نشر في أصوات

استراتيجية جديدة للتعامل مع عدم المساواة بين الجنسين

الصفحة متوفرة باللغة:

15 ديسمبر/كانون الأول 2015— الدليل واضح: عندما تقدر البلدان الفتيات والنساء بالقدر نفسه الذي يحظى به الفتيان والرجال، وعندما تستثمر في صحتهن وتعليمهن وصقل مهاراتهن، وعندما تتيح للنساء فرصاً أكبر للمشاركة في الاقتصاد وإدارة الدخل وامتلاك الشركات وإدارتها – فإن الفوائد المتحققة تمتد إلى ما هو أبعد من الفتيات والنساء لتصل إلى أطفالهن وأسرهن، وإلى مجتمعاتهن المحلية، وإلى المجتمعات والاقتصاد بوجه عام.

هذه هي الرؤية وراء استراتيجية المساواة بين الجنسين الجديدة التي وضعتها مجموعة البنك الدولي، وترسم مساراً طموحأ نحو تحسين الفرص المتاحة للنساء والفتيات لأن هذا الأمر ليس صحيحاً أخلاقياً فقط وإنما بالغ الأهمية للتنمية الاقتصادية أيضاً.

واستناداً إلى المعارف المكتسبة من شهور من المشاورات في 22 بلداً مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص وغيرها، تعتمد استراتيجيتنا على أدلة قوية على أن الفجوات الدائمة بين الرجال والنساء تفرض تكاليف حقيقية وكبيرة على الصعيد العالمي والتي يمكن التعامل معها.

 
?????????? ????? ??????? ?? ??? ???????? ??? ???????

ويتمثل أحد المجالات التي يمكننا فيه تخفيض تكلفة عدم المساواة بين الجنسين في التوسع في الحصول على التمويل. فالنساء يُمنعن في بعض البلدان من فتح حسابات مصرفية أو خطوط ائتمان، وغالباً ما لا يملكن نوع الممتلكات التي تطلبها البنوك كضمان. وتشمل المشروعات الواعدة التي تهدف إلى التغلب على هذه القيود إعادة تنظيم الملكية مثل البضائع والضمانات المنقولة الأخرى التي من شأنها أن تسمح لهن بالحصول على الائتمان. أما من لا يملكن سوى دليل محدود على الهوية، وهي مشكلة غالباً ما تبدأ بعدم تسجيل مولد الفتاة، فإنه يمكن لوثائق أخرى مثل فاتورة الكهرباء أو المياه أن تساعد النساء على فتح حسابات مصرفية، وهو الأمر الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحد من الفقر.

تستند استراتيجيتنا الجديدة للمساواة بين الجنسين إلى أهداف أربعة، جميعها لا غنى عنها لعالم أكثر مساواة، وهي: الحد من وفيات الأمهات وسد الفجوات المتبقية في مجالي التعليم والصحة، وإيجاد فرص عمل أكثر وأفضل للنساء والرجال، وسد الفجوة بين الجنسين في الملكية والسيطرة على الأصول مثل الأراضي والمنازل والتكنولوجيا والتمويل، وتعزيز قدرة النساء على إيصال أصواتهن وتوجيه مسار حياتهن.

وتركز استراتيجيتنا على إجراءات تدخلية واعدة تحقق نتائج ملموسة وواقعية – أي نتائج تحدث تحولاً في الحياة وتمهد ميدان المنافسة بصورة حقيقية وتهيئ فرصاً للجميع.

ففي بنغلاديش، على سبيل المثال، أدت الاستثمارات في تنظيم الأسرة إلى تحسن صحة المرأة، وانخفاض معدلات وفيات الأطفال، وزيادة مشاركة الإناث فى قوة العمل. ومن المتوقع أن يدفع هذا الأمر النمو بنسبة تبلغ نحو 2 في المائة على مدار العقد المقبل. وفي منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، شهدت مشاركة النساء في قوة العمل زيادة بنسبة 7 نقاط مئوية في الفترة 2000 - 2012، وهو الأمر الذي أرجع إليه بحث للبنك الدولي انخفاضاً كبيراً بلغ 30 في المائة في معدل الفقر المدقع في المنطقة وانخفاضاً بنسبة 28 في المائة في عدم المساواة على مدار العقد الماضي.

وفي البلدان المنخفضة الدخل، يضيف سد فجوات الإنتاجية بين الإناث والذكور في قطاعات مثل الزراعة إلى النمو الاقتصادي بشكل عام. وتظهر واحدة من أحدث الدراسات التي أجريناها أن زيادة حصول المزارعات على الأراضي ورأس المال والخدمات المالية من شأنه ليس فقط تحقيق نمو حقيقي في إجمالي الناتج المحلي، ولكن أيضاً ضمان حدوث انخفاض حاد في نسبة الأشخاص الذين يعانون الجوع.

المضي قدماً

إننا نواجه اليوم التحدي المثير المتمثل في وضع نهجنا الجديد موضع التنفيذ وتكييف الحلول لتناسب السياقات المتفردة لكل بلد والبناء على أفضل ما يحقق نتائج أفضل. وسنستمر في استهداف مجالات يمكننا أن نحدث تحولاً فيها، واستغلال الشراكات، والعمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص. وسوف نبتكر ونقَيِّم.

وتُعد البنية التحتية مجالاً واعداً ولكنه غالباً ما يكون مهملاً عندما يتعلق الأمر بتعزيز المساواة بين الجنسين وتنفيذها.

وتعتمد النساء على وسائل النقل العام بصورة أكبر من اعتماد الرجل عليها، ومن شأن تلبية احتياجاتهن إلى نقل آمن منتظم وميسور التكلفة أن يفتح عالماً من العمل ويتيح فرصا أخرى أمام النساء بوجه خاص – مع توفير منظومة نقل أفضل للجميع.

وفي البرازيل، على سبيل المثال، صممت مجموعة البنك الدولي برنامجاً لتحديث شبكة النقل الآخذة في التوسع بالمناطق الحضرية في ريو دي جانيرو، مع مراعاة ارتفاع معدلات العنف على أساس الجنس وتصميم الشبكة الحضرية لتقديم مجموعة واسعة من الخدمات للنساء. وتوجد حالياً في جميع المحطات دورات مياه للنساء وإضاءة أفضل، في حين تقدم خمس محطات رئيسية خدمات قانونية وطبية واستشارية للنساء اللاتي يتعرضن للعنف. وهناك مبادرة مماثلة يجري العمل عليها في إكوادور.

إن عدم المساواة بين الجنسين يظل أحد أكبر العقبات أمام تحقيق الرخاء المشترك. فما من بلد، أو اقتصاد، أو شركة أو مجتمع محلي بإمكانه مواجهة تحديات اليوم أو تحقيق إمكانياته حتى يحقق جميع أفراده إمكانياتهم. وإننا نتطلع إلى زيادة دورنا بطرق تحقق لنا المساواة.


بقلم

سري مولياني إندراواتي

رئيس خبراء العمليات والمدير المنتدب، البنك الدولي

انضم إلى النقاش

محتوى هذا الحقل سيظل خاصاً بك ولن يتم عرضه للعامة
الأحرف المتبقية: 1000