نشر في أصوات

إذا نظرنا إلى الوراء: هل كان مطار الملكة علياء الدولي شراكة ناجحة بين القطاع العام والخاص؟

الصفحة متوفرة باللغة:
هذه المدونة متوفرة باللغات التالية: English
Image


أحيانا ما يكون ممارسو شراكات القطاع العام والخاص مذنبين باعتقادهم أن التوقيع على الاتفاق هو نهاية القصة. ولا تستطيع أن تلومهم حقا. فإنشاء شراكة ناجحة عملية طويلة الأمد مع كثير من الجهات الفاعلة المعنية، لكل أولوياته. ويجب أن تتم المراجعات التفصيلية التقنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية للتأكد من جدوى المشروع وقابليته للحصول على قرض. وكثيرا ما تكون الإصلاحات القطاعية لازمة. ويجب أن يبقى الأطراف المعنية -بما في ذلك جمهور المواطنين- على علم تام بالتطورات. ويجب أن يكون العطاء التنافسي الحيوي لأي شراكة شفافا تماما، حتى لا يشك أحد في مشروعية النتائج. إنها عملية طويلة شاقة حتى النهاية، وأنا لا ألوم ممارسي هذه الشراكات من رفع العلم بمشقة وإعلان النصر ثم المضي قدما.

ولكن التوقيع ليس النهاية؛ بل إنه البداية. ويمكن إعلان النجاح حقا حتى تحقق الشراكة نتائج حقيقية للناس. ففي بعض الأحيان، تضيف متابعة الشراكة مرحلة جديدة للمشروع، وأحيانا تنضم جهات جديدة. وعلى أي حال، فالأمر يستحق دراسة نتائج مشاريع الشراكات لمعرفة ما حدث واستخلاص الدروس القيمة.

ويعد مطار الملكة علياء الدولي في الأردن، الذي يعالج كل حركة الملاحة الجوية تقريبا في المملكة، مثالا ممتازا. فعندما أنشئ كانت معدلات الحركة الجوية والنمو الاقتصادي منخفضة. ولكن السياحة المتنامية باطراد والنمو الاقتصادي القوي شكلا ضغطا على قدرات المطار. وكان من الواضح أن ثمة حاجة إلى صالة جديدة، ولكن الحكومة لم تكن تملك الموارد أو الخبرة اللازمة لتحقيق ذلك. وقامت مؤسسة التمويل الدولية بدور مستشار العملية للشراكة، وتمت المناقصة بنجاح في مايو أيار 2007. وكان الامتياز لمدة 25 سنة هو أول شراكة في المطارات في الشرق الأوسط وأُشيد به باعتباره نجاحا كبيرا.

استغرق المشروع أكثر من خمس سنوات ليستكمله الشركاء من القطاع الخاص - تحالف من شركات إقليمية ودولية. وافتتح في 2013 الصالة الجديدة تحت إدارة هذا التحالف. وأدى نجاح الشراكة إلى زيادة التمويل في 2014، بترتيب من مؤسسة التمويل الدولية في شراكة مع البنك الإسلامي للتنمية وكذلك عن طريق مصارف تجارية لتوسيع المرافق والخدمات. لماذا كان هذا ضروريا؟ لأن النمو في الحركة السنوية كان أعلى بكثير مما كان متوقعا (7.7% بدلا من 4.7%).

هل كانت الشراكة الأولى ناجحة؟ إذا نظرنا إلى الوراء، نرى أنها كانت كذلك. ولهذا السبب:

• للمطار القدرة على معالجة الطلب والنمو الطويل الأجل -يمكنه أن يدير اليوم 12 مليون راكب ويعمل كمركز إقليمي.

• مرافق وخدمات أفضل - تفي بأفضل الممارسات الدولية- اجتذبت المزيد من الركاب والخطوط الجوية.

• تعزيز سمعة الأردن كدولة حديثة.

• يسهم المطار في تعزيز السياحة وأنشطة الأعمال ومن ثم يدعم النمو الاقتصادي - هذا المطار النموذجي ولد أكثر من مليار دولار من الاستثمار الأجنبي وتعزيز العمالة، دون استنزاف الموازنة العامة. 

فليس من المستغرب إذن أن المشروع تلقى العديد من الجوائز، وأحدثها هو الاعتراف به باعتباره أفضل مطار في الشرق الأوسط من جانب المجلس الدولي للمطارات لمدة سنتين متتاليتين (2014 و2015). ومنذ إنشاء الشراكة ارتفع ترتيبه العالمي ارتفاعا هائلا من 186 إلى 30.

ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. نجح نموذج الشراكة الأولية، وتمكنت من استيعاب تغيرات وتحديات غير متوقعة. وشملت هذه التعديلات التصميم الذي كان له أثر على البناء. وجرى العمل أيضا أثناء أحداث الربيع العربي، التي ربما كانت غيرت اقتصاديات المشروع، لكن حركة المرور أثبتت مرونة وتم دعمها عن طريق قيام المشغّل الجديد بحملة تسويق قوية بين شركات الخطوط الجوية.

عقد كامل مر منذ توقيع اتفاقية الشراكة الأولى، وقد تعلمنا بعض الدروس القيمة جدا التي تنطبق على مشاريع الشراكة:

• المساندة والمشاركة الحكومية شرط مسبق أساسي لنجاح الشراكة.

• للقطاع الخاص دور في تحقيق الحكومات أهدافها في مشاريع البنية التحتية الضخمة.

• عملية الشراكة يجب أن تكون منصفة وشفافة إذا أردنا أن تؤتي الاتفاقية ثمارها في الأجل الطويل.

• الإعداد الدقيق في مرحلة التصميم، ولا سيما من خلال دراسات الجدوى، يتيح المعلومات اللازمة للحكومة والشركاء المحتملين من القطاع الخاص لاتخاذ قرارات جيدة. وهذا يتطلب مزيدا من الوقت، ويخفض من المشاكل ويتيح قيمة أكبر للأموال للحكومة.

• يجب أن يكون للمشروع منطق تجاري سليم وأن يستند إلى توزيع المخاطر بين القطاعين العام والخاص توزيعا عادلا كي تصبح الشراكة مستدامة.

• يجب أن يكون لدى الشركاء من القطاع الخاص ما يكفي من التمويل والخبرة التقنية والإدارية لنجاح المشروع، ومن ثم أهمية تأهيل الاتحادات الصحيحة.

القصة لا تنتهي في 2007؛ ولم تنته في عام 2014. للقصة 15 سنة أخرى لحكايتها. لكن بدون شك، فإن مطار الملكة علياء الدولي على المسار الصحيح.


لمعرفة المزيد عن شراكات مؤسسة التمويل الدولية للمطارات

المملكة العربية السعودية: مطار المدينة
المملكة العربية السعودية: صالة الحجاج
البرازيل: مطارا جالياو وكونفينس


بقلم

Alexandre Leigh

Investment Officer, International Finance Corporation

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000