نشر في أصوات

كم عاما يمضيه اللاجئون في المنفى؟

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English

"متوسط الفترة التي يمضيها اللاجئون في المعسكرات هي 17 عاما." هذه الإحصاءات القاسية اقتبست مرات عديدة، مما أثر على تصورنا لأزمات اللاجئين كأحداث لا تنتهي وتدور عجلتها خارج نطاق السيطرة. ولهذا مغزاه عند تحديد نوع المساعدات المطلوبة، والمزج بين الدعم الإنساني والإنمائي، والاستجابات الممكنة للأزمة.

هل هذا صحيح؟ ليس بالضبط.

في الحقيقة، تأتي إحصاءات "السبعة عشر عاما" من تقرير داخلي وضعته مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين عام 2004 مصحوبا بالعديد من المحاذير التي ضاعت في الطريق. الإحصاءات لا تشير إلى المخيمات حيث أن الغالبية العظمى من اللاجئين تعيش خارجها. تقتصر هذه الإحصاءات على أوضاع استمرت خمس سنوات أو أكثر، ومن ثم فهي تشكل متوسط الزمن الذي يستغرقه استمرار أطول الأوضاع، وليس كل الأوضاع. والأهم، هو أنها تشير إلى الفترة التي تستمر عليها هذه الأوضاع، وليس إلى الفترة التي يقضيها الناس في المنفى.

ولنأخذ وضع اللاجئين الصوماليين في كينيا. فقد بدأوا يتدفقون بأعداد كبيرة حوالي عام 1993، أي منذ ما يقرب من 23 عاما. ويقدر عددهم حاليا بنحو 418 ألفا. لكن هل نستطيع أن نقول إن كل هذا العدد في المنفى منذ 23 عاما؟


في الحقيقة، تتسم أوضاع النزوح القسري بالديناميكية التلقائية.  وكما نرى في الشكل 1، تتباين الأرقام كل عام: فهي تعكس التطورات السياسية والعسكرية في البلد الأصلي الذي أتى منه اللاجئون.  في الواقع، لم يكن جانب كبير من مجمل العدد الحالي قد وصل قبل عام 2008، أي منذ ست أو سبع سنوات مضت.

Image
الشكل 1 عدد اللاجئين الصوماليين في كينيا (بيانات مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين) بالتزام هذا الخط، واستخدام البيانات الصادرة عن المفوضية في نهاية 2015، أعدنا تحديد التواريخ الأولى التي يمكن أن يكون مختلف الحشود من اللاجئين قد وصلت فيها في كل موقف (انظر ورقة العمل.) ثم قمنا بتجميع كافة الأوضاع تحت بند "جموع اللاجئين في العالم" واحتسبنا المتوسطات العالمية ومتوسط فترات إقامتهم في المنفى.


إذن، ما هي النتائج؟

عندما ننظر إلى "جموع اللاجئين في العالم" (انظر الشكل 2)، نستطيع الآن أن نميز العديد من القصص البارزة للنزوح.
 

Image
الشكل 2 عدد اللاجئين حسب سنة اللجوء هناك حشود ضخمة تقدر بنحو 8.9 مليون لاجئ حديث وصلوا خلال السنوات الأربع الماضية. من بينهم 4.8 مليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى من فروا من جنوب السودان (0.7 مليون)، وأفغانستان (0.3 مليون)، وأوكرانيا (0.3)، وجمهورية أفريقيا الوسطى (0.3 مليون)، وباكستان (0.2 مليون).


كما أمضى حشد كبير آخر يضم نحو 2.2 مليون لاجئ ما بين 5 و9 سنوات في المنفى. يضم هذا العدد لاجئين من أفغانستان (0.5 مليون)، والكتلة الأكبر من اللاجئين الصوماليين الحاليين (0.4 مليون)، ومن فروا من كولومبيا (0.3 مليون)، وميانمار (0.2 مليون).

كان هناك نحو مليوني لاجئ في المنفى بين عشر سنوات إلى 34 سنة.  يشمل هذا سنوات كانت الأعداد خلالها منخفضة نسبيا، وواقعتين كانت الأعداد فيهما هي الأعلى حينما وصل منذ 14 عاما مضت 0.2 مليون لاجئ سوداني، وقبل حوالي 24 و 25 عاما مضت بوصول 0.1 مليون صومالي ومثل هذا العدد من الإريتريين.

وأخيرا، هناك عدد كبير من اللاجئين في المنفى منذ ما بين 35 و 37 عاما : هذا العدد الذي يبلغ 2.2 مليون لاجئ يتألف أساس من الأفغان، علاوة على 0.3 مليون من أصل صيني فروا إلى الصين أثناء الحرب مع فيتنام عام 1979. وأخيرا، هناك القليل من الأوضاع التي طال أمدها كثيرا ليصل إلى 55 عاما، في مقدمتها أفريقيا جنوب الصحراء.

نستطيع الآن التحول إلى متوسط الفترات الزمنية. اعتبارا من عام 2015، وصل متوسط فترات اللجوء إلى أربع سنوات، أي أن نصف اللاجئين في جميع أنحاء العالم يقضون أربع سنوات أو أقل في المنفى.  ويتأرجح متوسط العدد على نطاق واسع منذ نهاية الحرب الباردة عام 1991 بما بين أربع سنوات و14 عاما، لتصل حاليا إلى أقل متوسط لها في التاريخ. وعلى النقيض، فإن متوسط الفترة الزمنية يقف عند 10.3 عاما، وأصبح مستقرا نسبيا منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي عند ما بين 10 سنوات و 15 عاما.

إلا أن هذا يفضي إلى نتيجة مهمة أخرى: أن الاتجاهات يمكن أن تكون ضد المنطق. في الواقع، التراجع في متوسط فترة المنفى لا يعني عادة تحسنا، بل بالأحرى تحسنا في تداعيات تدهور الوضع العالمي. تتزايد المتوسطات بالأعوام حينما يكون هناك عدد قليل نسبيا من اللاجئين، وتتناقص عندما يتوافد عدد كبير من الناس، على سبيل المثال من عام 1993 إلى 1994 (مع الصراع في يوغوسلافيا السابقة وفي رواندا)، وبين عامي 1997 و 1999 (مع الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومناطق أخرى من أفريقيا)، وبعد 2003 (مع الصراع في العراق وفي الصومال وفي السودان)، ومنذ عام 2013 (مع الصراع في سوريا).

كما نظرنا إلى عدد من أمضوا أكثر من خمس سنوات في المنفى. منذ نهاية 2015، استقر هذا العدد عند 6.6 مليون شخص، وظل مستقرا إلى حد كبير منذ 1991 عند ما بين خمسة وستة ملايين خلال أغلب الفترة. بالنسبة لهذه المجموعة، يتزايد مع ذلك متوسط فترة العيش في المنفى مع مرور الزمن- ويعزى هذا إلى حد كبير إلى وضع اللاجئين الأفغان الذي لم يحسم بعد والذي يدفع بالمتوسطات إلى أعلى. وقد زاد حاليا عن 20 عاما.

هذا التحليل الموجز لبيانات مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين يكشف أن البيانات المتاحة عن اللاجئين يمكن أن تستخدم لتوضيح بعض الجوانب المهمة للنقاش حول السياسات.  لكن من المهم التأكد من أن هذا النقاش مدعوم بالأدلة، وهو ما يمكن أن يساعد في طرح منظور أكثر دقة لقضية معقدة.


بقلم

خافيير ديفيكتور

المدير المشارك، تقرير عن التنمية في العالم 2023

كوي-تن دا

مدير مشارك، تقرير عن التنمية في العالم 2023

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000