نشر في أصوات

حان الوقت للتنقل بالحافلات!

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
Image

أصبحت الزيادة السريعة في أعداد السيارات والتكدس المروري يمثلان تحديا هائلا للمدن الكبرى في بلدان العالم النامي، كما تكبدها خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة. ففي القاهرة، على سبيل المثال، يقدر البنك الدولي الخسائر الناجمة عن التكدس المروري بنحو 8 مليارات دولار سنويا، أي ما يعادل 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمدينة. وسيؤدي التسارع الخطير للتوسع العمراني في البلدان النامية إلى تفاقم هذا الاتجاه، مع توقع زيادة أعداد السكان في المناطق الحضرية بالبلدان النامية إلى الضعف من 2 نسمة إلى 4 مليارات في الفترة من عام 2000 إلى 2030.

في هذا السياق، من المتوقع أن يتألق دور خدمات الحافلات العامة إلى حد كبير. إذا كانت شبكات النقل العام بالحافلات قد ركزت في الماضي على توفير خدمات النقل بأسعار في متناول فقراء الحضر، فينبغي اليوم أن تكون وسيلة النقل المختارة حتى لمن في وسعهم امتلاك سيارات خاصة ويريدون أن يكونوا جزءا من استراتيجية أكثر شمولا للنقل السريع في المدن للتخفيف من آثار الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات. وهذا يطرح تحديا هو: هل يمكن لخدمة النقل بالحافلات أن تفي بأهدافها الاجتماعية وأن تظل متاحة بأسعار معقولة، وفي الوقت نفسه تقدم خدمة أفضل لجذب أصحاب السيارات وتبادر بهذا التغيير في السلوك؟
 

Image

إن سيول هي نموذج لمدينة اتخذت سلسلة من الإجراءات لتحديث شبكة النقل بالحافلات العامة وتحقيق هذه النقلة النموذجية. في 17 يوليو/تموز، وقد تحدث الدكتور جين يونغ بارك، مدير معهد النقل الكوري، في ندوة على الإنترنت عن تحديث خدمة النقل العام بالحافلات شارك في تنظيمها وحدة البنية الأساسية لشرق آسيا التابعة للبنك الدولي (EASIN)، ومحور النقل (TWITR)، ومعهد البنك الدولي (WBI). وتعتبر شبكة النقل العام بالحافلات في سيول معيارا للقياس في المدن بالبلدان النامية من حيث تحقيق التوازن بين الأهداف المتمثلة في توفير خدمة جيدة للنقل بالحافلات وبأسعار في متناول الجميع. وحدد الدكتور بارك عددا من التدخلات الأساسية التي تم الاضطلاع بها كجزء من جهود سيول لتحديث الحافلات.

لنقل التركيز على خدمة أفضل جودة، جاء التدخل الأول لتغيير هيكل الإيرادات لمشغلي الحافلات من إيرادات تستند إلى عدد الركاب إلى إيرادات تستند إلى المسافات. ويمكن لنموذج الإيرادات المستند إلى عدد الركاب أن يثني جهات تقديم الخدمة عن تغطية المناطق البعيدة والفترات خارج ساعة الذروة، ويمكن أيضا أن ينجم عن وجود جهات عديدة لتقديم الخدمة قيادة متهورة للحافلات نتيجة التنافس على الركاب. وعلى النقيض من ذلك، عندما يتم دفع أجرة النقل لمقدم الخدمة على أساس المسافات المقطوعة والقدرة على استيفاء مستويات الجودة المنصوص عليها مسبقا، فإن هذا يشجع على توسيع التغطية بشبكة النقل بالحافلات وتحفيز التشغيل الآمن المنتظم للحافلات العامة.

كما أعادت سيول تنظيم طرقها على أساس نموذج "الطرق الرئيسية والفرعية".،وتم تجميع مسارات الحافلات في أربع فئات رئيسية:

1- الطرق الرئيسية التي توفر الربط الإقليمي بين الضواحي ووسط المدينة مع التركيز بشكل رئيسي على سرعة التشغيل والدقة.

2- الخطوط الفرعية لتوفير الربط من وإلى الخطوط الرئيسية وشبكة مترو الأنفاق.

3- الخطوط الدائرية التي عملت كخطوط محلية داخل منطقة وسط المدينة لخدمة أنشطة الأعمال، ورحلات التسوق وحركة السياحة.

4- خطوط للمناطق الواسعة لتوفير الربط السريع بين المدن التابعة ومنطقة وسط المدينة لاستيعاب رواد سيارات الركاب.

ساعد إعادة تصميم الشبكة على بناء شبكة حافلات أكثر كفاءة ما لبثت في الواقع أن خفضت عدد مسارات الحافلات المطلوبة لخدمة منطقة سيول الكبرى.

وثمة تدخل رئيسي آخر لتشجيع استخدام الحافلات تمثل في إصلاح نظام تعريفة وسائل النقل العام. طبقت سيول نظام تعريفة محايد من حيث الطرق باستخدام البطاقات الذكية لتشجيع الانتقال بين مختلف الطرق والمسارات. نظام أجور جديد يقوم على أساس المسافات المقطوعة بغض النظر عن وسيلة النقل وعدد التنقلات (بحد أقصى خمسة تنقلات).

كما أدرج الدكتور بارك استخدام التكنولوجيا كعامل مهم. وقد أرست المدينة نظام إدارة الحافلات لإرسال وتتبع الحافلات بكفاءة أكثر والسماح بنشر المعلومات (فترات الانتظار، التحذيرات المرورية، إلخ) لنقل المستخدمين. ومن شأن الحصول على المعلومات الموثوق فيها تسهيل التخطيط للرحلة بالنسبة للمستخدمين الذين يمكنهم الحصول على المعلومات الفورية عند مواقف الحافلات، وعبر الإنترنت، أو الهواتف والهواتف الذكية.

وقد يبدو تقرير الاستثمار في تشجيع تجربة السفر وتحسين البنية الأساسية المتصلة به (محطات الحافلات، وحارات السير للحافلات) واضحا، لكن مخططي النقل في مناطق الحضر في حاجة إلى إجراء اختيارات صحيحة لتعظيم العائد من هذه الاستثمارات. وقد رفعت سيول مستوى أسطولها من الحافلات لأداء مختلف الوظائف على الطرق، على سبيل المثال، الحصول على حافلات مميزة للطرق الرئيسية، وحافلات متوسطة الحجم للخطوط الفرعية والطرق الدائرية. كما تم تحويل أسطول الحافلات ليعمل بالغاز الطبيعي المضغوط بدلا من الديزل. وبحلول عام 2011، مدت المدينة أكثر من 157 كيلومتر من حارات السير المخصصة فقط للحافلات، و 13 ممر لحافلات النقل السريع لتكمل شبكة مترو الأنفاق الممتدة.

إن تحديث حافلات النقل العام في سيول هي قصة نجاح يمكن أن تكون مصدر إلهام للمدن في العالم النامي لتوقع وتلبية الاحتياجات المتغيرة للنقل في مناطق الحضر. كما تبين أنه مع التخطيط الذكي والدقيق، ربما يكون التكدس وزيادة عدد السيارات واحدا من الآثار الجانبية للنمو الاقتصادي التي يمكن تجنبها.


بقلم

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000