أمام منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا اليوم فرصة لتحقيق شيء طالما ظل مستعصيا على شعوبها التي أنهكتها الحروب لعقود طويلة. فالآن يمكنها أن تُسكت المدافع، وتعزز الثقة والتجارة بين الجيران، وتعلم الملايين من أطفالها الذين هجروا المدارس، وتمكن النساء، وتوفر الفرص الاقتصادية التي يمكن أن تساعد هذه البلدان على شق طريقها نحو الرخاء والإدارة الرشيدة والاستقرار الدائم.
سنتوجه خلال الأيام القادمة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وأوغندا للقاء زعماء المنطقة والإعلان عن طائفة محددة من الالتزامات لتسريع وتيرة التنمية وتعزيز السلام. هذه الرحلة المشتركة والأولى من نوعها متأصلة في اتفاق جديد هو: "إطار السلام والأمن والتعاون في جمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة".
كان هذا الاتفاق ثمرة لتضافر الجهود بين الأمم المتحدة، والمؤتمر الدولي المعني بمنطقة البحيرات العظمى، والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، والاتحاد الأفريقي.ويقر بأن كسر دائرة الصراع الكارثي في شرق الكونغو يتطلب نهجا جديدا.
وليست إدارة الأزمات والسهر على مرحلة ما بعد القتال كافيا. فعلينا أن نعالج الأسباب الأصلية. ويدعو الاتفاق الذي وقعه 11 بلدا زعماء المنطقة إلى التحرك بدعم من المجتمع الدولي نحو التصدي
للتحديات المشتركة المتصلة بالأمن والتنمية. ونظرا لضرورة الوفاء بالوعود المقطوعة، فإن الاتفاق يتضمن آليات صارمة للرقابة للتيقن من الالتزام بالمعايير المرجعية.
ونعتقد أن هذا النهج الشامل والجديد يتيح للكونغو الديمقراطية ومنطقة البحيرات العظمى أفضل فرصة للسلام والتنمية الاقتصادية تتوفر لها منذ سنوات عديدة. لكن "إطار الأمل" هذا، كما أطلقت عليه ماري روبنسون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لمنطقة البحيرات العظمى، سيتطلب عملا شاقا.
فمما يبعث على الدهشة أن 70 في المائة من سكان جمهورية الكونغو الديمقراطية يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم. فأكثر من 7 ملايين طفل- أي ثلث العدد الذي كان ينبغي أن يكون في المدرسة- يعدمون سبل الالتحاق بالدراسة. ونحو 2.4 مليون طفل يعانون النقص الحاد في التغذية. وتمثل الملاريا والكوليرا والحصبة تهديدا جسيما بسبب نقص الرعاية الصحية ومياه الشرب والصرف الصحي. وتعج الطرق بالفوضى فيما تندر إمدادات الكهرباء وترتفع كلفتها. ولا تتوفر السلع الأساسية إلا عن طريق الاستيراد. ويحتاج ما يقرب من 6.3 مليون شخص إلى الدعم الغذائي.
والعنف الجنسي مستمر بمعدلات هائلة في جميع أنحاء البلاد وكثيرا ما تستخدمه المجموعات المسلحة كسلاح في الحرب في شرق البلاد. ويوفر نقص الوظائف والفرص أرضا خصبة للإجرام. وقد هجر أكثر من 3 ملايين كونغولي ديارهم بحثا عن الأمان، من بينهم 2.6 مليون نازح داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، و 450 ألف لاجئ فروا إلى البلدان المجاورة.
وسيكون زعماء منطقة البحيرات العظمى هم المحرك الرئيسي للسلام والاستقرار والنمو الاقتصادي. وعلى الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي وكل المجتمع الدولي أن يدعموهم. ونحن نعد بأن تعمل كل من الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي معا عن كثب بطرق جديدة وقوية حتى يمضي تنفيذ الجوانب السياسية والأمنية لاتفاق الإطار جنبا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية التي تمثل عنصرا أساسيا للسلام والاستقرار الدائمين.
وبإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي وتحسين سبل العيش في المناطق الحدودية، وبتشجيع التجارة عبر الحدود، وزيادة التبادل التجاري، واستئصال شأفة الفساد، والتأكيد على إدارة الموارد الطبيعية لمصلحة الجميع، يمكننا أن نمضي بثبات نحو بناء الثقة وتحسين العيش الكريم، والدخل والفرص.
وقد أظهرت بلدان أخرى أن بإمكانها التعافي من الصراع والتقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. والآن، ننظر إلى ما بعد الموعد النهائي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية عام 2015، إلى الأجندة الجديدة للتنمية المستدامة التي ستقضي على الفقر المدقع. ويتخذ العديد من البلدان في أفريقيا خطوات ديناميكية إلى الأمام. ويستحق شعب الكونغو أن تتاح له الفرصة الكاملة للتقدم.
فلابد أن يؤدي اتفاق السلام إلى قطف ثمار السلام. ونحن مدينون لشعوب البحيرات العظمى بمساعدتها على تحقيق حلمها الذي طال انتظاره وهو: إنهاء الصراع، والتحاق الأطفال بالمدارس، واحترام حقوق المرأة، والحصول على الرعاية الصحية والطاقة المستدامة، وتوفير مصادر الدخل والفرص للجميع. وهذا هو السبب في قيامنا بهذه الزيارة. ونحن نرى في الأفق الأمل لشعوب البحيرات العظمى، وعازمون على مساعدتها في كل خطوة تخطوها على الطريق.
بان كي مون هو الأمين العام للأمم المتحدة، وجيم يونغ كيم هو رئيس مجموعة البنك الدولي.
انضم إلى النقاش