيلة ذلك. ولكن الأهم أنه مع استقرار النازحين - سواء مؤقتاً أو علي المدى البعيد - ليصبحوا قادرين على الوفاء باحتياجاتهم وتحقيق النجاح، فإنهم سيحتاجون إلى إقامة علاقات مالية جديدة. وذلك يمكن أن يكون لإجراء معاملات بسيطة مثل تلقي المساعدات من خلال بطاقات الدفع (كبديل عن المساعدة النقدية) أو لإرسال تحويلات مالية. أو ربما يكون أكثر تعقيدا مثل الحصول على قرض أو بدء نشاط تجاري.

3- في الوقت نفسه، ونظراً لأن القطاع المصرفي العالمي يشدد من اللوائح والقوانين، فإن عددا كبيرا من المصارف ينسحب من أعمال المصارف المراسلة ويغلق بعض خطوط الأعمال غير المستدامة جدواها. وكان لهذه الظاهرة الحديثة أثر كبير في بعض المناطق على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعلى شركات تحويل الأموال التي تتعامل أساسا في التحويلات المالية.

4- لم تعد جرائم الانترنت مجرد أفلام مثيرة من أفلام الخيال العلمي، بل أصبحت خطراً محتملاً وملموساً علي مستوى الأسواق المالية الوطنية والدولية. وتزايد الإهتمام بمخاطر الأمن الإلكتروني، بالتوازي مع انتشار الانترنت وتكنولوجيا المعلومات. وغيرت التكنولوجيا المالية وجه القطاع المالي - من خلال زيادة إمكانية الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة للحصول على الخدمات المالية بعد أن كانوا يعانون من إهمال النظام المالي السابق لهم - غير أنها أثارت العديد من التساؤلات بما في ذلك المخاوف المتعلقة بالأمن الإلكتروني. فالتقدم التكنولوجي الذي يدفع التكنولوجيا المالية قدماً، يواجه هو ذاته مخاطر تتعلق بالأمن الإلكتروني. وعلى أية حال، هناك حاجة إلى إعداد إطار تشريعي مناسب يتوافق مع أفضل ممارسات هذا القطاع. وهذا الإطار آخذ في التطور، وتسعى الجهات الرقابية جاهدة لتحديد سبل تنظيمه وتوقيت ذلك.

وكما تبين لنا هذه المسائل، فإنه ليس هناك فاصل بين التنمية الدولية والقطاع المالي والحوكمة: فبدون قطاع مالي اشتمالي مرن ومستقر وفعال، وبدون حوكمة رشيدة، لا يمكن للتنمية أن تتحقق.

ونحن في حاجة إلى بدء نقاش الآن حول أفضل السبل لمواجهة هذه العوائق وتحويلها إلى فرص بدلاً من تركها لتصبح عناصر خطر تهدد الاستقرار.

لقد شرع العالم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. وثمانية من هذه الأهداف تعتمد على التمويل، غير أنه لا يمكن تحقيق أي من هذه الأهداف إذا ما كان النظام المالي العالمي يعاني من الاضطراب.

فالعالم يحتاج إلى قطاع مالي اشتمالي مرن مستقر ويتسم بالعمق.

وتدرك المراكز المالية العالمية والقوى الاقتصادية هذا الأمر، وتطالب بالمشاركة في أجندة التنمية الدولية.

ونحن، في مجموعة البنك الدولي، نعمل بالفعل مع مختلف البلدان لمساعدتها على بلوغ هدف تنمية قطاعاتها المالية. وينتظم دعمنا من خلال ثلاثة مجالات أساسية:

• بناء الاستقرار والسلامة المالية للبلدان من خلال تحديد نقاط الضعف عبر الدراسات التشخيصية ودعم الاستعداد لمواجهة الأزمات وتحسين أطر التنظيم والإشراف.

• زيادة إمكانية الحصول على الموارد التمويلية، وتعزيز تعميم الخدمات المالية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة.

• التركيز على التمويل البعيد المدى وإدارة المخاطر لمساعدة البلدان على تطبيق أدوات جديدة وحلول لأسواق رأس المال من أجل سد الفجوة التمويلية فيما يتعلق بتغير المناخ والزراعة والبنية التحتية والإسكان وفرص العمل.

واستكمالاً للعمل على مستوى كل بلد، فإننا نشترك بشكل وثيق مع هيئات وضع المعايير العالمية من أجل ضمان إيصال صوت الأسواق الناشئة واحتياجاتها وشواغلها عند صياغة المعايير العالمية.

إن القيمة المضافة لمجموعة البنك الدولي هي نفسها على المستوين الوطني والعالمي، وهي الدفاع عن احتياجات البلدان النامية وتمثيلها.


نشرت هذه المدونة أولا في موقع هافنغتون بوست.


بقلم

Gloria M. Grandolini

Former Senior Director for Finance and Markets Global Practice, Finance & Markets, and Chair of the Global Remittances Working Group

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000